كما يتسرب الضوءُ شفيفاً
صوب سطحِ البحرِ
وهو محمّلٌ بروائحِ القمرِ النبىِّ
خلاصة السحرِ .. غناءُ النشوةِ الكبرى
وهفهفة العناصر فى تراكيبِ الضياء
تتصاعدُ الأرواحُ فى الأمواجِ
وهى ترتـِّلُ الغصةَ شيئاً من خواصِ الماء
خيطاً من دخانِ الرغوِ
فى همسِ المزاميرِ
ووشوشة الغناء على شفاهِ الحورِ
إذ يسبحنَ بين القاعِ والسطحِ
فضاءُ الرهبةِ الصدفيـّةِ .. اللاّلون
حيث الصمتُ فاتحةُ الوجودِ الداخلىِّ
.. لدولةِ البحرِ وقانون المياه
خـُذ من شعاعِ الشمسِ نافذة
.. وحلّق فى فضاءاتِ الغياب
إلى رحيلٍ .. أبدىٍ
.. لا مكان الآن .. لكْ
واللهُ يسكنُ بالأماكنِ .. كلِها
وجهاً يضوِّءُ بالأزقةِ
شارعاً يمتدُ فى كِسرةِ الخُبزِ ـ الطعامِ المستحيلِ ـ
إلى ثيابِ الفقراء
ماذا يلوِّحُ بالنوافذِ ؟
هل ترى منديلَ عاشقةٍ بلونِ البحرِ
دمعُ صبابةٍ .. فى نهدِ عاشقةٍ بطعمِ النارِ ... يقطرُ
والعصافيرُ إكتمالٌ للندى
.. فى شُرفةِ الحلمِ .. تسد الأُفق
تبحثُ عن طفولتِها بذاكرةِ الفضاء الرحبِ
والفجرِ المعلّب فى رِفوفِ الصمتِ
واللغةُ الخفيةُ للغناءِ على مسامِ العشبِ
والشجرُ المخبأُ فى تماثيلِ الشجر
الحزنُ لا يتخيّر الدمعَ ثياباً
كى يُسمّى فى القواميسِ .. بكاء
هو شىءٌ يتعرى من فتاتِ الروحِ
يعبرُ فى نوافيرِ الدمِ الكبرى
ويخرجُ من حدودِ المادةِ السوداء
شىءٌ ليس يفنى فى محيطِ اللونِ .. أو يبدو هُلاماً
فى مساحات العدم
الحزنُ فينا كائنٌ يمشى على ساقين
دائرةٌ تطوِّف فى فراغِ الكون
تمحو من شعاعِ الصمتِ .. ذاكرة السكون المطمئنة
كيف ترفضُّ الجدائلُ..
فضةً فى الضوءِ
ترفضُّ الفقاقيعُ مابين إمرأةِ الرزاز
إشارةً للريحِ فى المطرِ الصبىِ
إضاءةً للماء .. خيطاً من حُبيباتِ الندى
سحراً .. صلاةً .. هيكلاً .. قوسَ قُزح
ذلك سرُ الكونِ ..
أن تبصِرَ فى كلِ حُسنٍ آيةً للهِ
أنواراً من الملكوتِ .. والسحرِ الإلهىِّ المهيب
ذلك سرُ العدلِ ..
أن تتفجر الأشياءَ .. تفصِحُ عن قداستِها
.. ترى فى الشىءِ ما كان إحتمالاً
ثم تنفتحُ الكنوز
الأرضُ كانت تُدخِرُ القمحَ لأطفالٍ لها..
فقراء .. لا يتوسدون سوى التراب
قُلْ للذين يوزعون الظلمَ بإسمِ اللهِ فى الطرقاتْ
وفى صفوفِ الخُبزِ .. والعرباتِ .. والغرف الدمارْ
البحرُ .. يا صوتُ النساءِ الأُمهاتْ
القحطُ .. يا صمت الرجالِ .. الأُمهاتْ
اللهُ حىٌّ .. لا يموتْ
كيف إستوى ماكان بالإمسِ هواءاً نتناً .. روحاً بغيضاً
بما كان هواءاً .. طيباً
ريحاً يؤسسُ معطياتِ الشارعِ الكبرى
عبيراً ضد تلك الرائحة
ما أشبه الليلةَ بالبارحة
كلِ ما كنا نغنيهِ على شاطىءِ النيلِ
تغيّبْ ... وأنطوى
فى الموجِ منسياً .. حُطاماً فى المرافىءِ
أو طعاماً للطحالبِ
فى إنزلاقِ الصوتِ للقاعِ
وفى صمتِ المسافاتِ القصيّة
نحنُ فى ساعةِ الحزنِ وميقاتِ الفجيعةِ
والفراغِ العاطفى .. الوطنى
الآنَ لن نبكى
ولكن .. من يساومُ بالغدِ الآتى
وماذا سوف نخسرُ ؟
نحن بالغربةِ رتبنا بلاداً
لا تُشابهُ غير وجه الذاتِ .. بالمرآةِ
إمرأةٌ هى الغةُ .. الرمادْ
لا تثقْ بالقلبِ
إن العِشقَ يؤذى
بينما يُجدى التحرُكُ فى السِكونِ
.. وفى مساحاتِ الأنا
وعىُ التكوُّنِ .. وأبتكارُ الفردِ .. مجموعاً
يوازى سلطة الإطلاقِ
تحديد المواضِعِ .. بالإشارةِ نحوها بالإسمِ
تفتيتُ الهُلامِ
وأختراقُ السرِّ
فتحُ نوافذَ الأشياءِ
تكريسُ التفاصيلِ الدقيقةِ
قوةٌ تنسفُ الأحلامَ .. والذكرى
وأشباهَ الحبيباتِ ـ الدمى ـ والأصدقاءْ
لا تثق بالقلبِ
كى يتصاعدُ الضوءُ على كلِ المساحاتِ
وحدِّق جيداً
إخترْ مكانك وأحترق حيثُ إنتهيتْ
أنت منسوبُ الدمِ الآن
وأنت الإشتعال ـ النارُ مجمرةُ الغضب
أنت إذن ضياءُ اللحظةِ الآتى
أنا ــ أنت : نحنُ والناسُ والشارعُ
والعواميدُ التى تمتدُ بالأسفلتِ
صوتى ــ صوتك المشروخُ فى صدإِ المقاعدِ
وإنهيارُ البراكينِ
لم أقل أن الفضيحةَ قد تراءت فى تلافيف العُمامة
وأمتدادُ اللحية ـ الزيف
لماذا لم تقل أن العمارات إستطالت
.. أفرغت أطفالك الجوعى .. على وسخِ الرصيف
أنت تعرف أنهم ..
يقفون ضدك ــ ضدنا ــ ضدى
وأعرفُ أننى سأظلُ السلطة ـ اللاّ وعى
نحن الآن فى عُمقِ القضيةِ
مركز النارِ
وبالهامشِ .. تبقى سلطة اللغةِ الخفيفة
كى تُعلَقَ فى الفراغ
نعم ستنسى كل ما يأتون من فعلٍ .. وقول
سوف نصلبُهُم عرايا .. بالمساميرِ
على بوابةِ التاريخِ
ثم نعبىءُ الأيامَ فى الصمتِ الخرافىِ .. الرهيب
لستَ من نورٍ لتغفرَ
أنت من طينٍ لتبنى
فأبنى لى بيتاً لنا ــ لكَ ــ للصغارِ القادمين
أن يكُ للعدلِ فى الأرضِ وجود
فليكن دمُنا هو المقياس
إن تكُ السماءُ مقابلاً للأرض
فلتكن الدماءُ مقابلا للعدل
قال اللهُ كونوا ــ ثم كنا
هل تحققنا تماماً من وجودِ الذات
.. فى أرواحنا
ضوء التكوّنِ .. وأنطلاقُ الكائنات ؟
نحن نخرجُ من غناء العزلة الكبرى
لنكتب عن غناء العزلة الكبرى
ولكنّا نصاب بضربةِ الحزنِ
أوان خروجِنا من داخِلِ الصمتِ
.. وفى جوفِ السؤال ..