قصة مثل
أغلى من بقر جحا
يكتبها: د. طار ق البكري
كثيرا ما نسمع عن مثل عربي يقول:( قد بقرة جحا) أو(أغلى من بقرة جحا) فهل تعرفون يا أصدقائي ما هي بقرة جحا؟ وكيف صارت قصة هذه البقرة مثلا يدور على ألسنة الناس منذ سنين طويلة؟؟
لنستمع معها إلى ما هذه الحكاية الطريفة:
تقول الحكاية إن جحا سمع في يوم من الأيام أن البقر الأبيض اللون يجلب الحظ لصاحبه، وقد كان البعض في الماضي- كما هي الحال في هذه الأيام- يؤمنون بالحظ وبالأشياء التي يرون أنها تجلب السعادة والمال والصحة أو تبعد الحسد.. وطبعا أنتم تعرفون أن هذا الكلام غير صحيح ولا قيمة له.. فليس هنالك تميمة ولا ورقة ولا بقرة ولا شيء يجلب الحظ للإنسان وأن على الإنسان أن يبقى متفائلا دائما وحتى في أصعب الأحوال..
ولنعد الآن إلى القصة حيث نجد جحا يبحث في الأسواق عن بقرة بيضاء بعدما سمع بعجائب الأبقار ذات اللون الأبيض..
لكن بحثه لم يكن له أي فائدة فهذا البقر نادر الوجود.. وكاد جحا ييئس من العثور على بقرة ناصعة البياض.. فصار يفكر ببقرة رمادية..
وفجأة قال له أحد التجار أنه سمع عن بقرة بيضاء يملكها مزارع في قرية قريبة لكنها عزيزة عليه ولا يبيعها بغالي الثمن..
وهذا أمر طبيعي، فكل ما هو نادر الوجود ومطلوب من الناس يكون ذا قيمة عالية حتى وإن لم يكن له بالفعل قيمة حقيقية..
على الفور.. انتقل جحا إلى القرية القريبة ساعيا وراء البقرة البيضاء..
التقى جحا صاحب البقرة وكان كبيرا بالسن فعرض عليه شراء البقرة بسعر باهظ لم يعرض عليه من قبل... وصدف أن المزارع كان بحاجة للمال فطلب مبلغا أكبر،، وعاد جحا برفقة البقرة البيضاء سعيدا بها.. يظن أنها ستفتح له أبواب الحظ والمال والسعادة....
وبعد أن انتشرت قصة البقرة في بلدة جحا.. قام لص وسرق البقرة من حظيرتها.. ولما اكتشف جحا السرقة كاد يموت من الحزن.. وقرر أن يفتش كل بيوت البلدة باحثا عنها.. لكنه لم يجد لها أثرا..
السارق كان ذكيا جدا... وضع خطة عجيبة..
قام السارق بصبغ البقرة باللون الأسود فلا يعرفها أحد في البلدة.. وأخفاها فترة طويلة.. وبعد أن تأكد أن جحا فقد الأمل بالعثور عليها قرر تنفيذ الشق الثاني من خطته..
ذهب اللص إلى منزل جحا وقال له إنه بينما كان في سوق للماشية خارج البلدة شاهد بقرة بيضاء معروضة للبيع فقرر شراءها على الفور من أجل صديقه وجاره وابن بلدته حجا.. وساوم البائع طويلا لكن الثمن كان باهظا ورغم ذلك اشتراها من اجل جحا وأخذها إلى حظيرة بيته وأطعمها وسقاها ثم تركها ترتاح وحضر إلى منزل جحا ليبشره بالبقرة الجديدة..
طار عقل حجا من الفرح وعلى الفور دفع مبلغا كبيرا للجار الصديق دون مناقشة وهرع نحو بيته ليأخذ البقرة.. وكان الجار الكاذب قد غسل البقرة وأزال عنها الطلاء الأسود حتى استعادت لونها الناصع البياض..
وهكذا انطلت الحيلة على جحا وعاد ببقرته القديمة على أساس أنها بقرة أخرى، سعيدا بعودة "الحظ" إليه واعدا نفسه أنه لن يترك البقرة أبدا وسيسهر على حراستها في الليل قبل النهار..
ومع الأيام عرف الناس قصة جحا والبقرة وانتشرت في جميع البلاد، وصاروا يتندرون ويقولون عن كل شيء كلف أكثر من قيمته: "أغلى من بقرة جحا" ،،
وصارت قصة جحا وبقرته مثلا في كل زمان ومكان...