يوم غابت الشمس) رواية من الظل الي الضوء )

Folder: 
نقد

(يوم غابت الشمس) رواية من الظل الي الضوء
أغياب شمس أم إشراقة موهبة؟

شكيب كاظم

هذه هي المرة الاولي التي اقرأ رواية للقاص والروائي العراقي غانم خليل، قبل ذلك قرأت له اكثر من قصة، لم اقف عندها وعند كاتبها طويلا، ومر الاسم في ذاكرتي مرورا، حتي قرأت هذه الرواية الجيدة التي اسماها غانم خليل (يوم غابت الشمس) بجزءين بلغ عدد صفحاتهما ثلاث مئة وسبع وثلاثون صفحة، لأتعرف من خلالها علي صوت ابداعي يحاول ان يشق دربه في دروب السردية العراقية، واخذ مكان لائق به فيها.
هناك في الحياة الثقافية، الكثير من الاسماء التي تعاني غبنا وعدم انصاف ولعل جزءا من هذا يقع علي الكاتب ذاته، فالعديد من الكتاب والمبدعين - لاسباب ذاتية وموضوعية - يكتبون من دون ان ينشروا هذا الذي يكتبون، وعملية الكتابة عملية ثلاثية شاقة لا تكتمل الا باثفياتها الثلاث، واعني بذلك الكتابة والنشر والقراءة، بعبارة اخري تظل الكتابة احادية الجانب، اذا لم تردفها عملية الطبع والنشر كي تصل الي القراء، تري لماذا يكتب الكاتبون، الكي يوصلوا هذا المكتوب الي القراء؟
فالقاص والروائي العراقي غانم خليل يواصل الكتابة بدأب وجهد منذ عام 1987 لكنه قليل النشر، ان لم اقل عديمه وقد انجز ثلاث روايات مازالت مخطوطة يسرد فيها احوال العراق ومجرياته منذ عام 1953 حتي عام 1992 اي تصور الحالة العراقية علي مدي اربعة عقود فضلا عن مجموعة قصصية واحدة مازالت مخطوطة منتظرة من كاتبها ان يطلق سراحها فانا اجد من المؤسف والمؤلم ان نئد موهبة جيدة، ومن الاسي ان نجدها ثاوية تعلوها الاتربة، بل مكانها الجديرة به ان تنشر لتأخذ حيزها في ذاكرة القراء ومكتباتهم وقولي هذا مستند علي الجزء المطبوع من نتاجات غانم خليل واعني بذلك روايته (يوم غابت الشمس) وانا اراها يوم اشرقت الشمس لتدلنا نحن القراء الي موهبة روائية جديرة بالاحترام والتقدير واخذ مكانها اللائق بها في السرد العراقي.
الرواية تتحدث عن احوال العراق عامة والموصل خاصة اخريات العهد العثماني واصدار الدستور 1908 ومن ثم تحرك قوات الجيش للاطاحة بالسلطان العثماني عبد الحميد، الذي تعرض الي تشويه وتشويش واري السبب في ذلك يعود الي الدعاية الصهيونية اذ من المعروف للدارسين رفض السلطان مقابلة رئيس المؤتمر الصهيوني ثيودور هرتزل حتي اذا استجاب لرغبته في مقابلته، التي رجاه فيها هرتزل منح اراضي فلسطين لاقامة الكيان الصهيوني، اطلق السلطان قولته التي ستظل ترن في مسامع الزمان: ان ارض فسلطين ليست ملكا لعبد الحميد كي اعطيها لك.
والروائي غانم خليل وان ذكر انه استند في سرده الروائي هذا علي ما فاه به العديد من الافراد الذين عاشوا تلك الايام، الا انها ما كانت رواية تسجيلية وثائقية تنقل حوادث التأريخ كما جرت بل كان للفن فيها نصيب واضح تتكئ علي التاريخ بقدر، كما تتكئ علي الفن بقدر مماثل او محايث.
ما استند غانم خليل وهو يؤرخ لمدينته الموصل علي ما بقي في تلافيف ذاكرات البعض من نسائها او رجالها فقط بل استقي معلوماته - كذلك - من الكتب والمجلات القديمة القابعة في زوايا المكتبات المنسية نفض عنها الغبار وامسك بالقلم وكتب واعانه الله فكانت هذه الرواية التي يتساءل في نهاية جزئها الاول احمد بن شاهين الذي حولته تصاريف الدهر من فتي قاطع للطريق وسالب للناس، الي شاب مستقيم يتساءل ايرثي للسطان ذي القلب الرحيم، ام يرثي لهؤلاء الشيوخ المساكين الذين ينتحبون امامه كالثكالي؟ يا للخيانة التي ما بعدها من خيانة لقد سقط عمود من اعمدة الاسلام اجل لقد صدق ذلك العجوز لما قالها وتساءل احمد في نفسه
- والان ماذا سيحل بالبلاد والعباد بعد غياب هذا السلطان الذي حافظ علي وحدة الامة سنين طويلة، بل ماذا سيحل بالسلطان نفسه؟ ص173. ص174
تعاني عديد الروايات من مطبات وافتعال حدث لكني وجدت رواية (يوم غابت الشمس) خالية من هذه الثلمات ويمضي السرد الروائي فيها طبيعيا قريبا من وقائع الحياة والاشياء فضلا عن لغة جميلة يكتب بها الروائي غانم خليل ولقد اشرت الي هذا في مواضع متعددة من الكتاب وبالقلم الرصاص، وبودي ان انقل نصا واحدا للدلالة علي اللغة الرشيقة التي يكتب بها غانم خليل (كان الربيع يقترب من نهايته والاهالي لا يعيرون انباء استانبول كبير اهتمام، والكثير منهم افترش الارض المخضوضرة خارج المدينة (....) وهناك تلتف حول سُفَر الطعام تمتد امام انظارهم حقول خضر مترامية الاطراف محتضنة ادغالا عشبية زاهية الازهار، تعصف بروائحها رياح مضطربة تمرق فوق السنابل الخضر فتحنيها ارضا لتنتصب من جديد وتبقي زرقة السماء صافية خلف كثبان الغيوم البيض، وفي الاطراف البعيدة، عند اقصي الافق (...) تنتشر فيها نُدُفٌ من الغيوم الداكنة) ص168
وعلقت علي حاشية الكتاب بما يأتي: وصف جميل ولغة مشرقة زاهية كزهو ربيع الموصل ام الربيعين)
تري أيحق لي ان اطالب الروائي غانم خليل الذي لم اتعرف اليه والتق به باستلال رواياته القابعة في رفوف مكتبته وجعلها بين ايادي القراء وعيونهم القارئة؟

9/2011/ Issue 3998 - Date 17-
Azzaman International Newspape

جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3998 - التاريخ 17/9/2011

View ghanim's Full Portfolio
tags: