من قلب الموصل الكاتبة والقاصة العراقية كليزار أنور تتحدث عن الهم الثقافي وتروي" لقدس نت " قصتها في الإبحار بعالم الأدب والكتابة.
** لا توجد كتابة نسائية وكتابة ذكورية .. وأنا بالأساس ضد هذين المصطلحين . الأدب هو الأدب إن كتبهُ رجل أَم امرأة.
فلسطين – حاورها ناهض منصور . خاص قدس نت .
حينما نقف أمام ما تكتبه القاصة والكاتبة العراقية كليزار أنور فإننا مطالبون بان نترك الزمن ونتحدث عن المكان بكافة تفاصيله الصغيرة ، تتمتع بموهبة القراءة كما تمتع قراءها بموهبة احتباس الأنفاس حتى السطور الأخيرة ، ولعل أهم مفاتيحها هي الصدق ووضع القارئ بصورة مباشرة في قلب كتاباتها دون تزوير " قدس نت " يحاور كليزار أنور ليتعرف عليها عن قرب من خلال السطور التالية .
كاتبة بالصدفة
** في قصة الخريف الأخضر قلت "كسمكةٍ ملونةٍ دخلتْ مياهي الدافئة .. دخلتها صدفة .. وما يجمعنا بالأشياء الجميلة الصدفة " كقاصة كيف دخلت عالم الكتابة؟
كنت ومازلت قارئة جيدة . وأقولها _ دائماً _ القراءة هي التي قادتني _ في البداية _ إلى درب الكتابة الرائع .. لكن القراءة وحدها لا تكفي ، مثلما الموهبة وحدها لا تصنع أديباً .. ربما الاثنين معاً خلقا في أعماقي بذرة الكتابة .
أما كيف دخلت عالم الكتابة ؟ فربما بالصدفة ! ذات يوم ربيعي من عام 1995 كتبت قصة " الموعد " وضعتها في ظرف وأرسلتها بالبريد إلى صحيفة " بابل " في بغداد .. لأُفاجأ بعد (28 ) يوماً بنشرها وفي الصفحات الثقافية مع أدباء لهم وزنهم الثقافي في العراق .
هكذا كانت بدايتي قوية ، فلم أبدأ كأي قاص هاو من زاوية " بريد القراء " أو صفحات " أقلام واعدة " . إذاً .. بالصدفة دخلت عالم الكتابة .. وما يجمعنا بالأشياء الجميلة .. الصدفة !
** أيضا في نفس القصة كتبت "غادَرَنا فجأةً ورحل ، بعدَ أن تركَ لكلٍ منا شيئاً للذكرى " ما هي الذكريات التي لا يمكن أن تنساها كليزار؟
لكلٍ منا ذكرياته .. ذكريات محفورة بعمق على جدران الذاكرة . اني أُشبه الذكرى بالعطر ، فيكفي أن تمر في الخاطر لنعود أدراج طريقٍ قد مضى .
لي ذكريات كثيرة منها الجميل ومنها المؤلم ، فالجميل مطرز بأحرف من نور .. ذكريات طفولتي وصباي ونجاحاتي .. والمؤلم ملون بالدم والخوف والرعب .. ذكريات أيام الحرب والقصف والعنف الذي خنق البلد .. فلكل ذكرى لون ولكل لون معنى !
وروايات الحرب
** سنتحدث عن الحرب والقلم فهل تعتقدي ما يحدث في العراق يجعل من الكاتب في جو يجعله ينسلخ عن عالمة الأدبي ويلقي به في عالم الكتابة عن الواقع المر ؟
أغلب قصص وروايات الحرب عند غيرنا كُتبت بعد الانتهاء منها .. إلاّ عندنا في العراق ، فقد كُتبت أثناءها لسببٍ واحد لا غيره .. إن حياتنا كلها كانت حروب × حروب !
الأديب العراقي .. توغل عميقاً في قلب المأساة .. مأساة حرب نعيش يومياتها وبأدق تفاصيلها المرعبة .
** في قصة المفتاح الذهبي " استعملت المفتاح كتعويذة حب " فما هي مفاتيح كليزار تجاه رؤيتها لواقع القصة القصيرة ؟
الصدق .. أهم مفتاح أو هو _ بالمعنى الأدق _ أهم عنصر في القصة .. وهو أن تجعل القارئ يصدقك _ يصدق ما تروي لهُ _ وتشعره بهذا إلى نهاية آخر سطر كتبته .
** سنتحدث عن المكان من خلال متابعتي لما كتبتيه يوجد ارتباط وثيق بينك وبين المكان وفي نفس الوقت تضعي الزمن في متاحة السطر فما الهدف من ذلك ؟
المكان .. انه أشبه بالسحر الذي يدهشنا ويخترق النفس ليمد جذوره عميقاً نحو البعيد . المكان .. هو الأرض .. والزمن .. هو السماء .. وبين الأرض والسماء يتكون أُفقنا الثقافي والإنساني معاً .
** بعض النقاد قالوا أن كليزار اوطرت الواقع بالخيال خاصة في مجموعتك الأولي والتي كان منها " (بئر البنفسج)وكذلك رواية (عجلة النار).؟
إني أكتب عن الواقع بطريقة مختلفة ، فالأحداث والشخصيات في أغلب كتاباتي تتدفق من أرض الحياة التي نعيشها بحلوها و مرها ، برعبها و أمانها ، بحربها و سلامها .. كل ما هنالك إني نقلت الواقع إلى الورق بعربات الحلم .. لأني مؤمنة بأن أفضل شكل أدبي .. عندما نؤطر الحقيقة بالخيال !
لستُ مراوغة
** يؤخذ عليك بأنك تضعي القارئ وجها لوجه أمام الحدث القصصي فما تعقيبك وما الهدف الذي تريد القاصة إيصاله للقارئ ؟
أنا بطبيعتي لستُ مراوغة ولا أُحب اللف والدوران .. أنا إنسانة صادقة جداً مع نفسي _ حتى _ قبل أن أكون مع الآخرين .. لذا انعكس هذا على أسلوبي في الكتابة أيضاً .. لا أستطيع إلاّ أن أُعبّر بصدق عما أُحسه و أراه و أُؤمن به .
** قصة عنقود الكهرمان قلت بأنك شعرت يومها بأنك فعلاً قاصة وكان شعورا ذاتيا بحتا فهل يتبرأ القاص من بدايته إن لم يكن لها تأثير لكي لا يقال أنه فشل ؟
قصصي الأولى كانت خطوات تتدرج نحو مشارف القصة .. وعندما كتبت قصة " عنقود الكهرمان " شعرت _ يومها _ بانعطافة كبيرة نحو مرحلة معينة من النضج السردي . اعتبرتها واعتبرها النقاد خطوة متميزة فنياً .. فالقصة شيء .. و فن القصة شيء آخر !
كتابة نسائية وكتابة ذكورية
** كليزار أنور لا يزال الحديث يدور أن هناك فروقات بين الكتابة النسائية والذكورية فما رأيك بذلك ؟
لا توجد كتابة نسائية وكتابة ذكورية .. وأنا بالأساس ضد هذين المصطلحين . الأدب هو الأدب إن كتبهُ رجل أَم امرأة . ذات يوم سألوا فلوبير : مَن هي مدام بوفاري ؟ أجاب: هي أنا !
** دعينا نتحدث عن ما يتردد بان جرأة الكاتبة إذا أعطت مفردات ساخنة ذات طابع جنسي فهي نموذج جرئي وإن لم تكن فهي تخاف من واقع المجتمع فهل ذلك صحيح أم لك رؤية خاصة ؟
لا أدري لماذا لا يعتبرون الكاتبة جريئة إلاّ إذا سال قلمها نحو مناطق ( .. .. ..) ! ولا يعتبرونها كاتبة حقيقية إلاّ إذا كتبت عن ما يدور خلف الأبواب المغلقة ! انه قصور عقلي وثقافي _ بنظري _ نحو كل مَن يفكر بهذا الاتجاه .
أنا إنسانة وكاتبة ملتزمة تحترم نفسها وقلمها ودينها ومجتمعها .. تنشد الفضيلة ، وضد الإباحية بكل أنواعها .
ثلاث مجاميع قصصية
** ما هي آخر أعمالك الأدبية وما جوهرها ؟
لديّ ثلاث مجاميع قصصية تنام بسلام في أدراج مكتبي تنتظر رحمة النشر ككتب وهي : " عنقود الكهرمان " 18 قصة .. و " جيش الفراشات " 12 قصة .. و " قيثارة ونجوم " 10 قصص . ولي رواية بين يديّ الآن اسمها " الصندوق الأسود " . وقصص ودراسات نقدية كتبتها ، فأنا لا أملك إلاّ أن أكتب .
أتطرق الآن إلي كليزار الإنسانة والأنثى متى تشعرين بالدفء والحب ؟
أشعر بالدفء والحنان والحب عندما يتعامل معي الآخرون بصدق حقيقي غير مزيف .
** كتاب كليزار المفضل ؟
أي كتاب لأي كاتب يجعلني أُحلق معه إلى آفاق بعيدة نحو الضوء الذي يمنح الروح النضج والدفء والفكر النيّر . .
** جملتك التي تردديها دائما ؟
لا مجد بلا تحدي .
** الأمنيات التي تتمنيها للمرأة والرجل ؟
أن تبقى المرأة .. امرأة . وأن يبقى الرجل .. رجلاً !
** رسالة أخيرة تحلقي بها للعالم ؟
قال سارتر : الآخرون هم الجحيم .
و أنا أقول : ربما بعضهم .. والبعض الآخر .. هم الفردوس بأكمله .
الكاتبة والقاصة العراقية كليزار أنور في سطور
كُليزار أنور مواليد .. العراق في 18 / 12 / 1965 تكتب القصة والرواية والنقد الأدبي بدأت الكتابة والنشر في عام 1995 .
صدر لها : " بئر البنفسج " . مجموعة قصصية عن دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد / 1999 . " عجلة النار " . رواية عن دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد / 2003
لها مخطوطات : " عنقود الكهرمان " . مجموعة قصصية ( 18 ) قصة . " جيش الفراشات " . مجموعة قصصية ( 12 ) قصة . " قيثارة ونجوم " . مجموعة قصصية ( 10 ) قصص عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق . مسئولة عن تحرير القسم العربي في مجلة " خازر " الثقافية . عضو هيئة تحرير موقع مجلة " أصوات الشمال " الجزائرية .
ملاحظة / الحوار تم عبر الإنترنت .
View gulizaranwar's Full Portfolio