دفنت زوجى امس









كان في صحة وعافية

ينتظر الجديد من يومه .. ينتظر اللحظة القادمة

والمفاجآت الآتية

هذا صبح يجيء بوهجه وإشراقه

فما يلبث أن تطفئه غسقات الليل

وهذا ليل يحبو كشبح مخيف

فما يبرح حتى يقتله شعاع الفجر

هكذا هي حياتنا

صعود وانخفاض .. ومنعطفات ومسارات

سفر وحضر .. فرح وحزن

كان رحمه الله يسير من السائرين

ويؤمل مع المؤملين .. ويرحل بطموحاته مع الراحلين

كان يعيش مثلنا بآمال طويلة عريضة

وينسج بخياله مستقبله ومستقبلي القادم

جالسته في الفجر فحدثته وحدثني

ولم أنس حين قال بنبرة المتحمس: انه يرغب في قضاء رمضان مختلف يشتغل فيه بالعبادات والصيام والقيام والقرآن)

وقد بقي على الشهر الفضيل بضعة أيام

فقلت:ان شاء الله

وتركته ويالتنى كنت أدرى انها ستكون اخر كلماتى معه

وأغمضت عينى غير مباليه ظناً منى انى سأستيقظ على

يوم جديد بلا جديد فيه



وفتحت عينى لاجده ممددا امامى  على الارض وصرت اصرخ

وهو قد فارق الحياة

هكذا

فجأة........وبدون مقدمات

بدون كلمة

بدون مرض

بدون أمنيه أخيرة

بدون وصية

والأهم...بدون وداع

  

:أخذت أردد: إنا لله وإنا إليه راجعون  

مرت أيام عصيبة بعدها .. أتذكر زوجى فيها كل يوم مرات ومرات

وانا غير مصدقة لهذا الحلم الذي مررت به

والناس من حولى تقدم لى العزاء وانا أردد بلا وعى:

البقاء لله وحده

إنا لله وإنا إليه راجعون



شعرت بالحزن وأسى لم أستطع معهم التعبير

فكل ما استطعت فعله هو التمسك بالمصحف

آمله أن أنال منه الصبر  

وبدأت أدعو له بالرحمة والمغفرة

وعند أذان العصر وقبل الدفن بدأت أشعر بغربة عجيبة

ووحشة تسري في أعماقي

ويالها من كلمات قاسيات حين نادى المنادي

" الصلاة على الميت يرحمكم الله "

أحدثت هذه الكلمات ضجيجاً في داخلي

ورحت أستذكر مواقفي مع هذا الذي يدعى الآن (ميت)

فقد كان هذا الميت

((زوجى))

سبحان الله لقد خلعوا عنه كل الأسماء

وسمّوه بهذه الأحرف القاسية ( م ي ت

أدينا الصلاة عليه وحُمل على الأكتاف وأسرعوا

وأنا أساءل نفسي هل المحمول هو حقا زوجى



أوّاه من هذه الحياة نجري فيها وكأننا مخلدون للعيش واللهو

ونسينا أن الموت هو مصير كل حي

ولكن الذي آلمني حقيقة ..

أن موت زوجى كان قبل دخول رمضان

وقد كان يأمل ويتمنى بلوغ هذا الشهر مثلنا

وربما خطط ورتّب وأعدّ العدة للصيام والقيام

ولكن قدر الله كان أقرب

فما أعظمها من نعمة أن مدّ الله في أعمارنا حتى بلغنا شهرنا الكريم

وتفكرت في أمنيات زوجى نحو ابنته في عملهاوزواجها واطفالها فتذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم



حين مرّ بقبر فقال: من صاحب هذا القبر؟ قالوا: فلان فقال: (ركعتان خفيفتان مما تحقرون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم)



فاللهم اغفر لزوجى وأسكنه فسيح جناتك

واكتب له أجر الصيام والقيام كما همّ

ووفقنا لرضاك واجعل خير أيامنا يوم نلقاك

اللهم إجعل قبره روضه من رياض الجنه

ولا تجعله حفرة من حفر النار

أسألكم ألا تنسوا أمواتنا بصالح دعائكم بالمغفرة والعفو والرحمة من الله العفو الرحيم



اللهم إن كنت أتوكل عليك في أمور الدنيا ولى فيها إختيار فكن حسبي ووكيلى عند تمام عجزي في خروج روحي وعند السؤال في قبري

وفي الحساب عند عرضي وعلى الصراط عند إجتيازي



اللهم أعد إلي فطرتي بطهرها وجدد لي إيماني واختم حياتى بعلم اليقين

اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر  






View safee's Full Portfolio