ش . ش .
كُليزار أنور
في داخل كل إنسان طموح تعيش شهرزاد .. والحب يقود إلى الطموح ! مثلما ما فعلت هي معَ شهريار لتحافظ على حياتها ، أنا كذلك فعلتُ نفس الشيء لأصل إلى ما أُريد .. وكل قصة أنشرها تعني لي يوماً آخر يمدني بالحياة !
استطاع _ وربما _ بعفوية أن يحولني إلى شهرزاد تروي لهُ القصص .. لا أنكر .. أعجبتني اللعبة التي وضعني في دوامتها .. وهو أيضاً ! وبدأنا بصدق نمضي في مسارها وكلانا يتقن فنها واصولها وحتى براءتها ! .. وتحولنا إلى ( شهريار وشهرزاد ) لكن ، بأحداث وأماكن وأرواح معاصرة !
حمامة بيضاء تحمل في فمها رسالة .. تتقدم نحوي .. تصفق لي بجناحيها .. استلمتها بحب ، ورديت عليها بحب . ماذا فعلتْ بي ؟! .. جعلتني أُحبهُ _ وحتى _ دون أن أراه .. عشقتهُ من خلال كلماته الدافئة ، رغم ان كل منا يعيشُ في قارة ! وأتعجب كيفَ دخلَ قلبي بهذهِ السهولة ، فأنا من النوع الذي لا يتأثر بسرعة ولا تغريني كلمات العالم كله ومهما كانت جميلة ورقيقة وحساسة وشاعرية .. إذاً ، ماذا فعل ليختلفَ الأمر معهُ .. فأسوار مملكتي عالية لم يستطع كل مَنْ حولي أن يخترقها رغم محاولاتهم .. يبدو بأنَ ما همسهُ في مسامعي لم يكن شِعراً ، بل سحراً يأسر الوجدان !
رسائلهُ مكتظة بالحنين والشوق .. استطاعت أن تدخلني محراباً لم أكن أُصدق بوجودهِ ، كنتُ واثقة بأن وراء هذهِ الكلمات العذبة رغم سوداويتها _ في بعض الأحيان _ شاعراً مرهف الحس ، واعياً ، مثقفاً وإلى أبعد حد .. قرأتُ له بمزيج من الحب والمتعة .. فشعرهُ لا يتحدث _ فقط _ بالثرثرة .. وإنما يقول شيئاً ما ! وأستطيع أن أقول : انهُ علمني الكثير !
لم يكن شهرياري بليداً ، متخاذلاً .. كما كان الأول .. بل خيالياً ، حالماً مثلي .. كانَ سعيداً بالتفكير بي وبحبي من بعيد دون أن يقتربَ مني ، فكيفَ أدخل حياته _ إذا ما فكرتُ بالدخول _ وأنا لا أمتلك مفاتيح شخصيته التي ستساعدني إلى الوصول إلى تجربتهِ وحياتهِ ، اعتقدتُ بأنهُ إنسانُ صعب ومنغلق _ بعض الشيء _ على نفسه ، هذا ما بدا في أشعاره .. وأسعدني أني وجدتهُ طيباً ، منفتحاً ، شفافاً ، وهذا ما بدا بصورة واضحة في رسائله .
ما أعجبني فيه _ كثيراً _ ومن البداية انهُ لم يجاملني يوماً .. بل قرأَ لي مخلصاً ، وانتقـد
ناصحاً ، وأعلنَ الرأي صريحاً لا تصنع فيه ولا التواء . وعلى ناره نضجت تجربتي الحقيقية ، فهناك دائماً فكرة ما أو شخص ما يحدد معنى ما نكتب .. لابد أن يكون هناك شيء .. وإذا كنت تكتب للاّشيء فأقول : بأنكَ تمضي مع الأيام فقط لتصل إلى آخر محطة " الموت " ! .. فنحنُ نكتب للناس ، ولهذا ننشرهُ .. ولو كنا نكتب لأنفسنا لكنّا احتفظنا به في أدراج مكاتبنا طول العمر . فكتاباتنا ، رسائل .. والرسائل تصل وإن كانت غير معنونة !
المرأة إذا أرادتْ شيئاً فإنها حتماً ستحققهُ وكما تريد هي ! في لحظةٍ ما شعرتُ بأنهُ النصف الثاني من نفسي .. لا أدري .. نداءٌ مستبدٌ في داخلي يدفعني إلى الوثوق به .. فحبهُ فتح لي باباً دخلتُ منه إلى الحياة التي أحلم بها .
كانَ وجوده ، وبهذهِ الطريقة البعيدة القريبة ، البعيدة ببعدها المكاني والقريبة بقربها الروحي ، دافعاً لخلق الأفكار لديّ .. وحاولتُ أن أرسم بالحروف حياة أنا صنعتها وبكامل تفاصيلها .. وحولتُ الوهم الذي أتمسك بتلابيبه إلى حقيقةٍ أُريد من كل أعماقي أن أعيشها .
القلوب .. كالسفن مهما أبحرت بعيداً وطالت رحلتها لابد أن ترسو في النهاية في مرفأ .. وقد يكون في عمقهِ يبحثُ عن الفنار كي يهتدي به ليرسو .. فهل أنا المرفأ الذي يقصد ؟!
هناك أكثر من طريقة واحدة لقول الشيء .. ولم نجد غير هذهِ الطريقة .. أن نتقمص _ دون أن ندري _ دوريّ ( شهريار وشهرزاد ) ! تلبستُ دورها وليسَ في حسباني تأجيل القتل .. بل بالعكس .. أن أبعث الحياة !
إن أردتَ شيئاً .. ابقَ اقرعْ .. اقرعْ إلى أن يُفتح لك .. فمن يقرع باباً حتماً سيُفتح له !
وللحكاية بقية .. !
|