كفٌ استجابي (1) الجلد... والحريق شعر هاشم صديق

Folder: 
هاشم صديق
كفٌ استجابي (1)
الجلد... والحريق
شعر هاشم صديق
(1)
أخرجُ من جلدي
العربي
إن كان الجلدُ
دثاراً
لا يُغني أو يُجدي
....
فَليذهب جلدي
العربي
إن كان الجلدُ
يدل على خزيي
لا شَرَفي
....
ولْيذهب اسمي
العربي
إن كان الإسمُ
يدلُ على نَسَبي
لا فعلي
....
إن كان حريق الرعب
على (غزةَ)
أعفاني
غادرني
ماذا يعني الإسمُ
أو ماذا يعني الجلدُ
إن كان على لحمي
أو عظمي؟!
من (غَزَةَ)
يهبط طيرُ الخزي
على كتفي
ثم (يبول)
على الطوق الملتف
على عنقي.
ما أغباني
(يبهرني)
ضوء القصف
المعتوه
على فَرَسي
أو جملي
أو بيتي
أو بدني.
....
يغسلني
البصق (الصهيوني)
من (قمة) رأسي
حتى (مِعبَر)
قدمي.
ما أبهى الأمواتُ
وراء السورِ،
وأنا (الحي)
بخارجه
ما أصغرني
واتفهني
وأعدمني.
يرعبني
أن السيف العربي
تقاصر
حتى أضحى زهواً
للزينة
يتدلى من طوق
الخاصرةِ العربية.
يقتلني
ان الذبحَ
تطاولَ حتى أصبح
مرسوماً في الصحف
القومية
أما الحُكام العُرب
فصاروا
أكثر غنجاً ولهاثاً
بالفصحى (العبرية)
....
ويزرع فينا الذعر (2)
بعضُ الزعماءِ
والحكماء
من أمتنا العربية
يقولون لنا
- خافوا الله
(عودوا للهدنة)
لا تتحدوا
الصهيونيةَ
والإمبريالية
ستدمرُ أمتنا
سنفقد
(بنيتنا التحتية)
تضحكني بنيتنا التحتية
.......
حين تجيء
على بعض الألسنة
الرسمية
بنيتهم
هي من خط (السُرة)
حتى أعلى
ما بين الفخذين
هي ليست بالطبع
(حضارة ما بين
النهرين)
....
ما أبأس
نخوتنا وكرامتنا
ونحن
نفجِّرُ قُبلتنا
لنبع دماء
أصبحنا (أمة إرهاب)
في كل وكالات الأنباء
مجنون من يرفعُ
منَّا الاصبعَ
بكلمة لا
في وجه غزاة
الأنحاء،
لأن الحريةُ
منّة هذا العصر
الغربي،
هي ليست
من عند الله.
......
سبحان الله
حتى (الضاد)
صارت غانيةً
(تتمرصعُ) للغرباء.
....
آهٍ يا (بن رواحة)
يا (حسان)
يا قِلةَ غلبت
عدد الرمل
على الصحراء
من لي بجوادٍ
لا يكبو
في عصف الزحف،
ايقاعُ حوافرِه
أفصحُ
من كل غُثاء الزعماء.
يا (حمزة)
أخرج من قبرك
عانقني
لم يتبق غير التاريخ
وهذا السيف
الأثري
وشربة ماء
في جوف (السِعنِ)
لم تتلوث
ببصاق الحلفاء
وهذا الجمل الأعجف
يحدق كالمعتوه
في قلب الصحراء
يجترُ هوى ناقته
(الجرباء)
....
أبدعنا
في سفك دماء
الغيظ
وتمزقنا
ونحن نحدق في (التلفاز)
بين الثكل
على أشلاء الموتى
وإعلان (فياغرا)
و(الواقي الذكري)
من داء (الإيدز)
يبهرنا الغربُ
بأذكى (تقنية) الأشياء
ويغمرنا العقل العربي
بأحدث أصنافٍ
من (أُولويز)
نشاهد
أحدث موضات الأزياء
وتقصفنا براً
جواً
بحراً
(أحدث) أسلحة
الأعداء
وترسانة أسلحة
العُرْب
في جوف المخزن
باردة خرساء.
نحن نفضل
أن تتحدث أسلحة
الغير
وعلى فوهات مدافعنا
تتطاول أعشاش
الطير.
سبحان الله
قوتنا
في خطب الزعماء
النُجباء
(2)
يصعدُ الآن العذابُ
الى ذروة المجرة
بعدها يصير الحزن
ابتذالاً
يعرضُ سوءة
أنيابه
ويصفق بفخذيه
وهو يخورُ
مثل ثور
يمتطي
-تحت ضوء الزريبة-
ظهر بقرة
....
كل شيء الآن
يدير ظَهْرَه
ينزع من جلده
شوك الكوارث
ضاحكاً
كأنه يؤدب نملة.
.....
لم يعد هناك
ألمٌ طويلٌ
وموت بطيء
أو عدمٌ ورمادٌ
ومذبحة وقتلة
.....
(كفٌ استجابيٌ)
وضع الكون كله
في جيبه الملبدِ
(بالحصحاص)
والرُصاص
و(بالمصادفات) المؤسفة.
والأقلام الميتة.
بثغاء الخطباء
وهلوسات الشعراء
بأغاني المقابر
وخواء الخناجر
باستبداد (الرغيفة)
وعنتريات الخليفة
وهو يغوصُ
في مخاطِ المصيدة
(كفٌ استجابيٌ)
تجاوز السعير
والقيامة
الخوف والإنتباه
الإتجاه والندامة
الصمت والكلمة
الفهمَ والحكمةْ
التداعي والكرامةْ
(نافلة القول)
والمعقول
و(اللامعقول)
أنصال السفلةِ
والحبال والمشنقةْ
(كفُ استجابيٌ)
مثل تلاشي (الحلاج)
وغفوة الرتاج
رماد الاكتئاب
سبات الكتاب
عبث الانتصاب
تحت ظلِ حلمةٍ
متقيحةٍ وصدئة.
(كفُ استجابيٌ)
عندما تجني
على نفسها
ليست (براقش)
بل كلمة (السلامْ)
ينزعُ (التلفاز)
(سرواله) الداخلي
تحت أنظار الهوام
لا تضحك بعوضةٌ
ولا تقفز قًمُّلة
لا تبكي
ولا تسعد قنبلةْ
.....
تسكب الصحف.
ألوانها المتخثرة
على العبث المسيخ
(تهز وسطها)
العجوز
لورثة الرسول
وتغني
بصوتها (المرقِع)
لأشباه المسيح.
تكررُ دورانها
للوراء
مثل ثور غبي
لا يصيح ولا يرى
يجر –(بالعكس)-
ساقية المهزلة
......
تمنيت لو أنها
تركت لنفسها
الحبرَ والأوراق
واجترار الشقاق
وفَضّت بغتة
بكارة العناكب
المهملة.
(كفُ استجابيٌ)
بعد أن أطفأ
العذابُ
غليونه المتقد
في جوف بحر السعير،
وتقيأ الحُزنُ
(عشاءه الأخير)
وقُتل بغتةً
المسرحُ الكبيرُ
لا سكون ولا جلجلة.
......
الآن صار الحزنُ
بخاراً وخصياً
لا سماء
ولا ثرى
والعذابُ
صنو القهقهة
وبصاق الثرثرة
وخواء المهزلة.
(3)
هل نحن الآن
في عصر (القيامة)
(يوم يفرُ المرء
من أخيه)
وإلا لماذا
لكل منا
(شأنٌ يغنيه)
هل الغرفُ
التي (من فوقها
غرفٌ)
في القصور الناهضة
والعمارات الشاهقة
والحدائق الباسقة
والنعماء والحرير
تلك هي الجنة
بأصحابها
أما نحن (البوليتاريا)
الذين أهلكتهم
المسغبة والملاريا
أصحاب السعير؟!
(4)
اخترقتني امرأةٌ
من أخمص رأسي
حتى أعلى قدمي
وضعتني
في (طوة) جني
المسجون
سكبت فوقي
زيت الزيتون.
عصرت
في فوهة وعيي
دستة ليمون
رشت فِلفلَ
تحت الأنف
عصبت صوتي
(بورق اللف)
وشَمَت صرخة
فوق الكف
سحبت من بصري
وعثاء اللون
دعكتني ببخار
(الينسون)
غطت جرحي
بعجين من برق
وبُهار
عطنتني
في وله مسحون
مسحت جلدي
بنثار (العطرون)
ثم طهتني
على نارٍ هادئة
وهي تدندن
في غنج
بأغنيةٍ هابطةٍ
عن (فحلٍ مجنون)
.......
سبحان الله
هل أنا عربي
مأفون؟!
(5)
(هاملت) -3
ظل يفكر في مأساة
الذات
ثم تخصص
في مأساة الكون
ومضغنا جملته
وخزّناها مثل (القات)
بصوت الذات
لم نفهم أبداً
كلمة (نحنُ)
وكيف نكون
حتى نصّبنا
(الليث الأبيض)
رباً
لم يخرج من فيلم
(الكارتون)
بل (البنتاغون)
....
سيقول لنا السفهاء
دعوه (يخربش)
وجه الكون
(ولنلعب نحن
على المضمون)
....
سيقول لنا
بعض الزعماء
في رعب هامس
خافوا الله
على أمتنا العربية
و(بنيتنا التحتية)
فالعاقل
ليس كما المجنون
.....
دع (هاملت)
يخرج من سجن
الذات
لسجن الكون
ونحن (الكورس)
نولول في جلل
- نكون... نكون
- الليثُ الأبيض
- ليس الله
- سنعيد الروح
- لحرف (اللا)
- اللهُ الواحدُ
- ذاك هو (المضمون)
ذاك هو المضمون
.....
ويصرخُ في وجهي
صوتٌ
- صه يا شاعر
هذا يكفي حتى الآن
الفيلم القادم
هو السودان
.... و(ايران)
(6)
لماذا ترقص الأشياءُ
الأسماءُ
الأنحاءُ
البغضاءُ
الدهماءُ
و......
من حولي
على نعشي؟!
....
لماذا لم يزل
هذا الذي يقتات
من روحي
ومن حزني
ومن ظني
ومن لحمي
وطني
ولا وطني؟
لماذا يا مطار
الليل
تنزلني
وتطويني
وتبسطني؟!
تهبط بي
وتقلع بي
.....
ترضيني
وتغضبني
....
تزرعني
وتقلعني
....
تطفيني
وتشعلني
....
تذروني
وتجمعني
....
تطلقني الى الأفلاك
ثم تعود بي
قسراً
إلى سجني.
إلى وطني
ولا وطني
هاشم صديق
31/12/2008م
الهوامش
1/ كف استجابي (من مصطلحات علم النفس- تعني أن يصل الشيء إلى ذروته إلى درجة أن تكف عن الاستجابة له، أو الاحساس به (مثلاً تسكن قرب مصنع، أو مطار، أو محطة سكة حديد، فلا تستطيع النوم ثم تعتاد على الضوضاء والازعاج لدرجة أن (تكف) عن (الاستجابة) لهما. وكذلك بالنسبة للألم أحياناً، (تقريرياً) و(مجازاً)
(2) و(4) من قصيدة (هذا لا يكفي يا بشار) صحيفة الصحافة 28/11/2005م العدد 4482