وداعاً هزار الربى والأكم
أريش الجناح وسيق القدم
يطوف بالقلب شتى المنازع
هذا يطول وهذا اقتحم
وذكرى تجيء وأخرى تمر
وليل تقضى وفجر ألم
أمسترجع أنا بعد الشباب
سني الصبا وأدكار الذمم
أفضت من الحجر فيمن أفاض
وزايلت مهدي فيمن برم
أرواح في صبية وادعين
سواسية كضغار النعم
وأغدو على البكر المشرقات
اليك وفي الحالك المدلهم
بجانحة الفجر فوق الوهاد
وغاربة الشمس بين القمم
يصعد بي خافق في الفضاء
يسوق الصبا ويقود الهرم
جناحاه يخترقان الوجود
وعيناه تقتنصان العدم
على متن هافية الصباح
مسومة ما بها من سأم
رخاء كمثل انحدار النعيم
على وجنتي رخوة المستلم
على من مقرب من سريع الخيال
وخاطرة من بهيج النعم
وسابحة من بنات الأوز
ورفاقه من بنات الرخم
وطلق من الفكر حر يطيف
بدنيا الفنون ودنيا النغم
يطير الى الدهر بي والقرون
ويوغل بي في زوايا (أرم)
وفي الفكر مركبة للنفوس
وفي الأرض مدرجة للقدم
الى (ندوة) كمطيف الرجاء
منضرة كبليغ الكلم
الى (مجلس) نطف بالدعاء
تصان الحقوق به والحرم
الى (معهد) أنت يمنى يديه
قداماه انت قسا أو رحم
تطير به صعداً للسماء
لنبع بها دافق بالحكم
لينهل من نبعها المستفيض
هدى أمماً ويقيناً أمم
تدفعه في سبيل الخلود
وتقحمه في مجال العظم
درجت بكفيك حتى انفرد
أناصب دهرى حمداً وذم
وها أنا في سروات الشاب
على جانح مستشيط أحم
أطل على فائت في صباي
فالمح بارقة من شمم
أرى لك بين الصبا المسترد
مآثر خفاقة كالعلم
وألمح فجراً من الذكريات
يبدد من جانبيه الظلم
((حسين)) اناتك ان تستخف
وريث فؤادك ان يضطرم
نزعت مع الفكر حر الفؤاد
الى غاية فى ضمير العد
منازع ذي مذاهب في الوجود
خطير وذي شرعة في القلم
أراك تفكر..ماذا لديك
لعلك تمخر في كل يم
يطل بعينيك جو يشيع اللجاج
به ويشيع القتم
أراك تفكر..ماذا لديك؟
أرى عثيراً في الفضاء استلم
أرى ثورة وأرى أنفساً
ظماء كآمالها..تحتدم
على عارضيك خيال المظفر
في بأسه ووقار الحكم
وفي ناظريك سهوم المفكر
آونة.. وسؤال الأصم
تحاول في الكون مجد الغزاة
وكم ذا تحاول مجداً وكم
وتحلم بالملك..بالطموح..
ويا للسمو.. ويا للشمم
وترمي بنفسك بين الهواجس
في زاخر للأماني خضم
اذا ارتطمت موجة بالحياة
رميت بنفسك في المصطدم
*
وما تلك في جنبات الطريق
قذفت بها كانفجار الحمم
وألهبتها ثورة في البلاد
على جانبيها يشب الضرم
تأكل أغرارها الواهمين
وتسحق من كبرياء((العمم))
تنظر نواجمها في الطباع
وعقبى نتائجها في الشيم
*
كأنى بمصر وقد لامست
يداك مقطمها والهرم
تمد يداً من وراء الحياة
وأذرعة من وراء الرجم
تعانق فيك العبقرى
وتكبر رمز الشباب القدم
وما مصر لوا عوادى الحياة
بمجدبة من دعاة الكرم
ولما اعتزمت لمصر الذهاب
وآن لرأيك ان ينحزم
جنحت الى مزهري فانتزعت
ملاحن فيها الهوى والألم
شددت بكفيك اوتارها
واودعت فيها شجى النغم