صَمَتَ البيان
و غَفا اللِّسانُ عن الكلام
و تَعطَّلتْ في الشِّعرِ أبحُرُ نظمِهِ
تبدي السلام
و تخفي في الحنايا جذوةَ الشَّوقِ
الدّفين تكلَّلت بالمجدِ في لحن الحياة
و تقابلت بالوجدِ في عتمِ الظَّلام
حار الكلام
إن قلتُ في حبي لكِ شوقاً
و النَّظمُ في شوقي لكِ عشقاً
إن قلتُ أنَّ الرُّوحَ أنتِ
و أنتِ أنسامُ الحياة
و أنتِ تعريفُ الجمال
و أنتِ أُغنيةُ الأماني و القمر
و أنتِ في بحرِ الحكايا و الدرر
و أنتِ للأيامِ دفقةُ عشقِها
أوَ هل أُلام
غصَّ الفؤاد بحزنكِ الحاني
و توسَّدت في تربكِ الدافي عيوني
تقرأينَ الشَّوقَ فيها و الحنين
في لحظة الطَّرْفِ الحزين
حيناً تُخيِّطُ بالأشجانِ ألواحَ السَّفين
أوَ تعلمين
أنتِ التي عيناكِ شرعُ العشق و العشاق
غنَّاكِ في عتمِ الدُجى مُتَرنِّماً
هوَ عندليبُ الشَّوقِ و الأشواق
كنتِ المدى و الرُّوح
أنتِ المطلعُ
و بنفحِ عشقٍ في الجَفا
غنَّى الحمام
لا زلتِ أُغنية الصّباح و نفحَهُ
يا آخر الحبِّ الجميلِ و أنتِ أنتِ أوَّله
لا لستُ أدري أَذاكَ شوقٌ أم حنينٌ أم وَلَه
من ذا الذي يخفيهِ دهراً في الحشا
أو ذا الذي يبديهِ ليلةَ عشقِهِ
يحتارُ في فهْمِ الهوا من أوَّله
فجميلةٌ أنتِ
كشمسِ الصُّبحِ راقصها الغمام
كنورسةٍ بالشَّوقِ أعجَلها الحنينُ إلى السَّلام
و اغرورَقَت عينا محبِ حينما
وقفت على أكتافنا شمسُ المغيب
و الشَّمسُ خلفَ جدارِ غيمٍ تختفي
و تقولُ في خجلٍ
هيهات أن ألقاكِ يا نوراً سباني
إنّي أنا ظلُّ الضِّياء لشمعةِ الأكوان
و صدى الهيام
طيرُ القبابِ أنا و إنِّي في سمائِكِ نُزهتي
و تضيعُ في أنهارِ دمعي مراكبٌ
سأَمرُّ كي ألقاكِ
رغمَ البعادِ و رغمَ حرماني
رغم السنين و رغم أحزاني
ألقاكِ يوماً إنَّ ذا عهدي
و يكونُ لومُكِ و العتابُ حياة
يحلو الملام
لا يأسَ في ليلِ الهوا يا عاذلي
ما اليأس في بالي أنا الولهان
ما العشق يقبَلُ في الهوا أعذارهُ
أو تعذِلنَّ و تُسدِلنَّ سِتارَهُ
عيناكَ تبديهِ برغمِ خفائِهِ
باحت بما تُخفيه من بين الضُّلوع
لا طيبَ عيشٍ دونَ قُربِكِ يا حنينَ الأمنيات
و مُهاجراً أبغي الوصالَ و نظرةً
فصدى هواكِ يُحيِّرُ الألباب
يُزيِّنُ الأحلام
يناجي البدرَ في صمتِ الليالي
يا أنتِ يا هَمَساتِ نايٍ لو تُغنَّى في أصابِعَ من حنين
يا أنتِ يا زُوَّادةَ الشَّوقِ المُعتَّقِ من دموع العاشقين
يا أنتِ يا طُهرَ القُلوبِ مُعلَّقاتٍ في كفوف الياسَمين
و لأنتِ عيناكِ ابتهالاتُ المُهاجرِ في حنايا السَّائرين
يا صورةً نُقِشت على وجهِ القَمر
و القلبُ في محرابِ عينيها ينادي الزائرين
حُباً سجودَ الرُّوحِ عندَ الرُّوح يا قومي
حتى نُصلي العشقَ يوماً في محاريبِ العُيون
لا لا أُلام
صَرَختْ بوجهِ الظُّلمِ هَزَّتْ عرشَهُ
إنِّي أنا نورُ البِلادِ على المدى
و أنا الجميلَةُ بالطَّهارَةِ و النّدى
مهما تخاذَلَ للعِدا أبناؤُها
تبقى العتيدةُ في جنودٍ للفدا
و تقولُ حينَ الحُبِّ ألفَ قصيدةٍ
إنِّي أنا العِشقُ المُتيَّمُ إذ بَدا
إنِّي الجميلةُ في بهاءٍ مُغدِقٍ
شيماءَ غنَّاها نسيمي مُنشِدا
أنتِ اللحونُ و أنتِ نظمُ قصيدِنا
يا قُدسُ و الكَلِماتُ و النَّغَمُ
يفنى الكلام .