هل يوماً ذقت هوان اللون
ورأيت الناس إليك يشيرون، وينادون:
العبد الأسود؟
هل يوما رحت تراقب لعب الصبية في لهفة
وحنان
فإذا أوشكت تصيح بقلب ممتلئ رأفة:
ما أبدع عفرتة الصبيان!
رأوك فهبّوا خلفك بالزفة:
عبدٌ أسود
عبدٌ أسود
عبدٌ أسود.. ؟
هل يوماً ذقت الجوع مع الغربة؟
والنوم على الأرض الرطبه
الأرض العارية الصلبة
تتوسد ثنى الساعد في البرد الملعون
أنّى طرفت تثير شكوك عيون
تتسمّع همس القوم، ترى غمز النسوان
وبحدّ بنان يتغوّر جرحك في القلب المطعون
تتحمل لون إهاب نابٍ كالسُّبّه
تتلوى في جنبيك أحاسيسٌ الإنسان
تصيح بقلب مختنق غصان:
وآ ذلّ الاسود في الغربة
في بلد مقياس الناس به الألوان!
***
أسبوع مرّ وأسبوعان
وأنا جوعان
جوعان ولا قلب يأبه
عطشان وضنوا بالشربة
والنيل بعيد
الناس بعيد
الناس عليهم كل جديد
وأنا وحدي ..
منكسر الخاطر يوم العيد
تستهزئ بي أفكاري المضطربة
وأنا وحدي
في عزلة منبوذ هندي
أتمثل أمي، أخواني،
والتالي نصف الليل طوال القرآن
في بلدي
في بلد أصحابي النائي
الرابض خلف البحر وخلف الصحراء
في بلدي
حيث يعزّ غريب الدار، يُحبّ الضيف
ويخص بآخر جرعة ماء عزّ الصيف
بعشا الأطفال
"ببليل ،، البشر والإيناس اذا ما رقّ الحال(1)
يا طير الهجرة .. يا طائر
يا طيراً وجهته بلادي
خذني بالله أنا والله على أهبه
قصت أقدارٌ أجنحتي
وأنا في زاوية أتوسّد أمتعتي
ينحسر الظلّ فأمضي للظلّ الآخر
***
لكن الطير مضى عنّي
لم يفهم ما كنت أغنّي