نوزت شمدين
في الوقت الذي تدهم فيه ( أنفلونزا الطيور ) حقول الدواجن في بعض بلدان العالم ، أصيبت لدينا (الشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية) بأنفلونزا الديون ..! .
والفارق بين الحالتين أن المرض هناك يتسبب بتصفية الملايين من الدجاج المسكين ، أما هنا فهو يتضاعف ليصيب مربي الدجاج بالذبحة الصدرية أو الجلطة الدماغية !؟ . ولمن لا يعرف القصة من بدايتها أقول : هل تذكر الدجاج الزراعي ؟ . فإذا كنت من ذوي الذاكرة القوية فبالتأكيد ستعرف ما أعنيه ، لأنك لابد أن وقفت ذات يوم في (طابور) طويل خلف سيارة البيع المباشر ويدك المرتجفة قابضة على (1350) ديناراً ثمن كيلو غرام واحد من الدجاج (الحلمي) الذي يتحقق عادة باكتشاف أنك قد اشتريت شيئاً ظاهره لحم دجاج وباطنه ثلج ..!؟ . وهذا ( الثلج ) عفواً الدجاج الذي اشتريته وصل إليك بعد سلسلة طويلة نهايتها الذائبة الصغيرة في صحن طعامك، وبدايتها عند وزارة الزراعة ممثلة بالشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية فهي التي كانت تجهز المفاقس بالبيض ، وفيما بعد توزع (الكتاكيت) على مربي الدجاج وتمدهم بالاعلاف اللازمة لنفخها مقابل صكوك ضمان تأخذها منهم مباشرة أو من مجازر الدجاج التي كانت تكفلهم أيضا بصكوك ضمان . ثم تقوم بالاشتراك مع هذه المجازر ببيع الدجاج المجزور مباشرة إلى المواطنين بأسعار مدعومة وبأشراف من أحد موظفيها الذي كثيرا ما كان يترك المكان بعد بيع الدجاجة الأولى فتختفي باقي الكمية لتظهر بعد حين في أماكن أخرى وبأسعار تجارية تقول للفقراء ( للعرض فقط ) ! . ثم جاءت خطة الطوارئ ووزعت الشركة كميات كبيرة من الأعلاف على المربين ضمن برنامجها، ليس لسواد عيونهم وإنما لإفراغ المخازن التابعة لها خوفا من عاصفة الحرب التي كانت تلوح في الأفق . ولذلك فقد تراكمت الديون على كاهل هؤلاء المربين ووصلت إلى أرقام فلكية ولم تفلح كل محاولاتهم بعد أحداث عام 2003 في التخلص من أعبائها ، فالكثير من حقول الدواجن تعرضت في تلك الفترة للتدمير أو السرقة أو تحولت إلى ثكنات عسكرية . وبالرغم من علم وزارة الزراعة بذلك وبدلا من إعفاء المربين أو في أقل تقدير التسامح معهم قامت مؤخراً بمطالبتهم بالتسديد ملوحة بالغرامة التأخيرية تارة وبالمساءلة القانونية تارة أخرى من دون أية مراعاة لحجم الدمار الذي لحق بهذا القطاع الحيوي جراء الحرب وتبعاتها. ثم أرسلت الوزارة موفديها إلى مشاريع ومجازر الدواجن ومعهم إنذارات شديدة اللهجة.
انها دعوة لوزارة الزراعة الموقرة لاعادة النظر في هذا الموضوع، ومحاولة دراسته ومراعاة ما قد يسبب من مشاكل لشريحة من المواطنين تحملت خسائر كبيرة وعليها الآن ان تدفع المزيد. انها دعوة هدفها المصلحة العامة.