أوهام زجاجية
نوزت شمدين
لا أدري من الذي همس في آذان مسئولي مدينة الموصل وأقنعهم بأن المواطنين بحاجة إلى مظلات زجاجية تستر ملابسهم من ريح وبلل الشتاء بينما هم ينتظرون حافلات لن تأتي أبداً..؟؟! .
ربما تعلق الأمر بهدية قدمتها شركة مجهولة لضمان حصولها على عقد من تلك العقود التي فضحتنا بها وسائل الأعلام دون أن نجد لها أي أثر..! . أو ربما هي نية خالصة في نقل ركابنا من العصور الحجرية والخشبية القديمة المليئة بالخربشات الغامضة إلى عصر زجاجي صقيل يتحول فيه الانتظار إلى نزهة شفافة تخضر في شتائها محاصيل الصيف وتصفر في صيفها فواكه الشتاء !! .
لكن مع تهشم زجاج هذه المظلات المسكينة واحدة بعد الأخرى بمجرد الانتهاء من نصبها، فأن الشيء الأقرب إلى التصديق هو أن الموضوع يتعلق بمكيدة حضارية تقف ورائها عدد من الفضائيات العربية التي ستنقل بعد حين رسالة مستعجلة إلى العالم تقول فيها أننا شعب يحطم كل شيء..؟! .
أحد المهووسين القدماء بكتابة المذكرات على مقاعد الحافلات ومحطات وقوفها اعترف بأنه كان وراء تحطيم واحدة منها لأنه اعتبر زراعة هذه الأجسام البلورية في هذه الأماكن مؤامرة دبرتها الحكومة لمنعه من ممارسة حقه في التعبير، وأن الديمقراطية التي يتحدث عنها الجميع ليست سوى أوهام زجاجية سرعان ما ستتكسر أمام واقعنا الحالي، وأنه قبل وصول تقنية الانتظار تحت هذه المظلات كان يجد في الغالب مساحة يوثق فيها مواجعه إبتداءً من البطالة وانتهاءً بالتصريحات الشاذة لنانسي عجرم..! ، وهو الآن مصر على الأعتقاد أن بمجرد انتخاب حكومة جديدة سيضطر للعودة من جديد إلى كتابة مذكراته في دورات المياه الصحية..؟؟! .