الموصل / نوزت شمدين
التقينا بالسيد خليل إسماعيل خليل صاحب مكتبة زهرة المدائن الواقعة في منطقة الدواسة على الساحل الأيمن من مدينة الموصل ، وهو في الوقت ذاته المتعهد الوحيد لتوزيع الصحف في المدينة سألناه عن الصحف الأكثر مبيعاً في المدينة ، وما هي الأسباب وراء ارتفاع مبيعات صحيفة على حساب الأخرى ؟
- المشرق تأتي في المرتبة الأولى من بين اكثر الصحف مبيعاً في الموصل ، تليها البصائر ثم المدى أما بالنسبة للصحف الأسبوعية فأن الاتجاه الآخر هي الأكثر مبيعا ، والحقيقة أن هناك أسباب عديدة وراء ارتفاع مبيعات الصحف أو انخفاضها ، منها المادي المتعلق بسعر البيع فهنالك صحف نستلمها على سبيل المثال بمئة وخمسون ديناراً ونوزعها على الباعة بمئة وخمسة وسبعون ديناراً ليبيعوها بدورهم بمئتين وخمسين ديناراً فيكون الربح بالنسبة إليهم مجزياً دون أن يضطروا إلى رفع السعر بأكثر من ذلك الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب على الصحيفة لسعرها المناسب وفيما يخص جريدة المدى فنحن نوزعها بمئتي دينار والسعر هذا لا يناسب الباعة لارتفاع أجور النقل بالنسبة إلى الجوالين منهم ، أما أصحاب المكتبات فملزمين بدفع بدلات إيجار كبيرة إضافة إلى أجور النقل ، فيعمدون إلى رفع سعر البيع إلى أكثر من مئتين وخمسين دينارا لأضافه هامش من الربح ولقد وردتني شكاوى من الناس يقولون فيها أن المدى تباع في الساحل الأيسر في منطقة المجموعة وكراج الشمال بثلاثمائة دينار وأحياناً بأكثر من ذلك ، وهذا بالتأكيد يؤثر بشكل سلبي على مبيعات الصحيفة . أما السبب الآخر فيتعلق بالسياسة التي تتبناها الجريدة فكلما كانت قريبة من المواطن وهمومه الحياتية وصادقة إلى حد ما في التعبير عنه بطرح الأفكار والتصورات التي تشغل باله ودقيقة في نشر الخبر كلما تقبلها المواطن والتزم بالحصول عليها . أما إذا كانت بعيدة عن الشارع وتؤيد ما ينفر منه المواطن وهازئة بالثوابت والمبادئ التي يؤمن بها فأن من الطبيعي أن يتم تجاهلها بل يصل الأمر أحياناً إلى التشهير بها وتحذير الآخرين من قراءتها بوصفها صحيفة كاذبة !! . والذي انتبهت أليه بشكل جلي أن معظم الناس الذين يرتادون المكتبة يقتنون الصحف المستقلة ، ويركزون في معرض بحثهم عن الصحف الجديدة على جهة الإصدار ورئيس التحرير واغلبهم يرفضون شراء الصحف التابعة للأحزاب لأنها برأيهم تعتبر المواطن مجرد أداة للوصول إلى طموحاتها وأهدافها .
( المدى الرياضي هي الأولى )
· ماذا عن الصحف الرياضية ؟
- الصحف الرياضية تتأثر بالحركة الرياضية عموماً فانطلاق الدوري المحلي ومشاركة المنتخبات الوطنية في البطولات الدولية هي عوامل مهمة لارتفاع مبيعات هذه الصحف . والزمان الرياضي هي الصحيفة الأكثر مبيعاً لدينا لأنها اليومية الوحيدة . أما الأسبوعية منها فأن المدى الرياضي تحتل مكان الصدارة ومن ثم سبورت والرياضي الجديد . وعدد كبير من الرياضيين والمهتمين بهذا الجانب يسألوننا عن موعد صدور المدى الرياضي بشكل يومي ، وأرجو معهم أن يكون ذلك قريباً .
( الصحف الموصلية تفتقر إلى الدعم )
· هناك انحسار كبير للصحف الموصلية ، كيف يمكن للمتبقي منها منافسة نظيراتها القادمة من العاصمة ؟ .
- كانت هناك اكثر من خمسين صحيفة تصدر في الموصل لوحدها قبل نحو عام من الآن ، ثم وبمرور الأيام تقلص عددها ولم يعد يصدر منها سوى ثلاث أو أربع صح فقط ، البعض يعزو ذلك إلى الوضع الأمني ، وآخرون يرون أن السبب هو مادي بحت ، وأنا مع هؤلاء في رأيهم وذلك لأن أغلب تلك الصحف المتوقفة الآن لم يكن لديها دعم ثابت ومبيعاتها لم تكن تغطي تكاليف الطباعة ورواتب المحررين وإيجار المقر وغيرها من النفقات إضافة إلى أن الجهة التي كانت تدعمها جميعاً قد توقفت عن مد يد العون لأسباب غير معروفة مما حدي بهذه الصحف أن تتوقف إلى أجل غير مسمى .
للتعرف على رأي المواطن الموصلي بالصحافة العراقية الجديدة اخترنا منطقة المجموعة الثقافية حيث جامعة الموصل وهناك بدأنا أول لقاءاتنا وكان مع طالبة الماجستير سهى جميل :
- تعتمد بعض الصحف الصادرة في العراق هذه الأيام على أعين الآخرين في اقتناص الأحداث دون أن تتكبد عناء البحث عن الحقيقة لذا نجد أنها كثيراً ما تسقط في شرك الإشاعة لتغرق فيه سعياً منها في زيادة مبيعاتها لا غير ، البعض الأخر من الصحف مجند لصالح حزب أو تجمع معين ولأنها مصممة للتلميع والتملق فتظل تراوح في دائرة الفشل إلا أن تطلق عليها رصاصة الرحمة وتتوقف عن الصدور شأنها في ذلك شأن عشرات من الصحف في الموصل لوحدها ، حيث توقفت معظمها عن الصدور لأنها ظهرت في الأصل لكي تبرز شخصية أو حزب ما بصورة يكتسب من خلالها ود المواطن واحترامه لكي يمنح قلبه وبالتالي صوته في الانتخابات ، وأول شيء يحدث عادة بعد الهزيمة في الانتخابات هو إغلاق الصحيفة من قبل أصحابها والانزواء بانتظار اقتراب موعد انتخابات جديدة يعاودون من خلالها ظهورهم الصحفي !؟ .
محمد عزام ( موظف حكومي ) : صعوبة الحصول على الصحيفة أصبحت مشكلة تقف في طريق متابعتنا بشكل مستمر لما تنشره الصحف فباعتها في الموصل لا يتجاوز عددهم الخمسة في أفضل الأحوال وهم متمركزون في منطقتي الدواسة والجامعة وهاتان المنطقتان يصعب الوصول إليها أحيانا بسبب الزحام أو سوء الأوضاع الأمنية ، وأنا لا أجد تفسيراً منطقيا لقلة باعة الصحف في مدينة واسعة وكبيرة مثل الموصل ، لقد اختفى مثلاً منظر الأطفال وهم يلوحون بالصحف عند الإشارات الضوئية ولم نعد نشهد المكتبات وهي تعرض على واجهاتها عناوين الصحف ، إن أغلب مناطق المحافظة لاتصل إليها الصحف مطلقاً . وبالتأكيد مرد ذلك ليس بسبب تراجع الوعي لدى المواطن أو ما يسميه البعض بأزمة ثقافة والدليل على هذا أن الكثير من سكان الجانب الأيسر يتكبدون مشقة العبور إلى الجانب الآخر من أجل الحصول على صحفهم المفضلة ، العجيب في الأمر أن نينوى بأسرها ليس بها سوى موزع واحد فقط للصحف ومكتبته واقعة في الساحل الأيمن وهذا يعني بأن أي مشكلة أمنية تحدث وتغلق على أثرها الطرقات فهذا يعني أن الساحل الأيسر برمته يكون محروما من الحصول على الصحف في ذلك اليوم .
علي حسين ( محامي ) : إنني يائس تماما من ظهور صحافة عراقية محايدة وأكبر دليل على هذا القول هو خلو أغلبيتها الساحقة من أي ذكر لما تقترفه قوات الاحتلال ضد أبناء وطننا وتجدها وهي تسرد الأخبار والتقارير وكأنها ناطقة باسم ما يسمى بالقوة المتعددة الجنسيات بينما تصف أي تحرك آخر إرهاباً ، متناسية أن أي احتلال عبر التأريخ كانت تقابله مقاومة وطنية شريفة مع أنني أتفق ومعي كل شخص واعي أن هناك جهات إرهابية مخربة تحاول من خلف الكواليس قتل طموح الشعب ووأد تطلعاته نحو الغد ، هذا واضح تماماً لكن على بعض الصحف أن تسمي الأشياء بمسمياتها ويفترض بها أن تمارس عملها باعتبارها سلطة رابعة وليس مجرد أبواق تزعق لمن يدفع أكثر ! .
حميد عبد الوهاب ( شاعر وصحفي ) : كثرة الصحف وتنوعها شيء إيجابي ويصب في مصلحة بناء الثقافة ، والمواطن العراقي مثقف وواع بطبعه وهو يدرك مستعيناً بحسه الوطني من يقف إلى جانبه ومن يخدعه ، هكذا هو الأمر إنها السياسة التي أصبحت تتدخل في كل شؤونا رغماً عن أنوفنا ولم تعد العبارة الماكرة ( أنا لا أفهم في السياسة ) عذراً للتهرب من أي حديث يفتح بوجهك عنوة ، ولأن واجب الصحافة يكمن في نقل الحدث وشرحه للمواطن فأتأمل من صحفنا أن تتوخى الأمانة في تأدية وأجبها وأن لا تنساق وراء أهواء من لا يفكر سوى في حدود خطوته . فيما يتعلق بالصحافة الموصلية فهي مصابة الآن بما يشبه الشلل نظراً لافتقارها إلى التمويل المناسب الذي يكفل لها التميز والنجاح فمحررو صحيفة نينوى على سبيل المثال يعملون فيها بشكل شبه مجاني ، وللأسف فأن جريدة مثل الحدباء وهي من بين أقدم الصحف الموصلية باتت تصدر لمجرد المحافظة على بقائها وأصبحت المادة الإعلانية في متنها تفوق وبشكل كبير على موادها الصحفية ، وكذلك بالنسبة للأخريات باستثناء الإنقاذ والمسار اللتان تسيران بشكل مطمئن لتوفر الدعم المادي لهما .