قام الأمير فيصل بن عبد العزيز رحمه الله في سنة 1935 م بزيارة إلى
مدينة القدس فاستقبله أهل فلسطين استقبالا حافلا وكان الاستقبال في رحاب المسجد الأقصى 0
وفي ذلك اليوم تقدم شاعر فلسطين الشهيد عبد الرحيم محمود فألقى قصيدة طويلة كان من ضمنها البيتين التاليين وهما محور موضوعنا هذا
حيث قال :
يا ذ الأمير أمام عينيك شاعر غصة على الشكوى المريرة أضلعه
المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودعه
هذا ما جادت به قريحة شعرنا وترجم بشعره ما كان يشعر به من إحساس صادق وبعد نظر
وكان هذا الإحساس يراود أهل فلسطين كافه حيث كانوا يخشون ضياع المسجد الأقصى وضياع فلسطين حيث كانوا يشعرون بالمؤامرات تحاك من حولهم ويعملون على التصدي لها ومحاربتها ولكن الاستعمار وما كان يكرسه على ارض الواقع ،من قمع وتنكيل في الشعب الفلسطيني وما يجود به من مساعدات ودعم للصهاينة وعصاباتهم حال دون التصدي وتحقيق الانتصار
ولم يمضي عام على تلك الزيارة حتى لقي شاعرنا ربه شهيدا و روى بدمائه ثرى فلسطين وكان قد استشهد في معركة مع قوات الانتداب قرب مدينة جنين
كان ذلك بعد أن قال قصيدته المشهورة التي منها هذه الأبيات:
سأحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردى
فإما حيات تسر الصديق و أما ممات يغيظ العدى
وما العيش لا عشت أن لم اكن مخوف الجناب حرام الحمى
وتمضي الأيام والأشهر والسنين ،حيث فقدنا جزاء غاليا من ارض فلسطين وكان الجزاء الأكبر فأسسوا الكيان الصهيوني على ما اغتصبوه من ارض فلسطين0
وقبل أن يبلغ عمر ذلك الكيان 20 سنة افتعل حربا تمكن فيها من احتلال القدس وبذلك سقط الأقصى أسيرا بين براثن الصهيونية وبعد عامين من تدنيسه قاموا باحراقه
وهنا عاش شعب فلسطين يقاوم الاحتلال وسط خذلان عربي وعدم مبالاة من دول العالم
وفي وسط هذا الخذلان العربي و عدم المبالاة من دول العالم جاءت صرخة مدوية من ذلك الأمير الذي كان قد اصبح ملك
صرخة أطلقها في وجه أمريكا وربيبتها إسرائيل ومن يسير في ركبهما معلنا انه يريد أن يختم حياته بالصلاة في رحاب المسجد الأقصى بعد أن يكون قد تحرر من براثن الصهاينة ملوحا بما يملك من مواطن قوة لاستغلاله إذا انقضى عام 1975 م دون أن يتحقق ذلك
فكيف كان الرد ؟ وما كانت النتيجة ؟
فكان الرد بان امتدت يد الغدر إلى ذلك الملك فسقط شهيدا في سبيل الأقصى كما كان قد سبقه الشاعر في طريق الشهادة
و أما النتيجة فلم يجرؤ أي حاكم أو زعيم على إعلان التحدي ثانية ، فليرحمك الله أيه الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز
وها قد مضى على احتلاله ما يربو على 35 سنه وما زال الأقصى يصرخ مستنجدا ومستجيرا بملاين العرب ومن خلفهم أكثر من مليار مسلم ولا يوجد من معين وها هي معانة الشعب الفلسطيني تزداد يوما بعد يوم ،ومقاومته للاحتلال تزداد وتشتد صلابة وبسالة وفداء وتضحية من اجل تحرير الأقصى وفلسطين ،وفي المقابل يزداد الخذلان العربي لهذا الشعب المرابط
ومع كل هذا الخذلان استمر شعب فلسطين بالنضال والكفاح دون الاكتراث بمن يخذلهم أو بمن يتآمر عليهم وتقوم الانتفاضة تلو الأخرى حتى جاءت الانتفاضة الأخيرة (انتفاضة الأقصى) التي قام بها شعب فلسطين البطل احتجاجا على تدنيس المسجد الأقصى من قبل ذلك اللعين شارون
وها هي الانتفاضة قاربت على إتمام عامها الثاني وفي كل يوم يعلمنا هذا الشعب الدرس تلو الدرس بالفداء والتضحية وها هي قوافل الشهداء تتوالى الشهيد تلو الشهيد ، نسأل الله أن يتقبل في رحمته شهداء فلسطين وكافة شهداء المسلمين ولا ننسى أن نخص بالدعاء ذلك الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود والملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز ونقول إلى رحمت الله والى جنانه ونسأل الله أن يجمعنا بكم في الجنة