بناء شخصية الطفل المسلم
أكد أن مجموعته القصصية الجديدة تستهدف بناء شخصية الطفل إسلامياً
البكرى: أبداً لن نكون نسخة مشوهة من الغرب
بعض الكتاب يريد تشـــويه وتغريب عقول أطفالنا
د. طارق البكري
الكتابة للاطفال ليس شأنها مثل الكتابة للكبار، فالطفولة حالمة، تعيش في عوالم خاصة تحتاج لمن يكتشفها ويبتكر في ظلها.. والحديث عن الطفولة وقراءاتها قضية مفعمة بكثير من الألم نظراً لما نجده من ندرة في كتب الأطفال إسلامية المنشأ، البعيدة عن الترجمة والاقتباس والنقل..
وطارق البكري متخصص في الكتابة للأطفال أصدر مؤخراً مجموعة قصصية جديدة للأطفال، وهي موجهة لاطفال المرحلة الابتدائية والمتوسطة.. في هذا اللقاء يتحدث الزميل البكري لـ «العالمية» عن أدب الأطفال ومجموعته القصصية الجديدة.
تروى حكايات هادفة تستهدف غرس قيم وأخلاقيات نبيلة في نفوس الأطفال.. ماذا عن تداعيات وأهداف هذا الإصدار؟
- إن هذا الاصدار الذي حمل عناوين متفرقة جاء نتيجة رعاية واشراف السيدة غنيمة فهد المرزوق، صاحبة الأعمال الخيرية الكثيرة في الكويت وخارج الكويت، إيماناً منها بدور القصص في بناء شخصية الطفل بناء اسلامياً سوياً.. وقد رأت السيدة غنيمة في منهج رؤية تربوية الذي وضعته الداعية نسيبة المطوع، وقدمته الى اللجنة العليا للعمل على تهيئة الأجواء لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية في الكويت، رأت أن هذا المنهج التربوي صيغة صائبة يجدر ترجمتها لتتحول من الجانب النظري الى الجانب العملي، لغرس المفاهيم المختلفة في انفس الصغار.. فانشأت السيدة غنيمة مركز ثقافة الطفل قبل نحو سنتين، وبدأ العمل في سبيل انتاج مجموعات قصصية متنوعة وكان هذا الاصدار واحداً منها.
وضعنا بالاتفاق مع السيدة نسيبة المطوع، والسيدة منى المطيري نائبة رئيس مركز ثقافة الطفل، ومدير المركز محمد مرعي مجموعة من المحاور الرئيسية بعد سلسلة لقاءات مكثفة مع السيدة نسيبة، وبعد قراءة منهج الرؤية واقسامه المتنوعة المستمدة من الكتاب والسنة.. وجاءت القصص في مجالات مترادفة يتمم بعضها بعضاً، ليحصل الطفل على وجبة ثقافية دسمة، تمكنه من تطوير معرفته اللغوية والثقافية، فضلاً عن الناحية الدينية الاخلاقية.. وتناولت القصص مفاهيم العفو والاخلاص واحترام الآخر، وفن التحاور مع الذات ومع الناس، فضلاً عن الاخوة والصداقة والبر وبذل النفس والسعي للنجاح والتفوق.. وبالاجمال كانت القصص موسوعة تربوية مختصرة، وافقت السيدة نسيبة على اعتمادها على أساس انبثاقها من منهج رؤية تربوية.
وهل نحن مقصرون تجاه أطفالنا وما أوجه هذا التقصير؟
- توفير الطعام والملابس نعمل كآباء وامهات دوماً على تأمينه. ولكن لينمو الأطفال في صحة نفسية وعقلية فهذا آخر هم لكثير من الناس، ليس البسطاء منهم فقط، بل وحتى المثقفين المتعلمين.. نجد مؤتمرات.. ندوات.. دراسات.. الأحلام شيء والواقع شيء آخر.. الكويت تشهد من حين لآخر لقاءات خاصة بالطفولة، وكذلك.. مصر.. سوريا.. بيروت.. وغيرها من عواصم العرب.. لكن من استفاد منها.. نجد فئة معينة من الاطفال هم المستفيدون غالباً.. معظم الاطفال العرب لا يجدون ما يشترون به كتبهم المدرسية، فكيف يشترون قصصاً غالية الثمن..
معظم الناشرين متأثرون بما يصدر في الغرب.. يريدوننا نسخة مشوهة عن الغرب، .. يريدون أطفالنا نسخة مشوهة عن الغرب، يرطنون بالانكليزية ويعادون العربية.. يعيدون نشر الكتب الانكليزية المترجمة، وكذلك الفرنسي وبلغات العالم، وكأن العربية تخلو من عطاء وسناء...
وهل كل ما يأتي من الغرب هو شر محض وينبغي مصادرته؟
- اهتم كثيراً بمتابعة ما يصدر في الغرب والشرق من كتب ومجلات وقصص خاصة بالطفل.. لكن هذا لا يعني أن أخلع ثوبي وأغوص في قيعان الآخرين.. الأمم تتلاقح.. الأفكار تتبادل.. لكن أن نظن أن كل ما يأتينا من الغرب هو الأعلى والأفضل وأنَّ كل ما يأتينا من الشرق هو الأقل.. فتلك أفكار قاصرة.. هي التي لا تعرف قيمة ما في أرضها.. هنالك فنانون وأدباء وعباقرة.. هويتهم عربية.. انتماؤهم عربي.. صناعتهم عربية.. لو تأمن لهم المستوى الذي تؤمنه دور النشر الغربية لكان عطاؤنا أكبر وأهم.. ولكننا وبصراحة نريد أن نطلب الأفضل والأحسن.. والأعلى.. بينما لا نقدم إلا القليل.. وليس ذلك فقط.. لو بدا على أحدهم حمرة الخجل والجوع في خديه.. لظننا أنها نعمة الرخاء.. فنبدأ نفكر.. من أين له هذا؟
لنبني أولا ما في داخلنا.. ولننفقه على مطبوعات الأطفال.. ليتجه الأغنياء إلى هذا الجانب..
وما الدور الذي يمكن أن يقوم به هؤلاء الاغنياء؟
- دورهم كبير.. كثير منهم لا يزال غير مهتم بأدب الاطفال.. صديق لي.. يملك موقعاً على الانترنت.. اسمه «أدب اطفال» لا يكاد يملك ما ينفقه على هذا الموقع.. فهو ينفق من جيبه الخاص..
فإلى متى يصمد.. الله أعلم.. وغيره أيضاً.. ينفقون الملايين على ندوات تظل نتائجها حبيسة الأدراج.. نسمع عن مؤتمرات عن الصغار. تكون بمثابة علاقات عامة.. هنالك من يستفيد كثيراً من ورائها وهناك من يركب الموجة.. وهناك بالفعل كثير من عشق الطفولة ومستعد لبذل ما يملك من أجل أطفال لا يعرفهم.. وربما لم يولدوا بعد..
لم تحدد ماذا تريد من الاغنياء!!
- لا أقصد الاغنياء تحديدا بل أقصد غيرهم ممن يملك سلطة معنوية وأدبية على امتداد العالم العربي.. لماذا لا ننشئ كليات خاصة بأدب الأطفال.. يكون هنالك المحرر والمخرج والفني والمصحح والتربوي في كل المجالات المرئية والمكتوبة والمسموعة.. ومن أقدر من هؤلاء على الاضطلاع بهذا الدور الخطير.. كما يجب أن يكون هناك دعم لكتاب الطفل.. لا نريد أن يكون النشر محققا استفادة اقتصادية على حساب الطفل، كما أن بعض الناشرين يعمدون إلى رفع الأسعار لتغطية التكاليف لأن اصدارات الطفل كما هو معلوم تكاليفها الطباعية مرتفعة ما يؤدي، إلى أهمية تأمين مردود يكفل للناشرين الاستمرار والمواظبة على الاصدار فليمد الجميع أيديهم، وخصوصا من يملك المال.. فعليهم مسؤوليات كبيرة في اطار ثقافة الطفل، لاسيما الاصدارات الخاصة بالطفل المسلم..
نعود إلى اصداراتك ونسأل عن اصدار دوحة الطفولة.. هل من تعريف عنه؟
- هذا الاصدار مكون من أربعة كتيبات عن دار الحافظ الدمشقي، ورسمته الشابة المبدعة دينا قباوة، وهي شابة في مقتبل عمرها لكن رسوماتها تتميز بالدقة والبساطة، وتتضمن المجموعة أروع قصص تمس الطفل داخل أسرته، وعلاقاته الاجتماعية، تتعلق بحياتنا العربية، وبيئتنا الخاصة، أطفال ينشأون في أحياء عربية إسلامية، ينهلون من النبع العذب الصافي.. وهي موجهة للأطفال في المراحل الابتدائية، السنة الأولى والثانية ابتدائي تقريباً، ولكني وجدت في المعرض الأخير في الكويت اطفالا في المرحلة المتوسطة يقبلون على شراء المجموعة.. وبسؤالهم علمت أنهم يشترونها لأنفسهم.. وهذا بالطبع يفرحني..
http://www.iico.org/al-alamyiah/current-issue/Islamic-publications.htm المصدر