نحن على يقين من دنو الأجل
لكثرة التأكيدات الصادقة للغبار،
نطيل البقاء ونخفض الصوت
بين صفوف المدافن البطيئة،
ذات الترهات من ظل ومن رخام
نُعَلِّل النفس أو نزين المبتغى
بسمو الموت.
جميلة هي القبور..
التمثال العاري والتواريخ المسجلة الحتمية،
التقاء المرمر مع الزهر
والساحات الصغيرة ذات الفناء البارد
والبارحات الكثيرات من التاريخ
موقوفة اليوم ووحيدة.
نخطئ هذا السلام مع الموت
ونصدق التوق إلى نهايتنا
ونصبو نحو الحلم واللامبالاة.
اهتزاز في السيوف وفي العاطفة
ونوم في اللبلاب،
الحياة فقط موجودة.
الفراغ والزمن شكلان لها،
وهما أداتان ساحرتان للرئة،
وعندما تكون
ينطفئ الفراغ والزمن والموت،
كما ينطفئ الضوء
يزول طيف المرايا
حيث كانت تتلاشى الظهيرة.
ظل الأشجار لطيف..
ريح وعصافير تموج على الأغصان،
رئة تتنفس من رئات أخريات،
معجزة واحدة، ذات مرة، ابتعدت عن التحول
إلى معجزة غامضة،
على الرغم من تكرارها التخيلي
فظيعة ومرعبة أيامنا.
هذه الأشياء فكرت بها في العزلة.
في المكان الذي فيه رمادي.
شارع المخزن الوردي
العيون تأتيه عندما يهبط الليل على كل مدخل
ومثل أرض قاحلة تشتم المطر.
كل الطرق قريبة،
وحتى طريق المعجزة.
الريح تأتي بالفجر مخدراً.
الفجر يخفينا أن نعمل أشياء مختلفة ومع ذلك يأتينا من فوق.
مشيت طوال الليل
وقلقي أبقاني
في هذا الشارع العادي.
مرة أخرى هنا أمان السهل في الأفق
والأرض البور التي أفسدتها الأعشاب الخبيثة والأسلاك
والمخزنُ المضيءُ
مثل قمرٍ جديدٍ في مساءِ البارحةِ.
الزاويةَ أليفةٌ مثل ذكرى
بهذه الساحات السخيّة ووعد إحداها.
كم هو جميلٌ أنْ أشهِّدكَ أيُّها الشارعُ الذي قليلاً ما تراهُ أيامي!
الضوءُ يلّونُ الهواء.
سنواتي جالتْ طرقَ الأرضِ والماء
وفقط أشعر بكَ، أيُّها الشارعُ الهادئ والورديّ.
أُفكر إذا كانتْ جدرانك قد حَبلَتْ بالفجر،
أيُّها المخزنُ مضيءٌ أنتَ بطرف الليل.
أفكر ويبدو لي صوتٌ أمام الأشياء
اعتراف فقري:
لم أنظر إلى الأنهار ولا إلى البحر ولا إلى الجبل،
لكن ضوء بونيس أيريس اربتط معي بصداقة
وأنا أصوغ أشعار حياتي وموتي
على ضوء هذا الشارع
الشارع الكبير والصابر..
إنك الموسيقى الوحيدة التي تعرفها حياتي
وداع
متأخراً جاء وداعنا
متأخراً.. صلباً ولذيذاً ورهيباً مثل ملك معتم.
متأخراً عندما عاشت شفاهنا حميمية القبل في العري.
تدفقَ الوقتُ المحتوم
على العناق الغير مفيد.
وسخينا بالغرامِ معاً. ليس لنا وإنما للعزلةِ الآتية.
الضوءُ صدنا؛ وجاء الليلُ على جناح السرعة.
رحنا حتى للشباك المعدنية في خطورة الظِّل هذا
إلى أن هدأت نجمة الصبح.
كمن يعود من فردوس مفقود عدتُ من عناقك.
كمن يعود من بلد السيوف عدتُ من دموعك.
توثبٌ متأخرٌ بقي مثل حلمٍ بين تلك المساءات.
ثم رحتُ أُدرك الليالي.
والانكسارات.
مونتيفيديو
أنزلق من ظهيرتك مثلما ينزلق التعب من رحمة منحدر
الليلة الجديدة هي مثل جناح على أرصفتك.
أنت بوينس أيرس التي كنا بها، التي ابتعدتْ في السنوات بهدوء.
إنّكِ، لنا. متهتكةً مثلما يضاعف الماء النجمة.
ميناء مزيف في الزمن، شوارعك تنظر إلى الماضي بخفة أكثر.
ضياء من حيث الصباح يأتينا، على الماء الحلو العكر.
قبل إنارة الستارة المعدنية للنافذة تنزلين الشمس السعيدة
على قصورك.
المدينة التي ترن مثل بيت شعر
شوارعَ وأضواءَ ساحة.