جولة "مفخخة" مع "سلامة الحافي"
رواية "سلامه
الحافي؛ عمل أدبي إبداعي، متفجر، للإعلامي
الدكتور حسين العموش, او كما قال الروائي الأردني
, "هزاع البراري": "رواية تغوص في المنطقة الحارة من الكتابة
الابداعية". لقد تم انجاز هذا
العمل بقلم له مخزونه الخاص من "الديناميت"؛ بحكم مكانته العلمية
والإعلامية، واطلاعه. فإما البوح الصريح, وإما الكتابة بالجمر، والخيار الأخير هو ترك "سلامة الحافي"؛ الشخصية الأساسية في الرواية يسرح
على ضلاله في رحلة التيه العربي.
تنبثق الرواية إلى وجودها الزمني في الثمانينيات من
القرن الماضي وتتواصل حتى اللحظة الراهنة. وتقفل آخر صفحة على سلامة الممدد في فراشه؛
العاجز عن كل شيء، وكأنه ترميز واضح لحال القرار العربي،
عبر السنوات
تمارس الرواية، براويها وبطلها، التفكيك لكل ما هو مسكوت عنه رغم انه مرئي وواضح: السياسة، الحب،
العائلة، التفكير التقليدي المتعسف، الجنس (من حيث كونه تفريغا للكبت أكثر منه
خياراً).
بذلك؛ يكون الكاتب وشخصياته قد اتخذوا، مبكرا، قرارا
بالانحياز إلى ذواتهم المغمسة منذ البداية بالهزائم والانكسارات، والتي تولد وتقوم
وتموت على مصاطب متصدعة لا تعني إلا الاغتراب بأشكاله: العائلي، القيمي، الديني،
الحضاري, ذلك الاغتراب المشبع بالضلال, والضياع. وفي ذلك كله لا نجد أكثر وضوحاً من صورة غرقى يحاولون التعلق بشعاع ضوء
في عتمة ليل يجري بلا توقف.
تمتد الرواية,
زمنياً, عبر أربعة عقود, ومكانيا تبدأ من الأردن ذهابا إلى أفغانستان فالعراق
ففلسطين فمصر . وهي تستعرض نقاط الاستقطاب في حياة الإنسان العربي عامة, والأردني خاصة.
حتى نهاية الرواية بعدد صفحاتها الـ (225) لا نجد سطراً واحداً يقول أن سلامة الحافي قد وجد بوصلته التي أضاعها في
بداياته، تحت العنف الأبوي والتهميش اليومي الذي يلقى على عاتق الإنسان العربي..
التقلبات الحادة
التي يلجأ إليها بطل الرواية يميناً ويساراً تعكس دلالات رمزية الهشاشة الموقفية للمشاريع السياسية التي اعترت المنطقة؛ كردود أفعال
على الكارثة التي أضاعت فلسطين، بعيداً عن القرارات المدروسة أو المخطط لها. وأجمل
ما في ذلك؛ الجانب الذي أشار إليه العموش في الحديث عن مركزية القضية الفلسطينية
في وعي الإنسان العربي؛ مثقفاً ، وعامياً، وأمياً، وأكاديمياً, ودور الإنسان الأردني
الذي أزيحت عنه فلسطينيته التاريخية وهو الشريك في الأرض والدم والنضال عبر مراحل النضال/ الصراع منذ عقودٍ طويلة من
الزمن.
إياد شماسنة/ شاعر وروائي فلسطيني