محيي الدين فارس : المرسى- وإيقاعات المماشي

ظلُّكَ الأخضرُ مضيافٌ وفي عينيكَ ثلاثون مرسى

سفنُ الليل تغطيها الفناراتُ إذا ضلَّتْ

على موجِ الخليجِ

أيها الآتي تغنيه جيادُ الريح للمرسى البهيجِ

يورقُ الصمتُ هنا ظلا.. ويمتد خياما

عندما تسقُطُ في القاعِ العبارة

ويجفُّ اللحنُ في حنجرةِ الصوت المُغنّي

ويموتُ اللونُ والايقاعُ. والشكلُ وألوانُ المساحيقِ

وتبدو الواجهاتُ

كتضاريس الوجوهِ الحجرية

كالرموز الوثنية

فالبشارات التي مَدَّتْ على المرسى رُواقا

شربتها الريحُ, دقَّتْ طبلَها الأجوفَ في الليلِ

نطاقا

ثم ألقَتْ حجرَ الأهرام, سدَّتْ كوةَ الإيماض

دارت بالممرات مُحاقا.

أيها الآتي إلينا

نحن لا نملك شيئا

نحن في خلفية اللوحةِ.. لونٌ أو إضاءة

وإطار أُبنوسي توشيه...........

تعاريجُ نقوش

وأفانينُ رتوش

كل ما نملكه أنّا نغني للرياحِ

ذات يوم صَلْصَلَتْ كلُّ النواقيس المرنة

جاء يزهو في بريد الريح للمرسى.. وولى

مزّقتْ بيرقَه الأزرق حيتانُ الخليج

نحن شاهدنا صواريَهُ تداعَتْ

ي خضم اللانهايات البعيدة

غير أنّا كل يوم في رصيف الانتظار

نسأل المرسى وأضواء الفنارات وأمواج البحار

ما نسيناه, زرعْنا في ضريحِ الليل أشجاراً من

الصبار...

ركزنا على أحجاره الصمِّ علامة

وأقمنا حوله سوراً من الأزهارِ والنجم سياجا



* * *



عندما يرتدُّ في الليل إلينا

وجهُنا المنقوعِ في كرم المدينة

نمضغُ الحنظلَ.. نجترُّ المراراتِ, نغني

تحت سقف الريح من دون ارتعاشِ

للمصابيح التي تضحكُ في وجه المماشي

نرقبُ المرسى.. وأضواءَ الفنارات البعيدة

ونغني...

سفنُ الليل  تغطيها الفناراتُ إذا ضلت

على موج الخليج

أيها الآتي إلينا

نحن لانملك شيئاً

كل ما نملكه أنَّا نغني للرياح

Author's Notes/Comments: 

    * محيي الدين فارس: تلقى تعليمه بمصر, ونشر قصائده في صحف ومجلات عربية وسودانية. وهو من رواد شعر التفعيلة, وقد صدر له (الطين والأظافر), و(نقوش على وجه المغارة), و(صهيل النهر), و(تسابيح عاشق). كرّمته الحكومة السودانية, وفاز بجائزة البابطين للشعر العربي 2004م

View sudan's Full Portfolio
tags: