كان هنا وكنت هناك
أجلس معه في لحظات الذكرى
كان هنا يرمقني
ويخط حروفا فوق بياض النبض لدى قلبي
يحدق فـي مرارا وكأنه يرسمني ،
يطفح بالبشر محياه
يتصفح ذاكرتي المهجورة
مثل كتاب لم يقرأ
نسيان .. نسيان ..
ها قدرحل لتوه منذ قليل
ويمم نحو مكان مجهول
ليت صديقي يرجع مثل الفجر ،
أو مثل النور
يسطع كالشمس ،
من كبد الديجور
قد يرجع .. هذا أكيد
لأني رأيته آخر مرة ، في العام القادم
وهوصغير لم يولد بعد
وصار صديقي ،ألقاه في وقت العيد ...و
منذ عرفته كان جريئا وطموحا
كان يحب البحر ويعشق زرقته
يتدفق مثل النهر ،
الشوق تراقص في عينيه
كفراش أذهله النور
إني سبقته حين أتيت هنا ،
وأعرف أنه قبل قليل سيلحق قبلي
وأعرف أيضا أنه مات ،
ليحي معي لحظات
كان هنا ، وسيأتي كعادته مبتسما
يتحدى الغضب الشاحب
يؤنسني من وحشة أيامي المصلوبة
في أفواه الصمت الأسود والخوف
كان هنا ينتظر قدومي
وسيأتي .من الماضي إلى المستقبل ،
فليس هناك حدود
نعم سيعود
كنا نجلس في لحظات الذكرى ،
نتصفح ديوان المتنبي ، وإلياذة هوميروس
كان هنا لكنه غاب
وفي المستقبل جاءني منه خطاب
وفيه يقول
أعتذر كثيرا إني لن آتي إليك
وأنه سوف يموت يوم الأحد الماضي
وأنا كنت حضرت جنازته ،
ووضعت على قبره
باقة ورد للذكرى
ولأنه كان صديقي لا يمكن أن يخلف موعده
ها هو جاء... يحمل لي في بسمته المعهودة
ألف رجاء