يا كردفانُ ياربوعُ |
يا أزاهرا تضوعُ |
كم خضّر الخريفُ في وديانك الجذوع |
لا تحسبونا نقبر الأشواق والحنان |
لاتحسبونا نجهل الأيام والإخوان |
فقد رسمنا في قلوبنا سهول كردفان |
*** |
حشائش السوزيب عندما تسوِّر المياه |
وشجر اللالوب حينما يفيض بالحياه |
والسمبر الأنيق حين زغرد الخريف |
لن تسمعوا سوى صدى الأمطاروالحفيف |
فما رسمتُ صورة لوجه كردفان |
لكن رسمتُ قلبيَ المغترب الولهان |
*** |
سافرت في أنحائها وجُست في الديارْ |
درست في الكتّاب بين إخوة صغارْ |
فبلدتي النهود |
هذا المدى الذي يفيض بالوجود |
هذا السنا المؤتلق الممتلئ العنقود |
هذي الربا الحمراء |
هذي الصخور الزرق كم تميد كبرياء |
هذا التَّبْلَدِيّ شامخا يعانق السماء |
*** |
مدينتي النهود |
سحائب بنفسجية بها السما تجود |
أرض موشاة تفيض خضرة وجود |
أناسها المناضلون صانعو السلام |
يشيِّدون في أنحائها الحياة والوئام |
إن سكنوا بلاسقوف أو مشوا بلا طعام |
إن مات طفل دون جرعتين من غدير |
والخير في حقولها مبعثر وفير |
إن شحت السماء ذات موسم مطير |
فسوف تخلدين يا نهود |
وسوفت رسلين الضوء للحياة والوجودْ |
*** |
مدرستي الشرقيهْ |
جدرانها مثل السنا زاهية فضيهْ |
أذكرها مخضرة الأسوار في الخريف |
بقلبها شجيرة تتابع الحفيف |
أنا ولي رفاق |
ثلاثة نعيش في صباً وفي انطلاق |
يعتقد الجميع أننا توائم |
لافرق بيننا في الشكل والعمائم |
*** |
أخي دقيس |
هلاّ ذكرت الأمس بالكُتّاب |
والحرب كان ظلها يغادر الأبواب |
كنا نقود جيشا يعبر الصحراء |
جيشا يقاتل النازية الحمقاء |
وقد هزمنا صانعي الدمار |
الحرب وَلَّتْ لمتعد تهدد الديار |
لكن بنادق الفروع في أكفنا تلوح |
الشوك كالسلاح كم يفتِّح الجروح |
والتوم لن يموت |
والحرب ولت لم تعد تهدد البيوت |
أخي دقيس |
كيف تراها أبعدتنا شُقَّة الزمان? |
ألم تكن تضمنا ضلوع كردفان |
وأين بكري? أين ثلة الإخوان? |
وأين ابن الأحمر السباق في الميدان. |
*** |
شجيرة الهَشَاب خلف فصلنا الأخير |
رأيتها كما عهدتها بظلها النضير |
ولم تزل فروعها تفيض بالعبير |
شجيرة الهشاب ياصحاب |
نسيتموها.. أم تُرى أنساكم الغياب? |
أم أن هذه الحياة كلها سراب? |
*** |
يا أصدقاء |
عِشناعلى عُدْوات كوننا الجميلْ |
عِشنا معا... عشنا معا في زرقة الأصيل |
يجمعنا الزمان أو يبعدنا الرحيلْ |
تنثرنا الصحراء أم تبذرنا الحقول |
فالأرض أرضنا... أرض الجدود لن تزول |
*** |
يا أصدقاء... |
كم جميلة سهول كردفان |
وحلوة عذراء أوجهًا من الحنان |
وأعينا أهدابها كحيلة الألوان |
عذارء من ريف القرى.. أتت إلى المدينه |
تحمل جرة الحليب بضة كياسمينه |
في صدرها تفاحة طافرة حزينه |
وخدها مدور مشيتها رزينه |
وحيُّها على مشارف الوديان يستحم |
يرحل حيثما المياه تستجم |
حبيبها يشيّد القطعان في الخمائل |
وتبتني ساعده التلال والجداول |
*** |
في ذات يوم والجميع جالسون قرب تله |
إذا سيارة تطن في التلال مثل نحله |
دروبها تعرجت في الأفق مضمحله |
تساءلوا? |
أهذه مراكب الجلاَّبه |
أهذه الداهية المزهوة الصَّخَّابه |
جاءت تشق خضرة الوديان |
زرقاء فوق وجهها تطل مقلتان |
*** |
كنا بها نجتاز ياصحاب ألف وادي |
ونرمق الطبيعة العذراء في البوادي |
هناك ألف عصفور |
هناك ألف شادي |
بلادنا جميلة يا أسطر المداد |
بلادنا فوق الحروف |
فوق الشعر والإنشاد |