رثاء في وفاة الاختصاصي الاجتماعي بحسان بن ثابت
مرثية حب
ويظلُّ نذيرُ الموتِ ينادي
ماتَ فلانْ
يشتعلُ بقلبي أعتى حريقْ
نساقطُ فوق الوهمِ وفوق الذلِ بكل طريقْ
تتشققُ فينا الأعماقُ جراحا
تنتحبُ الأحزانُ
كان أحبَ صديقْ
كـــانَ هنا
يمشي هنا
هنــا...هنا ...
كانَ العالمُ بين عيونِهِ
أحلى بريقْ ..
آه من ضرباتِ التاريخِ
وعظيمِ الأوجاعِ
تنهش ... تخطف ... وتمدُّ إلينا مليونَ ذراعْ
تنبتُ في الغربة آهاتٌ أنواعٌ .. أنواعْ
ما أقسى أن تسمعَ صوتَ البومِ
وصوتَ الثكلى وبأيِّ بقاع
ونباتٌ أخضرُ يصرخُ
أبتاهُ ... أواهُ
من ألفِ ضياعٍ وضياعْ
كـــان هنا
يجلسُ هنا
يضحكُ هنا
ما أصعبَ أن تفقدَ رجلا كان صديقا
كان الإنسانْ !
يا صاح :
هل حقاً غربتُنا كفاحٌ ونضالْ ؟
هل حقا ؟!
أم نركضُ خلفَ الأوهامْ
ويضيعُ العمرُ وتنتحرُ الأيامْ
ما أقسى أن تسمعَ في الغربةِ
ماتَ فلانْ
فتدور الأرضْ
تتصادمُ كلُّ الأفلاكُ
لا نعرفُ طولا منْ عرضْ
تساقطُ شمسُ العمرِ الغضْ
تتأججُ كلُّ الأحزانْ
يا صاحِ غربتُنا سجنٌ أعرفه
والوهمُ بها أبشعُ سجانْ
ما أقسى أن يقفَ ببابِ الوهمِ الإنسانْ
كان هنا
يكتب هنا
يقرأ هنا
يزرعُ هنا آمالا خضراءْ
ينقشُ بسمةَ حب في عمقِ البيداءْ
وجناحا للرحمةِ كانْ ..
كان الإنسانْ
كان الحلمَ الزاهي لجميعِ الأبناءْ
يغرسُ حبا ...
يروي كلَّ زهورِ البيتِ حياة ْ
وكان دواءً كان شفاءْ
كان مدادا للحرفِ ... كان جمالَ قصيدِ الشعراءْ
كان الإنسانْ
كان هنا
يهمسُ هنا
يزرعُ هنــــا
يغرسُ كل زهورِ الحبِّ
أواه إنه هنا
نعم هنا.. هنا
مازال هنا وبعمقِ الأعماقْ
باقٍ ... باقْ
أواه .. أواه ..
سيظلُّ مع الكلِّ الأحداقْ
سيظلُّ النورُ .. الأملُ .. سيظلُّ الترياقْ
سيظل إليه حنيني كالموجِ الدفاقْ
سيظل الكلُّ ينادي عليه ...
وتنادي ..
وتنادي كلُّ الأشواقْ ..
ابن خاطر (عوض السيد
أبو ظبي
20 / 12 / 2001م