سر القلعة
رواية:ندى الدانا حلب _سوريا
الفصل الأول:قلعة الشبح
حين تصل إلى مدينة الحرير، لابد أن يلفت نظرك درب ضيق بين الأشجار على يمين الشارع الرئيسي الذي يوصلك إلى المدينة، درب متعرج بين غابات كثيفة، على سفح هضبة تنتهي بقلعة تتربع على قمة الهضبة، يحيط بها خندق عميق من كل جهاتها، قلعة جبارة، لم يعرف تاريخ القلاع في العالم مثل ضخامتها، لذا سموها: أم القلاع، وعرفت أيضا باسم آخر توارثه الناس عن آبائهم وأجدادهم، وهو: قلعة الشبح. سيخطر لك أن تتساءل: لماذا سموها قلعة الشبح ؟سوف تضيع في متاهات حكاية قديمة يتداولها الناس منذ زمن طويل، يضيفون إليها مزيدا من الحكايات، يؤكدون أنها صحيحة، يحلفون برؤوس أولادهم أنهم رأوها وسمعوها.
تشتهر المدينة بحكاياتها، وأساطيرها، وأحداثها الغريبة عبر التاريخ، حكاية القلعة واحدة من هذه الحكايات، يتهامس سكان المدينة أنه بين وقت وآخر يظهر في الليل شبح يحوم حول القلعة، فارس يمتطي فرسه، ويحمل سيفه، ويركض حول القلعة ملثما، لا أحد يعرف من هو، ادعى الكثيرون أنهم تحدثوا إليه، وعرفوا شخصيته، كانت الحكايات التي ذكروها مختلفة، وكان اسم الفارس كل مرة مختلفا..قالت فضيلة العجوز إنها ذات يوم كانت تمشي في الليل مع زوجها قرب بيتهما الذي يقع في طرف المدينة قريبا من القلعة، فدفعها الفضول لإقناع زوجها بصعود الدرب المؤدي إلى القلعة، والدوران حولها، واستنشاق الهواء النقي، فجأة رأت الفارس الملثم أمامها، خافت، أمسكت يد زوجها، انحدرت سريعا عبر الدرب.
نوار الشاب المغامر فقال إنه رأى شبح الفارس عدة مرات وحدثه، قال له: إنه كان ملكا يسكن في القلعة، تمرد عليه قائد جنده، قتله، وتربع على عرشه، وأنه يحن إلى القلعة التي شهدت مقتله فيأتي لزيارتها.
قال يوسف إنه رأى الشبح وتحدث إليه فقال له إنه كان عاشقا أحب فتاة خطفها ليتزوجها، بعد أن رفضه أهلها، فقتله أخوها في هذا المكان، وهو يأتي إلى القلعة ليتذكر حبيبته، ويتذكر المكان الذي فاضت روحه فيه.
قالت حليمة: إنها رأت الفارس، وحدثها، قال لها إنه كان متزوجا من امرأة جميلة، ضبطها مع صديقه متلبسة بالخيانة، فتعارك مع صديقه، وانتهت المعركة بقتله عند باب القلعة.
الجميع يؤكدون وجود الشبح، ويؤكدون جولاته الليلية، ويختلفون حول اسمه، وقصته، ويعرف سكان المدينة أن الأشباح تمثل أشخاصا ماتوا قتلا، وتأبى أرواحهم أن تفارق المكان.
شبح القلعة استقطب السياح الذين يريدون أن يروه، يكمنون حول القلعة ليلا لرؤيته، بعضهم رآه، وروى حكايات عنه، ومعظمهم رجعوا بخفي حنين، لأن الشبح لا يظهر دائما، بل في فترات متباعدة، وهكذا ظل فارس الليل لغزا أمام الكثيرين ، كبرت حكايته وتضخمت ، تحولت إلى أسطورة جميلة تفتخر بها المدينة .