قد كان مسقط رأسها بالغاب في أولى السنين
|
وترعرعت لما تغذت من دماء الأولين
|
والآن تكلؤها وترعاها علوم المحدثين
|
تبدو بوجه تقشعر له جسوم الناظرين
|
عكست ملامحه الخرائب والضحايا الهامدين
|
وجه يبث من الكآبة كا إحساس دفين
|
صدمت دمامته وقسوته نفوس الآمنين
|
أخذت على الناس الطريق فقابلوها محنقين
|
من كل أهل الأرض من كل الشعوب وكل دين
|
ولسوف تصرعهم إذا لم يصرعوها مسرعين
|
برز الخطيب منفخا أوداجه مستكبرا
|
قال اعلموا يا قوم أنا خير من وطيء الثرى
|
خوضوا المعارك فاتحين ودوخوا من أنكرا
|
بثوا المخافة وارفعوا بالسيف هذا العنصرا
|
إنا نعد لكل من يرتاب موتا أحمرا
|
إنا خلقنا قاهرين وغيرنا مستغفرا
|
وانساب موج الجيش والتقت الجحافل بالجحافل
|
حتى إذا انحسر الوغى عاد الجنود بغير طائل
|
ما خلفوا غير الضحايا واليتامى والأرامل
|
غير المشوه والحزين وغير أطلال المنازل
|
وإذا نظرت نظرت للمرأى الكئيب وأنت ذاهل
|
نظر المظفر للدماء وللخرائب وهو ساكر
|
قال ارجعوا يا قوم بالأمجاد إن النصر باهر
|
ولقد ملكتم غيركم بين البطولة والمفاخر
|
شتان شتان الألى صاروا لقومهم فداء
|
ليخلصوا أوطانهم من كل ذل أو شقاء
|
للعيش في حرية وليرفعوها للسماء
|
والخائضين الحرب من أجل المطامع والدماء
|
ليس الخراب بطولة إن البطولة في البناء
|