الحب يعرض في المزاد!! من ديوانه " العذراء"

الحب يعرض في المزاد!! من ديوانه " العذراء"

 

الحب يعرض في المزاد!!
الشمس تنتصف السماء
ومؤذنُ يدعو العباد
إلى العبادة و الصفاء
وأتى المخاض ..
وعلا ..
صياح الأم يعلو فى الفضاء
وتهافت الأحباب
نحو ديارها لبّوا النداء
متضرعين إلى الإله
رفعوا الأكف إلى السماء
يا رب تحلها بالسلام
وتناقلوا هذا الدعاء
وعلا صياح الأم
ثانيةً يجلجل في الفناء
وتنهدت ..
وكأن من أحشائها
قد أنزلت للتوّ داء ..
الصمت يكتنف المكان
وتأهبت للسبق أفواه النساء
وعلا ..
صراخ الطفل يهدر فى إباء
وكأنه ..
لم ترضه الدنيا ملاذاً
أو مقراً للبقاء
وكأنه.. بالحس أدرك
أن هذا العالم المجنون
يلتحف الرياء
وتدافعت نحو الفراش
حريصة ثلل النساء
لا يأبهون
ويزغردون
جابت ولد ..
فى عزكم يربى الولد
عقبال نفيسة و بت حمد
ويزغردون
وتدافعت نحو الأب المسرور
جمهرة الرجال يهنئون
وعلى الوجوه
بشائر الأفراح تبدو فى العيون
يتدافعون إليه فى فرحٍ
وهم يتصايحون
مبروك عليك
تحيا و تعرس للولد
ويصافحون ..
هذا أنا .. هذا أنا ..
من هم عليه يهنئون
لكنهم .. لا يدركون
أنى سألتحف الشقاء
وقد أكون .. و قد أكون ..
مضت السنون ..
ومضى من العمر البرىء
زهاء أثنى عشر عام
ودعته .. متحسراً
عمر البراءة و الوئام
طلّت ..
بدنياى البريئة حلوة ..
مملوءة الساقين هيفاء القوام
وأحس توّى أنّ للدنيا مذاق
حلوٌ حلاوة ثغرها
شهدُ كطعم الاشتياق
دار الزمان ..
ومررت أحملها
على الأعناق فوق ذرى السحاب
وحملتها
حباً ووداً
وابتهالات تناطح
كل آمال الشباب
وحملتها
متباهياً بين الصحاب
وإذا بأيامى تدور
وتزيل عن مأساة قيسٍ
مرة أخرى النقاب
أهوى أنا .. فى اللا قرار
وتعيش فى نفسى الفضيلة
ولقد علمت ..
بأن هذا
العالم المجنون
ينتعل .. الرذيلة
دار الزمان ..
عشرون عام ..
جرسٌ يدق و نحوه
تتدافع الأفواج فى غير انتظام
يتجمهر الرواد
حول البائع المسكين ..
يزداد الزحام
ودلفت ابحث
فى عيون الناس
سر الازدحام
وسألت أحد الواقفين!
يبدو عليه الانهماك
ولا يروق له الكلام
وذهبت أسأل آخراً
يبدو عليه الاحتشام
فمضى يقول ..
الحب يعرض فى المزاد ..
هذا زمان المعجزات ..
الحب فى سوق السوام ..
أفهمت سر الازدحام ..؟
ودلفت نحو الساحة الحمراء
فى غير اهتمام
فى وسطها .. و يحى أنا ..
شقراء تأكلها العيون
سمراء .. هيفاء القوام ..
وعلا
صياح البائع المبحوح
فى غير اهتمام
ألفين جنيه .. ألفين جنيه ..
هل من كلام؟
فأجبته
عندي أنا .. أحلى كلام ..
كنزى ثمين ..
قلب تمسك بالوفاء
مصارعاً عبث السنين
ده كلام جرايد يا ولد
ومضى يقول
ألفين جنيه ..
هل تشترون ..؟
وتجمهر التجار حولى ..
يضحكون .. و يقهقهون ..
ويقهقهون بلا انتظام
ويضيع
صوت الصدق
فى قلب الزحام
وأدير ظهرى
تاركاً لهم المدائن و الوهاد
وأدور أبحث
فى بقاع الأرض عن طهر العباد
وأنا أقول:
هذا زمان المعجزات
الحب يعرض فى المزاد
تمضى السنون
وتوالت الصدمات
تنكأها .. الجراح
عام جديد .. عمر جديد ..
ولنا منادى السعد صاح
وأتت لعندى
تحمل الأحلام
فى أجفانها عصف الرياح
وعوالماً أخرى ..
ولوحاتٍ
يلونها الصباح
ومضت كمن سبقوا
لتنكأ فى شغاف القلب
اعمق ما تخلّفه الجراح
أمضى أنا
أتجرع الحسرات
فى الدنيا إلى حد الثمالة
وأذوّب الآلام
فى كأسى
وأشرب فى عجالة ..
فلرب صنفى
فى عداد الناس
من درك الحثالة ..
ما ضرنى
ما دمت
فى الأعماق أحملها الأصالة
تمضى السنون
ويقارب العام إنتهاء
ويعيد آخره المتاعب
لمّا أتت
ويحى أنا ..
فى صدرها شرسٌ ..
مشاغب ..
الليل لونها
وأمسى
فى جدائلها .. يداعب
البدر صافحها
وخرّت
من جلالتها الكواكب
النيل يرويها .. و يكسبها
البساطة و العجائب
ويحى أنا ..
أخشى أنا قدرى
فقد هبت التجارب
القلب شاخ
ولم أعد كفؤاً
لأحتمل النوائب
وغدت حبال الصبر
بالأيام ..
من نسج العناكب
أخشى عليه .. تمزقا
ما عاد
يحتمل المصائب
أحببت يا قلبى
وعدت محطم الآمال
تنهشك النوائب ..
ماذا جنيت .. من الجمال
سوى التعاسة و المتاعب ..؟
إنى أخاف عليك
يا مكلوم
من هول العواقب
يكفيك ما لاقيت
فى درب الوفاء من المصاعب
أسفى عليك
مودعاً ..
ما عدت أرغب فى التجارب
احمد فرح شادول
View sudan's Full Portfolio