نحو جامعة عربية للأطفال
مقدمة:
تسير التطورات العلمية الأخيرة الهائلة - التي شهدتها تكنولوجيا المعلومات ومجالات البحث العلمي- بالباحث إلى التفكير جدياً بطرح أفكار قد يعتقدها البعض مجانبة للواقع فيما يسير العالم اليوم نحو التخصص الى أبعد حدود.
فلم يعد اليوم مقبولاً القول: (إن العلم يقتصر على جوانب عامة يقتضي أن يعرفها المتخصص)، فلا بد من تخصصات فرعية دقيقة، بدءاً من مجالات الطب والعلوم والهندسة والرياضيات.. امتداداًً إلى الأدب والدين والتربية والفن والتمثيل والموسيقى والرسم والايماء والإعلام... وغيرها كثير من مجالات لم تعد مجرد عموميات...
وقد كان الطبيب يقوم بمعالجة كل الأمراض، من أوجاع الأسنان الى أمراض القلب والأورام والجراحات الدقيقة.. بينما طبيب اليوم المتخرج منذ سنة واحدة - إن لم يسعف نفسه بمتابعة الطب وما يستجد من معلومات كل يوم - يصبح طبّه من الماضي..
وحسبنا بعض العمليات التي كانت تفتح جسم المريض، وتشق سنتميترات كثيرة من لحمه، بينما اليوم هناك كثير من تلك العمليات تتم دون أن يمس مبضع الجراح اللحم ودون أن تسقط نقطة دم واحدة... وفي ذلك تطور طبي كبير، حتى أصبح طبيب العيون مثلاً له تخصص دقيق جداً ليتميز عن غيره من أطباء العيون..
لذا فإن التفكير بإنشاء جامعة كبيرة خاصة بالطفل ليس بشيء غريب، بل هو مطلوب وقد راينا تجارب مهمة في الوطن العربي على هذا الصعيد، منها مثلاً الكلية العليا لدراسات الطفولة في جامعة عين شمس المصرية العريقة، وغيرها من الجامعات العربية الكبرى، دون أن نذكر التجارب الغربية في هذا المجال.
لماذا جامعة للطفل؟
واليوم عندما نتحدث عن جامعة عربية للأطفال قد يرى البعض أنها حلماً أو خرافة لا يمكن أن تتحقق..
لكن الإنجازات الكبرى التي نراها اليوم واقعاً ملموساً كان بعضها وربما أكثرها حتى الماضي القريب ضرباً من الجنون، وباتت اليوم مسلمة من المسلمات التي لا شك فيها، ونحن واثقون أن هذا المشروع الجدي ممكن الحدوث ولو بعد حين، ولكن يحتاج لمن يتبنى الفكرة، ويأخذ المبادرة، ويطلق الخطة الأولى ويؤمن بالفكرة لتصبح واقعاً وينال شرف السبق والريادة...
الفكرة
قد يطرح البعض هنا سؤالا مهما: هل يمكن أن تكون هناك جامعة خاصة بدراسات الطفولة وأبحاثها وكل ما يتعلق بالطفل ول بجانب بسيط؟
قد تكون الفكرة مستحيلة، وقد يقول المعتدلون أنها فكرة غير تقليدية،ولكن من الصعب تنفيذها.. ونريد هنا أن نشير إلى أن المحبط من الكلام أمر وارد ومسموع باستمرار، وليس مهما كل ما يقال حول الفكرة لأننا نطرح فكرة وعلى اللآخرين قبولها أو رفضها، والزمن كفيل في المستقبل بنصرة المحق وانصافه، لأننا نرى أن المستقبل هو لعلوم الطفولة ومهما تنازعتنا اليوم الأهواء فالغد يبشر بالكثير.
فعندما تقام مؤتمرات خاصة بالطفولة وعالمها وأدبها وإعلامها وثقافتها.. يتحدث المتحدثون جميعهم بحماس شديد بشأن الطفولة وعالمها، ونجد الكل يطالب بما يمس الطفولة بطرف.. ونقرأ أبحاثاً ودراسات ونسمع نقاشات، وفي النهاية يكون هناك اعتراف بأن عالم الطفولة العربية ينقصه الكثير وأن الطفولة في دولنا لم تنل ما تستحق من رعاية وعناية...
ولطالما يتهم بعضنا بعضاً بأن ما يقدم للطفل لا يرقى الى مستوى رفيع منشود...
فهل تفضل أحد وسأل عن الأسباب؟؟
وعما إذا كان هناك متخصصون حقيقيون مؤهلون دراسياً ومدربون عملياً في تخصصاتهم؟
صحيح أنه لدينا تجارب ناجحة، لكنها بالفعل تجارب قليلة وأصحابها ربما بمعظمهم لم يدرسوا الطفولة وعالمها، لكنهم وجدوا أنفسهم في هذا المجال الرحب، ربما بالصدفة وربما عن سابق تصميم، وقد ينسحبون بعد حين أو يتخذونها هواية، لأن العمل في مجال الأطفال لا يسمن ولا يغني من جوع... وهذا طبعاً في عالمنا العربي..
وهناك نكتة مشهورة تقول: لماذا هذا الطبيب متخصص بطب الأطفال؟
- لأنه لم يملك مالا ليكمل دراسته...
هذا هو أسلوبنا بالتعامل مع الطفولة، ولطالما عانيت شخصياً من العمل في مجال أدب الطفل وإعلام الطفل، فلا يوجد هناك حقيقة من يقدر هذا العمل الا ندرة قليلة من الناس، كما أن عليك أن تعمل في مجالات أخرى مختلفة لكي تضمن لنفسك حدا أدنى من العيش الكريم، ولكي تتمكن من تعليم أطفالك تعليماً جيداً...
أما أن نظل نكرر المشكلة عاماً بعد عام، وهي بالتأكيد تكبر ولا تصغر، فسوف لن نبقى في مكاننا فقط بل سنتراجع لأننا لم نقدم للطفولة سوى الكلام والأحلام، بينما الأفعال في سبات عميق...
إن فكرة إنشاء جامعة عربية كبرى للطفل، ليس بالشيء الصعب، وقد رأينا تجارب على امتداد العالم العربي ولكنها تجارب مبتورة ومتفرفة، وما نحتاجة فعلا هو العمل على إنشاء جامعة كبرى متخصصة، تحوي كل الكليات التي تخدم الطفولة بجانب، عملياً ونظرياً..
ويمكن إنشاء مجلس علمي متخصص برعاية جهة حكومية عربية كبرى لانشاء مثل هذه الجامعة ذات البعد المستقبلي المهم...
كليات وأقسام
الجامعة يجب أن تكون شبيهة بالجامعات العريقة وتقسم الى كليات وأقسام، على سبيل المثال:
- الطفولة وآدابها.
- التربية.
- علم نفس الطفل
- الفنون:
- العلوم
- الطب.
- التجارة الحقوق الأداب.
- الطب الهندسة العلوم.
- البنات التربية الزراعة.
- طب الأسنان.
- التمريض.
- التربية النوعية.
- الحاسبات والمعلومات.
وهكذا حتى نصل الى كلية الدراسات العليا لتحوي كل الأقسام الخاصة بالطفل...
رؤية الجامعة:
جامعة الطفولة يجب أن تكون رائدة متعددة التخصصات والاهتمامات الأكاديمية والبحثية. وفي إطار ريادتها وموقعها المهم فإن عليها أن تكون منارة لنشر وابتكار المعارف ودعم التكوين المهاري والمهني والأخلاقي لمنسوبيها، وتوفير الإمكانات الأكاديمية وتوظيفها لخدمة المجتمع في عصر تتطور فيه المعارف والتقنيات والوسائل وتزداد فيه التحديات أمام المجتمعات النامية لكي تحقق طموحاتها.
في ضوء التوسع الذي طرأ على التعليم الجامعي: الحكومي والأهلي، فإن الجامعة ترى أن عليها دورا مهما في ترسيخ تقاليد جامعية صحيحة، من خلال توثيق الصلة مع الجامعات والكليات الأخرى وكذلك مع المجتمع لتحقيق طموحات التنمية والتغلب على تحدياتها. وذلك عبر مساعيها في خدمة المجتمع من خلال التميز العلمي والبحثي.
رسالة الجامعة:
لكي تحقق الجامعة غاياتها الرئيسة الثلاث المتمثلة في:
إعداد الكوادر البشرية مؤهلة تتعلق بدرسات الطفولة المتنوعة.
إجراء الأبحاث النظرية والتطبيقية.
خدمة المجتمع وخاصة فئة الأطفال من خلال يمكن أن تقدم للأطفال أنفسهم وللكبار على السواء من أجل خدمة الطفولة.
فإن عليهاالعمل من خلال رؤيتها المستقبلية لتحقيق رسالة الجامعة وفق الآتي:
توجيه البرامج التعليمية للاهتمام بالأساسيات والمهارات والوسائل والتدريب.
إعطاء الأولوية في إعداد البرامج التعليمية للمستوى النوعي ومواكبة احتياجات سوق العمل.
توفير بيئة تعليمية وثقافية تخدم احتياجات الطلاب العلمية والتربوية والثقافية مع تنمية مهاراتهم وقدراتهم الذاتية وربطهم بما يدور في فلك بيئتهم المحلية وخارجها.
توفير بيئة بحثية متميزة ومرتبطة قدر الإمكان باحتياجات المؤسسات الإنتاجية.
توفير برامج دراسات عليا متنوعة للإسهام في إثراء المعرفة وتأهيل الكفاءات العلمية والمهنية المتخصصة لمسايرة التقدم السريع للعلوم والتقنية وللمساهمة في معالجة قضايا المجتمع وخاصة قضايا الطفولة.
السعي إلى التواصل مع الأطفال وأولياء أمورهم وتلبية احتياجاتهم.
مواصلة تقديم خبراتها الاستشارية والبحثية للمجتمع بصورة متميزة حتى تثمن وتصبح مصدراً للدخل تعزز به إمكاناتها وقدراتها البحثية.
المضي قدماً في برامج تطوير كوادرها البشرية للتواكب مع رؤية الجامعة ويشمل ذلك برامج التأهيل والتدريب.
أهداف الجامعة :
تهيئة التعليم في كل الفروع والتخصصات التي لها علاقة بالطفولة على المستوى الجامعي(الليسانس والبكالوريوس)، ومستوى الدراسات العليا في مختلف الآداب والعلوم ومجالات المعرفة المتخصصة التي لها صلة بالطفل.
تقديم العلم والمعرفة عن طريق إجراء البحوث العلمية وتشجيعها .
تنمية الموارد البشرية المؤهلة لتزويد المجتمعات العربية بالمتخصصين في مختلف حقول الجامعة.
الاهتمام بتراث الفكر العربي والإسلامي الخاص بالطفل وإنمائه وتقدمه.
إتاحة فرص استمرار التعليم للكبار.
الخصائص والمعايير:
تبني الجامعة خصائصها المتميزة تجاه غاياتها الرئيسة الثلاث وفق ما يلي:
أولا: في مجال إعداد كوادر بشرية مؤهلة للقيام بدورها في عالم الطفل: دون إخلال بدورها البحثي، تعطي الجامعة الأولوية لعملية تأهيل وإعداد الكوادر البشرية عبر البرامج التي تقدمها في مختلف حقول المعرفة البشرية.
تعزز الجامعة التزامها نحو البرامج الدراسية بتحديث وتطوير مناهجها الدراسية آخذة في الاعتبار المحاور التالية:
1 - المحور المعرفي: وهو ما يرتبط بما ينفع الناس، يتساوى في ذلك ما يتولد بالتأصيل إرثاً ثقافياً أو إنتاجاً معاصراً أو اقتباساً من الغير.
2 - المحور التطبيقي: وهو ما يحقق تكاملاً مع المحور المعرفي.
3 - المحور الديني: وهو ما يحقق للمتعامل مع المعرفة النظرية والتطبيقية تكاملاً أخلاقيًا وسلوكيًا.
4 - المحور المصدري: وهو ما يحقق للمتعامل تنوعاً في مصادر المعرفة وأوعيتها وأفكارها.
5 - المحور المهاري: وهو ما يحقق للمتعامل مهارات البحث العلمي وتقنياته، والتعامل مع الحقائق العلمية المجرد، وتأصيل عادات البحث والاستقصاء والابتكار، والقدرة على التعبير واكتساب المهارات اللغوية، والتعامل مع الأدوات المساندة كالمعامل والحواسيب والوسائل والإحصائيات وكافة أدوات البحث العلمي وتجسد المناهج بتكاملها أو مفرداتها كافة تلك المحاور.
تأخذ الجامعة في الاعتبار تزايد التراكم المعرفي وتخضع برامجها الدراسية ومناهجها للتقويم الدوري وفقا للمعايير القياسية.
لغة التدريس:
اللغة العربية هي لغة التدريس الأساسية في الجامعة، ويجوز تدريس بعض التخصصات بلغات أخرى تقررها الجامعة ويمكن تقديم جميع البرامج والتخصصات مستقبلا باللغات الأجنبية الحية.
تولي الجامعة عناية كبيرة لإعداد الملتحقين بها إعداداً يؤهلهم للتعامل مع البرامج الدراسية الجامعية وتشمل برامج الإعداد:
الإعداد التربوي.
التأهيل للمهارات البحثية.
التأهيل للتعامل مع الأدوات المساندة.
الأساس في الدراسة في أنماط التعليم العالي هو التفرغ وممارسة الحياة الدراسية في هذه المرحلة بمختلف أبعادها.
إعطاء المكانة اللائقة للقيم الإسلامية والثقافية والاجتماعية في المناهج وإعطاء قضايا البيئة وحمايتها مواقعها المناسبة عند التخطيط للبرامج الدراسية.
تأخذ الجامعة رؤية تكاملية نحو إعداد الطالب وتأهيله بحيث تسعى إلى تأهيله علميا وتربويا وخلقياً واجتماعيا وثقافياً عبر عدد من المحاور منها:
التحصيل العلمي النظري والتطبيقي.
تطوير مهارات الاتصال.
الوسائل التعليمية.
المقدرة على الوصول إلى المعلومات الكونية.
الثقافة البيئية.
الثقة بالنفس والقدرة على التعبير والإبداع.
التأهيل للتعامل الاجتماعي:
- بين الطالب والأستاذ.
- بين الطالب وزميله.
- بين الطالب ومحيطه الاجتماعي.
المواطنة الصحيحة.
تعميق مهارة اللغة العربية تحدثاً وقراءةً وكتابةً.
بحيث تنعكس مجموعة المحاور على المنهج الدراسي ومفردات المواد وطرق التدريس ودور عضو هيئة التدريس في العملية التعليمية.
ثانيا: في مجال الأبحاث النظرية والتطبيقية وخدمة المجتمع
تضطلع الجامعة بمسؤولياتها تجاه الأبحاث العلمية وخدمة المجتمع وفق المعايير التالية:
تأصيل دور الجامعة نحو ترقية المعارف النظرية والتطبيقية في إطار التعاليم الإسلامية وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما حفل به التراث الإسلامي من مبادئ وأسس وفق الآتي:
ترقية المعارف بما ينفع الناس، ويتساوى في ذلك ما يتولد من الإرث الثقافي أو الإنتاج المعاصر أو ما يقتبس من الغير.
ترقية المعارف النظرية والتطبيقية وفقاً للمعايير الدينية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الإسلامي.
الالتزام بمناهج البحث العلمي وأدواته وتقنياته وأخلاقياته، والتعامل مع الحقائق العلمية مجردة إلا فيما يمس القيم الدينية الإسلامية.
إجراء الأبحاث العلمية والعمل على خدمة المجتمع وفق أسس تعاقدية بين الجامعة والطرف المستفيد في المجالات التالية :
إجراء الأبحاث والدراسات لصالح هيئات أو أفراد.
تقديم الاستشارات المهنية والفنية.
إدارة المنشآت وتشغيلها.
إجراء دراسات الجدوى الفنية الاقتصادية.
تقديم الدورات الدراسية والتدريبية لقطاعات المجتمع بهدف رفع الكفاية المهنية والعملية ودعم مهارات الكفاءات العاملة في مختلف القطاعات.
تقديم محاضرات وندوات وحلقات حوار بهدف تنمية ثقافة المجتمع وممارسة الدور التنويري للجامعة.
المشاركة في نشاطات الهيئات المعرفية في المجتمع كالمكتبات والمتاحف ودور الآثار والمعارض وتقديم المشورة المتخصصة.
تقديم المعلومات والبيانات العلمية لهيئات المجتمع.
إعداد الملفات المتخصصة لصالح هيئات مستفيدة.
دعم القطاعات الإنتاجية بالاستشارة.
جامعة ودورات متنوعة:
شروع جامعة الطفولة العربية بإنشاء مركز دراسات الطفولة لمتابعة قضايا الطفل العربي بحثاً وتطويراً، بما يضمن تلبية حاجاته الحاضرة والمستقبلية، إلى جانب الحث على تطوير دور الأسرة التربوي، عن طريق زيادة كفاءتها في التعامل مع الأبناء، وتزويدها بالدورات التربوية التي تساهم في إنجاح دورها التربوي.
وتدرك الجامعة أهمية وسائل الإعلام في تربية الطفل تربية متكاملة من خلال برامج تلفزيونية، وموضوعات صحافية تلبي حاجاته، وتشبع رغباته، وتلائم طموحاته، وفق أسلوب مؤثر وشيق مفيد. وتسعى الجامعة إلى تأهيل المربيات العاملات في رياض الأطفال تأهيلاً عالياً يزودهن بالكفاءات والمهارات المطلوبة لبناء شخصية الطفل، وفق أسس متوازنة، إضافة إلى تحسين مستواهن مادياً ومعنوياً.
تؤكد الجامعة ورسالتها على استخدام التقنيات الحديثة في تنمية وعي الطفل من خلال تنمية وعي القائمين على إدراة حياته وبناء ثقافته، والارتقاء بعلومه ومعارفه بطريقة أكثر فاعلية، إلى جانب الدعوة إلى بناء شخصية الطفل، بحيث تجمع بين الأخلاق الطيبة وقوة التأثير في المجتمع، لما لذلك من أهمية في إعدادها ليكون أنسانا ً ناجحا في المستقبل.
وتقوم الجامعة بإصدار مجلات متخصصة بالأطفال تجمع بين تعزيز القيم والأخلاق والترويح والتسلية، وإنتاج برامج وأفلام ومسلسلات تساهم في بناء شخصية الطفل بناء صحيحا سليماً.
وتقوم الجامعة دوريا بإعادة النظر في مكونات العملية التعليمية من حيث المعلم والمتعلم والمنهاج ونمط الإدارة، بما يحقق تنمية الإبداع والنقد لدى الطلبة، وفقاً لخطة تستدعي اكتشاف المبدعين من الطلبة بحيث يعتمد في ذلك اختبارات الاستعداد المقننة، إضافة إلى تطوير برامج إعداد وتأهيل المعلمين بما يخدم ثقافة الإبداع وتنميتها لدى الطلبة، إلى جانب زيادة الاهتمام بمناهج تنمي التفكير الإبداعي، والعمل التعاوني، والتحصيل الدراسي، والانتماء، اضافة إلى التعاون بين الباحثين والتربويين في تطوير نماذج إثرائية تساهم في تعلم وتعليم المفاهيم في مباحث العلوم المختلفة الخاصة بعالم الطفل مما يعزز ترسيخ القيم العلمية في عمليات بناء مناهج العلوم واللغة العربية والتربية الوطنية والتكنولوجيا وغيرها، إضافة إلى تعزيز المناهج بالمهارات الحياتية الضرورية.
كما تنهض بمستوى المعلمين ومعدي المناهج في مجال القياس والتقويم التربوي بحيث يركز على تنمية جميع جوانب شخصية الطفل إلى جانب الارتقاء بمستوى إعداد وتأهيل المعلمين، ورفع كفاءة المناهج لتلبي حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحسين مستوى أدائهم، وتفعيل دور المرشد التربوي من خلال التعاون المثمر مع المعلمين وأولياء الأمور بما ينهض بمستوى الطفل.
تجربة مميزة في هذا المجال يمكن الاستفادة من خبرتها:
أنشئ معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس بموجب القرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981 وصدرت لائحته التنفيذية بالقرار الوزاري رقم 1044 لسنة 1981 وبدأت الدراسة في شهر فبراير 1982 .
يتميز المعهد على المستوى العربي بأنه المؤسسة الوحيدة للطفولة التي تعد المتخصصين علي مستوى علمي رفيع في مجالات الطفولة، حيث تمنح درجات الماجستير والدكتوراه في المجال الطبي أو النفسي والاجتماعي و الإعلام وثقافة الطفل.
ويتميز خريجو المعهد بخلفياتهم العلمية الشاملة المتكاملة العريضة في مجالات الطفولة المتعددة التي يتلقون فيها مقررات دراسية ويقومون بتحضير رسالة علمية كخلاصة لدراسة وبحث دقيق في مجال التخصص أو في أحد مجلات التخصص الأخرى بالمعهد، وتعد الرسالة توطئة للحصول علي درجة الماجستير والدكتوراه في المجال المقدمة فيه . وبهذا فأن المعهد ينفرد بمثل هذا النوع من الإعداد الشامل المتكامل للمتخصصين في مجلات الطفولة علي مستوى العالم العربي.
وتم تحديد رسالة المعهد في إجراء بحوث ودراسات نظرية وعملية هدفها الأساسي رعاية الأطفال متضمناً ذلك جميع الجوانب اللازمة لتنشئة الطفل إيماناً من المعهد أن أطفال اليوم هم مجتمع الغد ومنهم قادته. وفي ضوء ذلك يركز المعهد على الدراسات الطبية والدراسات النفسية وإعلام وثقافة الطفل.
ويهدف المعهد كذلك إلى إعداد أجيال من المتخصصين في الرعاية الطبية والنفسية والإعلامية للأطفال وتدريب العاملين في مجالات الطفولة المختلفة وإلى توثيق العلاقات العلمية مع المعاهد والمراكز المماثلة في جميع دول العالم وفتح مجالات الدراسة والتدريب للباحثين من البلاد العربية والأفريقية بصفة خاصة.
وإذا كان هذا هو هدف المعهد بالنسبة للطفل بشكل عام فإن هدفه الأسمى هو الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف فئاتهم من معاقين وموهوبين ومحرومين حضارياً وغيرهم، ومن ثم فإن رسالة المعهد مزدوجة والاهتمام بنفس القدر بالنسبة للأطفال عامة والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك عن طريق دراسات متكافئة وملائمة لكل من هاتين الفئتين من الأطفال، هذا إلى جانب الدور المتميز الذي يمكن أن يقوم به المعهد في مجال البحوث والدراسات العملية التي تخدم المجتمع والتي تساعد في تطوير العملية التعليمية الجامعية وتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس وضمان جودة العملية التعليمية وكفاءة خريجي المعهد.
ويضم المعهد أقسام ثلاثة هي :
أولاً: قسم الدراسات النفسية والاجتماعية:
ويلتحق به خريجو أقسام علم النفس والاجتماع والطفولة و الحاصلون على الدبلوم الخاص من كليات التربية بالجامعات بتقدير عام جيد علي الأقل .
ثانياً : قسم الدراسات الطبية (صحة وتغذية الطفل):
ويلتحق به خريجو كلية الطب الحاصلون على بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام جيد على الأقل.
ثالثاً : قسم الإعلام وثقافة الطفل:
ويلتحق به خريجو كلية الإعلام والأقسام المختلفة من كليات الآداب بتقدير عام جيد علي الأقل.
ختاماً:
ويمكن للجامعة أن تنشئ قسما تدريبياً (على شكل دورات خاصة بالطفل) يتخصص بنوع من البرامج الدراسية، تهتم بتوسيع مدارك وعقول الاطفال حتى وإن اعتمدت على الأفكار العلمية الخيالية ومحاولة إنشاء بعد علمي، وإن كان بعيداً عن واقع الحال الذي يعيشون به، بحيث تكون لهذه الجامعة اختصاصات متنوعة بالشكل والمضمون. ويكون التدريس للأطفال الذين لديهم طموح بالجانب الهندسي مختلفاً عن تدريس من يمتلكون موهبة الرسم والفنون التشكيلية، ويختلف كذلك عن تدريس الطفل الذي له اهتمام بالجانب الأدبي، أي أن تكون هذه الجامعة متنوعة الفروع والتخصصات. وبهذا نستطيع أن نبني جيلاً جديداً يستطيع أن يكون قريباً من الشعوب المتقدمة علمياً، مما يقلل من الفارق الزمنى معهم.
وهذه الأفكار التي اعتمدنا فيها على منهاهج علمية متخصصة ودراسات معمقة وجوانب بحثية ورؤى وأهداف لمؤسسات جامعية كبرى وتوصيات لمؤتمرات عربية، تظل مجرد حلم يتنظر فارسا ينهض به... ومن لهذا الحلم الذي نأمل أن يصل إليه هذا المشروع ويوليه عنايته، ويستطيع أن يسند هذه المهمة الى اختصاصيين بمختلف التخصصات لدراستها بالكامل وتقديم دراسة متكالمة ممكنة التطبيق...
نرجو الله أن تلقى هذه الرؤية القبول.. وبالله التوفيق...