الشاعر محمد طه القدال هو شاعر سوداني معاصر اشتهر بكتابة الشعر الغنائي العامي، وقد رحل عن عالمنا في يوم 5 يوليو 2021م بعد معاناة مع المرض، وقد ولد القدال في 12 ديسمبر 1951م بولاية الجزيرة السودانية بقرية تدعى حليوة، وقد بدأ حياته بدراسة الطب ثم هجر دراسته ليفرغ بعدها لكتابة الشعر.
ربما تكون تلك القرية هي سبب إلهام الشاعر، حتى أن أول ديوان شعري منشور له نشر تحت مسمى غنوات لحليوة، وهذا الديوان ظهر في سبعينيات القرن العشرين، وقت أن كان القدال يخطو من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج.
وفي هذا الديوان نشر قصيدته التي اشتهرت بعد ذلك باسم ” كلام الرتينة بت سالم ولد عتمان فى حنّة على الشاشوق ” والرتينة في لغة أهل السودان هي عبارة عن نسيج أن يشبع ببعض الكحول يوضع في المصباح ليشع ضوءًا ، وهذه الأمور ربما لا يعرفها سوى أبناء القرى مثل القدال ، وهذا دليل على تأثر القدال بحياته في قريته والتي قال عنها أنها كانت غنية بثقافات متنوعة ، وقد ساعده هذا التنوع في الثقافات على تكوين لغته الشعرية.
وقد استمد القدال ذوقه الشعري من وقيمه الجمالية من الذوق السائد في قريته في زمان طفولته، وقد اعتمد على البديهية الشعرية في بداية حياته، وهذا أيضًا واضح في ديوانه الأول، وذلك قبل أن ينضج وتتفتح مداركه ويخرج من المرحلة الرومانسية إلى المرحلة الواقعية.
اشتهر القدال بآرائه الجرئية في الأمور العامة ، فقد كان يهتم دائمًا بأمور الشعب السوداني وقد كلفه ذلك سنوات قضاها في السجن لمناهضته للأنظمة الديكتاتورية التي حكمت السودان على مدى عقود متعاقبة، لكنه أيضًا نال حب واحترام العامة بسبب أشعاره الثورية الجريئة، وقد كان ممن قادوا انتفاضة إبريل التي أطاحت بالرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري عام 1985م، كما شارك أيضًا في الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس البشير من حكم السودان.
وقد عمل أيضًا بالأعمال الخيرية وقد ترأس منظمة رعاية المسنين البريطانية في السودان لفترة، وأيضًا ساهم في إنشاء عدد أخر من المؤسسات الخيرية.
وقد اشتهر القدال بأنه قريب من العامة، فلم يكن يعيش في برج عاجي ويكتب عن عالم خيالي جميل غير موجود على أرض الواقع، بل كان يكتب من واقع الحياة.
كما أن منهج القدال الشعري تميز بمنهج متباين إلى حد كبير وهو مطابقة الشعر الشعبى ومغايرته فى نفس الوقت، الشعبى السوداني اعتمد على الدوبيت فى البادية والحضر، والدوبيت هي رباعيات شعرية،ثم جاء شعراء الحضر ليغيروا هذا النمط قليلاً فجاءت قصائد ما يسمى بحقيبة الفن أو أغاني الحقيبة وهي ما ميز الشعراء السوداني
ثم جاء بعد ذلك زمان القدال والذي كان قد تشرب الشعر الرباعي وأغاني الحقيبة والمسرحيات الشعرية، فطور نهجة وأسلوبه الخاص الذي جمع بين تلك الأساليب الشعرية الشعبية في الريف والحضر.[1]
عانى القدال في نهاية حياته من أعراض مرض السرطان، وافر للاستشفاء خارج السودان في القاهرة أولًا ثم الدوحة، لكن المرض في النهاية تغلب عليه، ولاقى ربه في مستشفى الأمل بالدوحة.
وقد استقبل السودانيين هذا الخبر بكثير من الحزن والأسي، وقد نعاه في رسالة خاصة مجلس الوزراء السوداني، والذي وصفوه فيه بشاعر الأمل والتفاؤل.
كتب القدال عدد كبير من الأشعار الغنائية، وقد غنى قصائده عدد من كبار المطربين السودانيين، من أمثال المطرب والملحن السوداني الراحل ، مصطفى سيد أحمد، والذي يعد من عمالقة الغناء في السودان.
تعد قصيدة أمونة من أروع أشعار القدال، وقد قال الشاعر المصري الراحل عن القدال أنه ابنه، وذلك لتشابهه معه في النمط الشعري العامي القريب من قلوب الناس.
هذه القصيدة غناها المطرب السوداني عقد الجلاد، وتقول كلماتها: