إلى/ صديقي الشفيف جداً أدامس مرة أخرى في متاهةِ مشافهتي التي لا تخلو مِن لعانة بالطبع! " في الأيام هذه واتتني فكرة العدمية المشرقة أو العدمية الخلاقة ، اللا إنهزامية ، هي جنون من نوع آخر ، ههههه . أو هراء بالغ الشعوذة ، لا يهم! هي مساجلة قد تطول وقد تقصر ، مشافهة ذاتو/آخرية ، تبدأ من متاهة الكتابة ، وليس إنتهاءً بخلق الإنسان البديل ، عبر منظومة أخلاق جديدة " تلك هي كانت مساجلة حوارية بيني وصديقي العزيز أدامس ، على رصيفِ الفايس بوك ، ذات مرة . صِدقاً ، ما أريد نبشه ، والغوص في وحله ، هو لا يعدو أن يكون محض هذيان أو خبل أو جنون أو هراء . بل ، ربما هو بصراحة ، التعبير عن هواجسي ليس إلا!! في البدء ، لا أخفي عليكم عدميتي ، بل وكلبيتي أيضاً! فأنا عدميٌّ طازجٌ ، وكلبيٌّ لعينٌ .. لكنّي رغم ذلك ، لدي بصيص أمل في الإنسان والحياة ، لذا فأنا عدميٌّ مشرقٌ ، وكلبيٌّ خلّاق! رغم مثالب القرن الواحد والعشرين ، التي لا تحصى ، إلا أن مِن أهم فوائده ، هو " أن لا شيء ثابت " كل شيء قابل للتأويل والتحوير والتطوير والنقض والنقص والإضافة ، كل شيء قابل للهزّ والغلغلة . العدمية المشرقة ، هي أقرب إلى إنتحار جميل! أو موت بعد ممارسة الحب ، هي تشبه مقاومة الغرق وسط تلاطم الأمواج الهائجة ، والموت على الضِفاف . وبعبارة أكثر دقةً " أن تموت بعد مقاومة جسورة ، أو أن تقاوم رغم أنك تُدرك ضآلة فرص نجاحك في العيش ، رغم أنك ترى الموت يحوم حولك " . العدمية المشرقة/ الخلّاقة/ اللا انهزامية ، هي أن نكون أحراراً ، وبالتالي مسؤولين عن أفعالنا ، ومصائرنا في الحياة ، أو بالأحرى مسؤولين عن إنقاذ الحياة . عدميتي تنبع مِن حريتي ، مِن شعوري بالمسؤولية ، مسؤوليتي تجاه نفسي والحياة والآخر . علينا بردمِ الهوة بين الحرية والمسؤولية ، أن نجسر العلاقة بينهما ، لتغدو تعاونياً في إنسجامٍ تام . علينا أن لا نكون خاضعين لسطوة اليأس السلبي ، بل يجب أن نتخطاه نحو اليأس الفعّال ، اليأس الذي يقود إلى الغضب، إلى رد الفعل، إلى الشك، إلى التساؤل ، إلى التمرد ، وأخيراً إلى الخلق والبناء . أن تكتب عن يأسك ، أن تعبّر عنه بصورة أكثر صِدقاً وتفجوعاً ، هو أنك تعبّر عن يأس فعال ، ذلك لأنك وبتعبيرك عن يأسك ، تجعل الكثير مِن الناس يشكون ويستاءلون ، وتباعاً سيثورون في النهاية . يأسي ، هو يأسٌ فعّالٌ ، يقود إلى شيء ، إلى نقطة . وليس يأس يحرث في السراب ، في اللا شيء . عدميتي هي تذمرٌ وتمردٌ في آن . تذمرٌ مِن القبح ، مِن الشر ، مِن الكراهية ، مِن المعاناة ، مِن البؤس ، مِن القتل والخراب الذي يكتنف الحياة . وتمرد على القبح والقيم والتقاليد البالية ، وكل العقائد والأيديولوجيات والأفكار الظلامية . عدميتي هي سعيٌ نبيلٌ لكنس القبح وغرس محله الجمال . هي سعيٌ لوأد الكراهية وزرع الحب . هي سعيٌ نحو الإنسان . وما قبل البداية بقليل ، ورغبة منّي في أن أعيش حيوات أكثر وأعمق في آن ، قمتُ بإضافة عام كامل إلى عمري ، وذلك بإرجاع تأريخ إنقذافي إلى جحيم الحياة مِن عام 1995 إلى يناير 1994 . وها أنذا أعيش بثقل تأريخ أكبر منّي ، وحيوات بائسة أكثر مِن أن تحتمل ، بسبب ذلك ربما أجدني الآن ، أغوص حتى العنق في وحل البؤس!