هل تعرفُ شيئاً من شوق الوردِ ؟
و جنون الوردِ ؟
هل تعرف شيئاً من وَلَهِ الوردِ؟
الوردةُ تتوحشُ أحياناً
تتوحشُ شوقاً …
تتوحشُ عِشقاً …
هل تعرفُ شيئاً من فوضى الأحلامِ ؟
أحلام الليلِ الشاردةِ
أحلامِ الليلِ الباردةِ
فأنا لا أعرفُ
إلا قصص العتمة
***
أرنو للّونِ البُنِّيِّ بعينيكِ
و أصيغُ الأفكارَ …
من عينيكِ أرومُ الحكمةَ
و القَدَرَ الأبَنوسيَّ …
كَلَوْن السنجابِ …
فَروٌ عيناكِ …
كَلَون السنجاب و لون العِطرِ
و لونِ الخمرةِ و الشمسِ الغاربةِ
و لونِ الشَفَقِ …
***
و الطّفلُ بأعماقي يمضي
في صحراءِ الجسدِ وحيداً
شيءٌ كالسِّحرِ الغجريّ
و كالحُلُمِ
أتسلّقُ عالمَ أوهامٍ
أبلغ رشفةَ حلمي
فأُفاجأُ …
بالحلم يسيلُ كما الزّئبقِ بين يديّ …
كالزغبِ الناعمِ
كالطَّلِّ على خدّ النرجسِ
و أُحبكِ …
أكثر من موسيقى الحُبِّ أُحبّكِ فاتنتي..
هذي الموسيقى يسمعها …
ذاك بقايا حُلُمٍ و حطام الذاتِ
و ذاك يراها رُعباً أزلياً
و حكايةَ أحلامٍ
و ذاك يراها موسيقى آلهةِ الموتِ
يُشيّعُ فيها قصةَ حبٍّ
لا يعرفها غيرُ الشيطانِ
و ذاك يراها نهراً سيّاباً
يرمي فوق ضفاف الليلِ
أزهاراً لا لون لها …
و ذاك هناك يُنجّم في كأس المشروبِ
و يرسم فوق الخشبِ البُنِّيِّ بإشراف الضَّوءِ الخافتِ
شكلاً للقلب و سهماً أبلهَ
يخرقُهُ …
يُنهيهِ بحرفٍ يُنكِرُهُ …
أنتَ بقايا أحلامٍ لا أكثرْ …
و ستبقى أبداً في كهف الوحدةِ
تلعقُ أسماءاً لا يعرفها غيركْ
و أنا آسرتي ما أشهدُ فيها ؟
كُلُّ تواشيح الماضي الورديّةِ فيها …
و الجبلُ السابحُ نحو سماءِ الدفءِ كذلك فيها …
و الغيمُ الناعمُ …
و ضبابُ الوحدةِ …
و الليلُ …
و كُرسيٌّ يتأرجح قُرب النارِ الحمراءِ
الغافيةِ على شَفَةِ الموقدِ فيها
عِشقٌ أزليٌّ يجمع ما بين الدفءِ و بين النارِ !
و بين الحبِّ و بين الشوقِ !
و بين القهوةِ و المطرِ المجنون !
***
و حكايةُ هذا الحاضرِ تقطر منها
من يعرف كيف يعيش الحبُّ
و كُلُّ ذئاب العالمِ تتربّصهُ ؟
من يعرف كيف يسيلُ لعابُ الشهوةِ
من جوف عباءاتٍ خرقاءْ ؟
في العتمةِ ، لا شيءَ حرامٌ
الكُلُّ يُراهق في العتمةِ !
الطفل يُراهق حلمَهْ …
و الشيخ يُراهق ماضٍ أنهكَهُ التعبُ …
و الكُلُّ يَضيع بلُجّةِ هذا الجسدِ المحمومِ
و الليل ينوءُ بأسرار العتمة
و يعضّ الشّفةَ السفلى خجلاً
من جسدٍ أغلق كُلَّ متاريسَ الضَّوءِ
و راح يغوص بأسرار العتمة
الكُلُّ يُراهق في العتمة
و الفجرُ ،
بداية كذبتنا الكبرى
نغسلُ بالشمس خطايانا
نلبسُ أفخمَ حُلّة
نتعطّر كي نخفي رائحةَ الشهوةِ
نرسم وجهاً تملأه الحشمة
و نهيم بهذا الرّكبِ الهائمِ للمجهولِ
و نقرأُ في الصحف الحمراء حكاية
عن جسدٍ لامرأةٍ
وجدوهُ غريقاً
سلخوا عنها جلد الوجهِ
قطعوا النهدين بمنشارٍ
كسروا عظمَ الساقينِ
رجموها بالأمسِ
فقد كانتْ
تمشي جهراً في العتمة …
***
من يعرف كيف تسُودُ كلاب العالم شفتيكْ ؟
تقضمها باسم العادات و تسرق منكَ حنان القُبلة
تزرع في عينيك كلاباً تعوي للجسد الساخنِ
ترمي بكلابٍ أخرى ترقب قدميكْ …
تتحجرُ ساقاكَ …
تبتلعُ لسانكَ
تُغمضُ عينيكَ و تندحرُ …
***
تلك حكايةُ عالمنا
و حكايتنا في العتمة
و حكايةُ آهاتٍ تَتغنجّ طرباً
لجنون ملائكةِ الظلمة
و حكاية ليلٍ
تعِب وُقوفاً خلف الأبوابِ
ليلٌ
تَعِبَ هروباً
تَعِبَ قُروحاً
و بات يناجي الشمسَ الغَجَريّةَ
أن تحتلّ الأفُقَ
و تَسكنَ هذي العتمة
*****