لن تكون أبداً مهمة سهلة تقديم مختارات من الشعر العربي في السودان. ذلك أنك تجوس داخل غابة كثيفة متشابكة الأغصان, ربما تستحيل الرؤية فيها أحياناً, وربما تدخل في متاهة تضلّ فيها القافلة, ولكن كان لابد من التصدي لهذه المهمة الجليلة, بالرغم من كل المخاطر والصعوبات.
وتبدأ الأسئلة منذ ذلك السؤال القديم حول هوية السودان الثقافية..
وذلك البحث الدءوب حول أصول الشعر السوداني, وهل كان هناك شعر سوداني في الحضارات السودانية القديمة أيام الممالك النوبية القديمة, التي بلغت رقعتها ذات يوم مصر وفلسطين حتى اصطدمت بالآشوريين?! ففي الآثار القديمة وجدت عدة مقاطع وقصائد شعرية. لكن, هل لهذا الشعر علاقة بالشعر العربي في السودان المعاصر? أم أنه جاء في سياق بحث المعاصرين عن جذور سواء في التراث العربي, أو في التراث السوداني القديم, بأساطيره وآثاره وحكاياته الشعبية المحلية المتنوعة?
ويعتبر كتاب (الطبقات) لمحمد النورين ضيف الله, من أهم المصادر التي وصلتنا في التاريخ للشعراء, وبه نماذج قليلة من الشعر في عصر مملكة سنار 1505 - 1821م ومن هؤلاء الشعراء الشيخ إسماعيل صاحب الربابة, الذي له نغمة يفيق منها المجنون ويذهل لها العاقل, وهو شاعر اتخذه شاعر كمحمد عبد الحي رمزاً اقترب به من (أورفيوس) الإغريقي.
وقد تأثر الشعر السوداني بأساليب البلاغة من جناس وبديع وطباق, طيلة فترة المملكة السنارية, ثم في الحكم التركي المصري (1821 ـ 1881م) حين قيام الثورة المهدية, وفي أواخر هذا العهد برز عدد من الشعراء منهم السلاوي الذي سافر إلى مصر والتحق بالثورة العرابية.
ولما دخلت القوات البريطانية القاهرة كان الشاعر من المطلوبين للسلطة الاستعمارية, واحتمى بالسيد محمد سر الختم الميرغني, الذي دبر أمر سفره إلى الأستانة حيث عمل مفتشاً للغة العربية.
وكذلك برز عدد من الشعراء في فترة المهدية, ومنهم الشيخ محمد عمر البنا الذي كان معاصراً وموازياً لما فعله محمود سامي البارودي في مصر.
ثم جاء شعراء القرن العشرين, وبينهم من ولد في القرن التاسع عشر الميلادي كمحمد سعيد العباسي وعبد الله محمد عمر البنا وعبد الله عبدالرحمن الضرير. وقد واكبوا فترة الحكم الثنائي, وعاصروا شوقي وحافظ ورصفاءهما في البلاد العربية.
وقد حافظوا ورصفاؤهم من شعراء السودان كالشيخ مدثر البوشي, وعلي نور المهندس ـ (شاعر المؤتمر) ـ وأحمد محمد صالح... إلخ, على تقاليد القصيدة العربية في نماذجها العباسية والجاهلية, ودرس هذا الشعر من النقاد العرب كعبده بدوي ومحمد النويهي وأحمد أبو سعد وعبد المجيد عابدين وإحسان عباس فوجدوا فيه شعراً عربياً رصينا, ولكن أجيالاً من السودانيين بدأت منذ فترة مبكرة تتلمس الطريق نحو التجديد والحداثة, فكانت المزاوجة بين المحافظة على التقاليد والتوق الحارق إلى الحداثة والتجديد, وأتت أولى علامات الخروج على المألوف والحديث عن شعر بلا وزن ولا قافية في كتابات الناقد الأمين علي مدني 1900 ـ 1926, والتي ضمنها كتابه (أعراس ومآتم) 1927م. ثم جاء دور الناقد حمزة الملك طمبل, الذي نشر في عام 1931م ديوان الطبيعة, ثم مقالاته النقدية في كتاب الأدب السوداني, وما يجب أن يكون عليه; وقد ظللت كتاباته الأدب السوداني بالدعوة إلى أدب قومي بملامح سودانية. وسار أبناء جيله كمحمد أحمد محجوب والمرضي محمد خير (ميمان) ويوسف مصطفى التني ومحمد عثمان محجوب وخلف الله بابكر, وعشرات الأسماء المبدعة- يزاوجون بين الدعوة إلى التجديد والمحافظة على التقليد. فمنذ الثلاثينيات نشر المحجوب قصائد حرة, وكذلك فعل بابكر أحمد موسى في أوائل الأربعينيات, وهكذا كان للسودان إسهامه في حركة التجديد العربية منذ فترة مبكرة, وهي محاولات أهملها النقاد والدارسون العرب لمعاذير شتى.
وهناك في تلك الفترة شعراء كالتجاني يوسف بشير الذي يعد علامة فارقة في تاريخ الشعر السوداني وربما العربي, فهو من الذين تأثر بهم عدد من الشعراء السودانيين والعرب (أنظر شهادة صلاح عبد الصبور حول تأثره بالشابي وإيليا أبو ماضي والتجاني يوسف بشير), فالتجاني شاعر أنجز في حياته القصيرة (1910 ـ 1937) كوناً شعرياً في ديوانه (إشراقة) وفي مقالاته النقدية. وقد لقي عنتاً وخصومة من أنصار الشعر القديم تجاوزت الحدود أحياناً.
في أربعينيات القرن الماضي ران شيءٌ من السكون على الشعر, وصار اتجاه الشعراء نحو الشعر السياسي, وكانت هذه الحركة الوطنية قد قامت على أكتاف الطلائع المثقفة من خريجي المدارس الذين حملوا عبء الكفاح الوطني, وانتظموا في مؤتمر الخريجين ثم توزعوا على الأحزاب السياسية التقليدية والعقائدية, وجاءت أسماء كالهادي العمرابي ومحمد المهدي المجذوب, الذي واكب الحركة الشعرية منذ أواخر الثلاثينيات حتى رحيله في عام 1982م وهو نموذج في دواوينه المطبوعة والمخطوطة لتطور الشعر السوداني, فقد خرج من مضيق التقليد إلى فضاء التجديد.
وتبقى أهمية المجذوب كامنة في عدة أمور أهمها: أنه في مقدمته لديوان (ألحان وأشجان) 1960 قدَّم رؤية وتصوراً وقراءة لمسيرة الشعر فيها شيءٌ من الجرأة والتجديد.
كان المجذوب مظلة يأوي إليها بعض التقليديين وشعراء التفعيلة, وحتى قصيدة النثر, ولهذا ترى تقديمه لديوان النور عثمان أبكر (غناء للعشب والزهرة), وما كتبه عن محمد عبد الحي في (العودة إلى سنار) وقصائد لشعراء كإلياس فتح الرحمن وكمال الجزولي ومحمد المكي إبراهيم وعمر عبدالماجد إلخ, ليست بالمراثي لشخصه وإنما هي رؤية لمسيرة شعرية كان المجذوب واحداً من أهم رموزها.
وهناك شعراء السودان الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في مصر ومنهم: ـ محيي الدين فارس, جيلي عبدالرحمن, تاج السر الحسن ومحمد الفيتوري. وكانوا من ركائز قصيدة التفعيلة والمساهمين في تثبيت ركائزها في مصر, ولهم تجربة مميزة لفتت انتباه النقاد العرب, وانتقل تأثيرهم إلى عدة أقطار عربية. وكان هناك شعراء آخرون مثل محمد محمد علي وإدريس جماع ومحمد محمد علي شاعر وناقد, له من الدواوين (ألحان وأشجان) و(ظلال شاردة) وكتاب (محاولات في النقد), وأطروحات جامعة عن الشعر السوداني في المعارك السياسية, أما إدريس جماع فقد استقر في الذاكرة السودانية بفضل دقة تصويره وعبقرية وصفه ومزجه بين الواقعية وجماليات القصيدة. وهناك شعراء كالهادي آدم, عبد الله شابو, سيف الدين الدسوقي, مهدي محمد سعيد مِمَّن شكلوا حضوراً في الساحة الثقافية وعشرات الأسماء المبدعة التي لا يمكن أن تحتويها هذه المختارات.
ثم في أوائل الستينيات برز شعراء تيار عرف بإسم (الغابة والصحراء) حاولوا تقديم إجابات عن سؤال الهوية. وقد برز في هذا التيار: النور عثمان أبكر, محمد المكي إبراهيم, محمد عبد الحي. وكان هناك شعراء كبار قد سبقوا هؤلاء منهم محمد عثمان كجراي, صلاح أحمد إبراهيم, مصطفى سند ظلت لهم أيضاً تأثيراتهم على الأجيال التالية,
وجاء جيل آخر في السبعينيات: كمال الجزولي, عالم عباس, فضيلي جماع, محمد نجيب محمد علي, محمد محيي الدين, إلياس فتح الرحمن, حاج حمد عباس, أسامة الخواض...الخ, كانت لهم إضافاتهم على تجربة رواد شعر التفعيلة, وكتب بعضهم قصيدة التدوير, وكانت قد اتضحت أمامهم آفاق جديدة للحداثة, هؤلاء الشعراء كانوا على نحو أو آخر يتقاطعون مع مجمل التجربة السودانية التي أصيبت بالإخفاق والإحباط جراء الأنظمة القهرية والقمعية التي تعاقبت على السودان, كما في أجزاء أخرى في أفريقيا والوطن العربي.
وبحث الشعراء السودانيون منذ عقود بعيدة عن خصوصية سودانية ـ منذ الثلاثينيات ـ مستفيدين من عبقرية المكان الذي تلاقت فيه ثقافات, وتجاورت فيه حضارات, وتعددت مناخات.
والآن تتحاور في السودان الأشكال الشعرية المختلفة, وآخرها قصيدة النثر التي تكتب فيها أصوات قديمة وجديدة, منذ عبد الله حلاب ومحجوب كبلو والصادق الرضي ونجلاء عثمان التوم وربيعة هارون, وأسماء كثيرة تجسد أيضاً على طريقتها ذلك التوق إلى الحداثة, الذي أشرنا إليه في مسيرة تتداخل مع حركة الشعر العربي ولا تنفصل عنها..
السودان الشاعر
محمد أحمد محجوب*
النازلينَ ضفافَ النيل نغبطُهم والصاعدينَ جبالَ الأرز واحرّبي
(بالرما) يا صاحِ كم من غادة لعبتْ بالرمل, فازدانَ ذاك الثغر باللعبِ
وكم فتاة اذا مادَتْ وإن خطرَتْ ترنح القوم من سُكر ومن طَرَبِ
وإن تفتح وردُ الخد مبتسماً فأي كفٍّ لذاك الوردِ لم تثبٍ?
وذات دلٍّ تريكَ الحبَّ مازحةً وإن تُغازلْ فلم ترحمْ ولم تجب
الله يعلمُ كم في الثغر من مرحٍ وكم بسفحك يا لبنانَ من أربِ!
وكم بقلبي من حبٍ وعاطفة نحو الشآم وذاك الساحل اللَّجِبِ
أما رأيتَ بسنكات وربوتها صفو الحياة وعيش القانع التَّعِبِ
والشاهقات كساها الثلج فانبعثتْ في (أركويت) تناجي السحب عن كثبِ
وهل رأيت فتاة العُرب قد سفرَتْ من غير قصدٍ, فكانت فتنة النُّجبِ!
وهل رأيت من الآرام راتعةً تحت الأراكِ فلم تجفلْ ولم تعبِ
و(كردفان) أما شاهدت نضرتها عند الخريف, وقد غامت مع السُّحُبِ
والباسقات من الأشجار يقصدها طلاب فنٍّ ومن يشكون من نَصَبِ
والحسن يا صاح إما شئت فَاتِنهُ فانظر بربِّك ذاك الساذج العربي
قالوا (بهيبان) جنَّات إذا غشيت كانت لرائدها الجنَّات في حلبِ
وما (دلامي) وقد رَفَّت خمائلها إلا زُحيلة موحي الفن والأدبِ
وشمس (ميري) وقد خفت لمغربها تهفو وتغرب في عين من اللهبِ
* محمد أحمد محجوب: ولد بالدويم في 1908م, شاعر وسياسي ومحامٍ ومهندس ـ صدر له ديوان (قلب وتجارب) وديوان (مسبحتي ودني) ومقالات (نحو الغد).. كان زعيماً للمعارضة ووزيراً للخارجية (65) ورئيساً للوزارة عام 1965م, وأطاح به انقلاب مايو. وصدرت له سيرة ذاتية بالاشتراك مع عبد الحليم محمد (موت دنيا) وطبعت عدة مرات.
الصوفي المعذب
التجاني يوسف بشير*
.. هذه الذرةُ كم تحملُ في العالم سراً!
قف لديها وامتزج في ذاتها عمقاً وغورا
وانطلق في جوِّها المملوءِ إيمانا وبرّا
وتنقَّلْ بين كبرى في الذراريِّ وصُغرى
ترَ كلَّ الكون لا يفتر تسبيحاً وذكرا
وانتش الزهرةَ, والزهرة كم تحمل عطرا
نديتْ واستوثقتْ في الأرض إغراقاً وجذرا
وتعرتْ عن طرير خضِلٍ يفتأ نضرا
سلْ هزارَ الحقل من أنبتَهُ وردا وزهرا
وسلِ الوردةَ من أودَعَها طيباً ونشرا
تنظرِ الروحَ وتسمعْ بين أعماقِكَ أمرا
* * *
الوجودُ الحقُّ ما أوسع في النفس مداهْ
والكونُ المحضُ ما أوثق بالروح عُراهُ
كلُّ ما في الكون يمشي في حناياه الإلهْ
هذه النملة في رقتها رجعُ صداهْ
هو يحيا في حواشيها وتحيا في ثراهْ
وهي إن أسلمتِ الروحَ تلقّتْها يداهْ
لم تمت فيها حياةُ اللهِ إن كنْتَ تراهْ
* * *
أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ
اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ
واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ
وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ
وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ
ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ
صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ
* * *
ربِّ في الإشراقةِ الأولى على طينة آدمْ
أممٌ تزخرُ في الغيبِ وفي الطينة عالَمْ
ونفوسٌ تزحم الماءَ وأرواحٌ تحاومْ
سبَّحَ الخلقُ وسبّحْتُ وآمنْتُ وآمنْ
وتسللْتُ من الغيبِ وآذنْتُ وآذنْ
ومشى الدهرُ دراكا ربذ الخطو إلى منْ...?
* * *
في تجلياتك الكبرى وفي مظهر ذاتِكَ
والجلا الزاخر الفياضُ من بعض صفاتِكْ
والحنانُ المشرقُ الوضاحُ من فيضِ حياتكْ
والكمالُ الأعظم الأعلى وأسمى سبحاتكْ
قد تعبدتُكَ زُلفى ذائداً عن حُرماتِكْ
فَنِيتْ نفسي وأفرغْتُ بها في صلواتِكْ
* * *
ثم ماذا جدَّ من بعدِ خُلوصي وصفائي?
أظلمت روحي.. ما عدتُ أرى ما زنا راءِ
ثُم في صحوِ سمائي أيهذا العثير الغالي
وللموت رجائي للمنايا السود آما
يا يوم قضائي آه يا موت جنوني آه
قف تزودْ أيها الجبارُ من زادي ومائي
واقتربْ إنَّ فؤادي مُثْقَلٌ بالبُرَحاءِ
* التجاني يوسف بشير: (1910-1937) صدر له ديوان (إشراقة) الذي وضعه على رأس شعراء الرومانتيكية العرب. وتناوله عدد من النقاد منهم د. عبد المجيد عابدين (التجاني شاعر الجمال) ود. محمد عبد الحي (الرؤية والكلمات قراءة في شعر التجاني يوسف بشير) وأبو القاسم بدري في (الشاعران المتشابهان) عن التجاني والشابي, ونقاد آخرون كعبده بدوي ومحمد مصطفى هدارة وأحمد محمد البدوي وغيرهم. كما جمعت آثاره النثرية, وصدر السفر الأول منها, وفيه آراء نقدية متقدمة.
مقاطع استوائية
مصطفى سند*
في البدء قال الواهمونْ
يا للسعادةِ بيتُ صاحبنا القرنفل,
قاعُ منزلهِ البهارُ, وسقفُه الغيمُ الحنونْ
يا حظَّه التهمَ الصدور,
مراكض الزلقِ المريحِ وعبّ أنهارِ
العيونْ
نصبته حاناتُ النبيذ وأعينُ السمارِ
بهجةَ يومِها الباكي على وترِ الشجونْ
وأعُدُّ.. كمْ أكذوبة عني يقول الواهمونْ
* * *
ناقوسُنا التهَمَ الصباحَ من الصباحِ إلى
المساءْ
فترنحت مقلُ النهارِ ودبَّ في الألقِ
العَياءْ
يا صندلَ الليل المُضاء
أفردْ قميصَ الشوقِ حين تطلُّ سيدةُ
النساءْ
فالمجدُ جاءْ
وتناثر الأحد الصبيُّ يهزُّ أعمدةَ الغناءْ
لو زندُها احتملَ الندى لَكسوت زندَكَ
ما تشاءْ
ثوباً من العشبِ الطريِّ وابرتين من
العبيرِ وخيطَ ماءْ
بلور ضرعك يا عصيرَ الريح سال على
النوافذ والزجاجِ
مطراً كدمع الشمعِ يغسلُ مدخلَ
الكوخِ
العتيق من السياجِ إلى السياجِ
قلبي تعلق بالرتاجِ
أتدقُّ لحظةَ قربها حانت شراييني
ارتوَتْ
قلقاً وكدْتُ من الهياجِ
أهوي أمزقُ زركشاتِ ستائري الجذلى
وأعصفُ بالسراجِ
الساخرِ المجنونِ يرمقني ويضحك في
ارتعاشِ
هذا الرشاش...
ما صد جُنْحُ يراعةٍ تلهو وما حبس
الفراشْ?
أيعوق مَقْدَمَها النسيمُ وهذه السحبُ
العطاشْ?
وألملم الحاكي وأرفع زورقَ التحف
الأنيقة والرياشْ
ليخرَّ صرحُ مباهجي الواهي, ليحترقَ
الفراشْ
* مصطفى سند: من مواليد 1936م, أصدر مجموعات شعرية من بينها (البحر القديم, ملامح من الوحي القديم, شعرة البحر الأخير, عودة البطريق البحري) وغيرها. نشر في مجلة الآداب البيروتية, وشارك في مهرجانات شعرية عربية وعالمية, وأثّر في عدد من شعراء الأجيال التالية له.
المرسى- وإيقاعات المماشي
محيي الدين فارس*
ظلُّكَ الأخضرُ مضيافٌ وفي عينيكَ ثلاثون مرسى
سفنُ الليل تغطيها الفناراتُ إذا ضلَّتْ
على موجِ الخليجِ
أيها الآتي تغنيه جيادُ الريح للمرسى البهيجِ
يورقُ الصمتُ هنا ظلا.. ويمتد خياما
عندما تسقُطُ في القاعِ العبارة
ويجفُّ اللحنُ في حنجرةِ الصوت المُغنّي
ويموتُ اللونُ والايقاعُ. والشكلُ وألوانُ المساحيقِ
وتبدو الواجهاتُ
كتضاريس الوجوهِ الحجرية
كالرموز الوثنية
فالبشارات التي مَدَّتْ على المرسى رُواقا
شربتها الريحُ, دقَّتْ طبلَها الأجوفَ في الليلِ
نطاقا
ثم ألقَتْ حجرَ الأهرام, سدَّتْ كوةَ الإيماض
دارت بالممرات مُحاقا.
أيها الآتي إلينا
نحن لا نملك شيئا
نحن في خلفية اللوحةِ.. لونٌ أو إضاءة
وإطار أُبنوسي توشيه...........
تعاريجُ نقوش
وأفانينُ رتوش
كل ما نملكه أنّا نغني للرياحِ
ذات يوم صَلْصَلَتْ كلُّ النواقيس المرنة
جاء يزهو في بريد الريح للمرسى.. وولى
مزّقتْ بيرقَه الأزرق حيتانُ الخليج
نحن شاهدنا صواريَهُ تداعَتْ
ي خضم اللانهايات البعيدة
غير أنّا كل يوم في رصيف الانتظار
نسأل المرسى وأضواء الفنارات وأمواج البحار
ما نسيناه, زرعْنا في ضريحِ الليل أشجاراً من
الصبار...
ركزنا على أحجاره الصمِّ علامة
وأقمنا حوله سوراً من الأزهارِ والنجم سياجا
* * *
عندما يرتدُّ في الليل إلينا
وجهُنا المنقوعِ في كرم المدينة
نمضغُ الحنظلَ.. نجترُّ المراراتِ, نغني
تحت سقف الريح من دون ارتعاشِ
للمصابيح التي تضحكُ في وجه المماشي
نرقبُ المرسى.. وأضواءَ الفنارات البعيدة
ونغني...
سفنُ الليل تغطيها الفناراتُ إذا ضلت
على موج الخليج
أيها الآتي إلينا
نحن لانملك شيئاً
كل ما نملكه أنَّا نغني للرياح
* محيي الدين فارس: تلقى تعليمه بمصر, ونشر قصائده في صحف ومجلات عربية وسودانية. وهو من رواد شعر التفعيلة, وقد صدر له (الطين والأظافر), و(نقوش على وجه المغارة), و(صهيل النهر), و(تسابيح عاشق). كرّمته الحكومة السودانية, وفاز بجائزة البابطين للشعر العربي 2004م
Author's Notes/Comments:
Me: Rudwan Abdelaal Himat
|
A'm rudwan abdelaal himat , from northern sudan (NUBI)am from the nubian clan.if you want to know more about the nubia clan you can visit the nubian page on this website.and anyone who have more information about the nubian people please sent it to me,i will be very appreciative. born on 1968, hobbies:reading,travelling,poetry القراءه - الموسيقى - -
أنمتظر منكم المساهمة فى سبيل تطوير الموقعٌرضوان همت
|