قالت نور لأمها: أريد أن أذهب إلى الحديقة العامة، سأرى الحمام، والبطات التي تسبح في البحيرة.
قالت الأم: غداً سنذهب إلى الحديقة يا ابنتي.
في اليوم التالي ذهبت نور مع أمها إلى الحديقة، كان الصيف قد رحل، وبدأت نسمات الخريف تتمايل برشاقة ونعومة، قالت نور بفرح: أنا أطير في الهواء، أنا طائرة، مدت يديها إلى جانبيها، وقالت: أنا أملك جناحين، هل تستطيعين يا أمي أن تطيري مثلي ؟!
ضحكت الأم وقالت: الأطفال فقط هم الذين يطيرون، هيا طيري يا صغيرتي.
رأت نور أوراق الأشجار المتساقطة على الأرض، سألت أمها: لماذا تسقط أوراق الأشجار ؟
قالت الأم: كل عام في الخريف تخلع الأشجار ثيابها البالية، تصفر أوراقها وتذبل، ثم تهوي إلى الأرض، وحين يأتي الشتاء تصبح معظم الأشجار عارية جرداء، ثم تحتفل الأشجار بقدوم الربيع، فترتدي ثياباً خضراء من الأوراق، وتزهر، لتصبح فتنة للناظرين.
قالت نور: أنا أحب الخريف يا أمي، الطقس منعش، ولا أشعر بالحر.
قالت الأم: كل عام في نهاية شهر أيلول يبدأ فصل الخريف، ويصبح الطقس معتدلاً، وتفتح المدارس أبوابها، لتستقبل الأولاد المجدين، فقد انتهت العطلة، وابتدأ الجد والاجتهاد.
مشت نور مع أمها في ممرات الحديقة، رأت كثيراً من الأولاد مع أمهاتهم، يلعبون بالكرة، أو يتسابقون، ويقفزون قالت لأمها: أحب أن ألعب مع الأولاد يا أمي.
قالت الأم وهي تقترب من امرأة تراقب ابنتيها اللتين تلعبان سأعرفك على طفلتين كي تلعبي معهما.
ألقت الأم التحية على المرأة، فأجابتها ببشاشة ولطف، قالت لها: ابنتي نور تريد أن تلعب مع طفلتيك.
قالت المرأة : أهلاً وسهلاً بنور الحلوة .
نادت المرأة ابنتيها لتعرفهما على نور، فرحت الطفلتان بمعرفة نور، ولعبت نور معهما بالكرة، والدراجة، وقفزت حتى تعبت، بينما جلست أمها تتبادل الحديث مع أم الطفلتين.
اقتربت نور من أمها، قالت لها: تعبت يا أمي أريد أن أذهب إلى البيت.
ودّعت نور صديقتيها واتفقت معهما أن تراهما دائماً في الحديقة العامة فقد أحبتهما كثيراً، ودّعت أم نور أم الطفلتين واتفقت معها أن تحضر نور بعد عدة أيام كي تلعب مع ابنتيها.
عادت نور مع أمها إلى البيت وهي تمشي فوق أوراق الأشجار الصفراء التي تزدحم في ممرات الحديقة، وتتكسر تحت أقدام المارين، وصلت نور إلى البيت وقد أحست بالفرح والسعادة.
******************************************************************************************