مقال نبيل الفضل بجريدة الوطن
الرابط
http://www.alwatan.com.kw/print.aspx?page=7&topic=9997
الفرق بين البطولة والإرهاب
لا نعرف من اعطى الانطباع للزميل عبدالله العتيبي ـ القبس يوم أمس ـ ليكتب في الصفحة الأولى «بعد الانباء السعيدة التي تلقاها الكويتيون عن الانفجار الذي نفذه الاستشهادي الفلسطيني في مطعم بيتزا في القدس المحتلة».
من اعطى الانطباع للزميل ان الكويتيين ـ على عموم اللفظ ـ كانوا سعداء لمقتل المدنيين والابرياء بمن فيهم 6 أطفال؟! هل تبلد الحس في بعضنا ليجد السعادة في مثل هذه الأعمال الارهابية؟!
أين الصياح والعويل الذي اطلقناه على مقتل محمد الدرة؟! رغم ان اباه هو من جنى عليه بأخذه إلى خط النار والتصادم بين المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية، ورغم رفض إسرائيل الاعتراف بالمسؤولية عن مقتله(!!).
أين صياحنا ذاك عن مقتل 6 أطفال إسرائيليين لا ذنب لهم بما يجري حولهم؟! بل ان قاتلهم بمنتهى برودة الاعصاب والدموية فجر نفسه وهو ينظر في أعينهم وإلى ابتساماتهم للبيتزا(!!).
في مقابل هذا التصرف الجبان نقف احتراماً لذلك الفلسطيني الذي اخرج رشاشاً واطلق رصاصاته على مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو يدخن سيجارته دون توقف حتى اطلقوا النار عليه.
هذا موقف بطولي استهدف آلة الحرب الإسرائيلية، أما تفجير مطعم يعج بالمدنيين والأطفال فهو إرهاب رخيص نجد من العيب ان يفتخر به البعض بهوس وحماس. فذلك التفجير وضحاياه لن يرسم سوى صورة سيئة للإنسان الفلسطيني والعربي. ومن يلوم الغير على رسم هذه الصورة لنا؟!. مادام فينا أناس لا يشجبون هذه الأعمال، وآخرون يمجدونها، والباقون يعتبرونها أنباء سعيدة، ونحن إذ لا نجيز الاعتداء على المدنيين ونحرم تعرض الاطفال للمخاطر فاننا لا نحصر هذا في طرف دون آخر. ونجد ان مقتل طفل فلسطيني لا يقل بشاعة عن مقتل طفل يهودي أو نصراني أو بوذي.
ولكن المؤلم ان نرى ان من يسقط من أطفال فلسطين ضحية هذا الصدام القائم، انما يسقط بسبب رصاصة طائشة أو تصويب غير متعمد، أما اصحابنا فهم يقتلون الاطفال والنساء بتعمد وبرود اعصاب لا يتاح إلا لاقسى المجرمين الذين لا يملكون ذرة من ضمير إنساني أو شعور بشري.
أما اهداء العملية لصدام حسين، فهو بها اخلق وهم به أليق. وسواء سحبوا ذاك التصريح أم كذبوه فإن السؤال الذي يؤرقنا في النهاية هو، كم من أموال الكويت وصدقات شعبها ذهبت ولاتزال تصب في جيوب قادة حركة الجهاد؟!
على صعيد آخر قرأنا للشيخ حامد العلي ـ الأمين العام السابق للسلفية العلمية ـ مقالاً يوم أمس يستشهد فيه بمقتطفات من كتاب «الديانة اليهودية وتاريخ اليهود» لإسرائيل شاحاك. وخرج الزميل بأدلة على ان الحاخامات اليهود يصدرون الفتاوى للجنود الاسرائيليين بجواز قتل الاغيار ـ غير اليهود ـ وان تعاليمهم التلمودية والتوراتية «تحض على الابادة الجماعية» وان التصريحات الحاخامية متعطشة للدماء.
ونحن لانشك في نقل الشيخ حامد العلي لتلك الفقرات من ذلك الكتاب الإسرائيلي. ولكننا نود ان نذكر الشيخ ان «عندهم وعندنا خير».
أو لم يسمع شيخنا هداه الله يوماً في خطبة من خطب الجمعة، صوت الخطيب وهو يهتف في آذان المؤمنين من أمة محمد بدعاء متكرر فحواه «اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم. اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم احدا. اللهم رمل نساءهم ويتم ابناءهم. اللهم واجعل نساءهم سبايا للمسلمين واللهم احرق حرثهم وبدد نسلهم» هل يتذكر شيخنا رحمه الله هذه الدعوات للقتل الجماعي والحرق والسبي.
ترى أهذا هو الإسلام أم هو الفكر الديني الذي يلبس الحماس ليخنق المنطق؟!
اعزاءنا
نعتقد اعتقاداً جازماً ان فلسطين والقضية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية من الأسباب الرئيسية لارتفاع السكر في الأرض العربية والساحة الكويتية.
______________
رد طارق البكري بجريدة الوطن
الرابطhttp://www.alwatan.com.kw/print.aspx?page=5&topic=10253
____
ردا على نبيل الفضل
عار أن نجعل الشهداء كالمجرمين
لا شك اننا نعيش زمن الانهزام، والاغراق في مفاهيم خاطئة، يحاول ترويجها أشخاص خرجوا عن الركب، وتبددت في عيونهم الألوان، فلم يعد هناك ما يمكنهم من التمييز ما بين الأبيض والأسود، ولا بين المر والسكر.
فلقد أضحكتنا بالأمس القريب مقالة «الكاتب» نبيل الفضل، وهو يعلن اكتشافه الخطير للفارق ما بين البطولة والارهاب، ويعطي لليهود براءة خاصة، بأنهم مظلومون من أبناء العرب، فهم الذين يقتحمون المطاعم والأندية المسالمة، التي أقامها اليهود في أرض أجدادهم، ويتوارثونها بكل حق، ليسعد بها أطفالهم، ويرقصوا.. ويأكلوا البيتزا المخلوطة بالدم العربي المباح. وهؤلاء الأطفال العرب، من دير ياسين، إلى قانا.. إلى إيمان حجو ومحمد الدرة.. وغيرهم.. إنما يسقطون كما اكتشف «الفضل» بسبب رصاصة طائشة أو تصويب غير متعمد.
كلمات سمعناها بالأمس يندى لها جبين العرب، أبعد هذا الذل من هوان، ان كل يهودي موجود على أرض فلسطين هومحارب نذل، ولا يشفع لهم وجود الأطفال بينهم، اما ان يجلس الانسان على فراشه الوثير، يأكل ما لذ وطاب،ثم ينظّر على شباب وأطفال وشيوخ ونساء، يقدمون دماءهم فداء، فذلك عار ما بعده عار.
إن الحقائق التي لا يراها الكاتب نبيل الفضل بوضوح تتطلب أن يعيش الواقع المؤلم، وان يتصور نفسه وأهله وأولاده يذوقون مرارة الموت كل يوم ألف مرة، ويذوق بلسانه الخبز المعجون بالدم.. ربما عندها يصبح لكلامه معنى آخر. ثم من أعلم «الفضل» ان ديننا على الشكل الذي يتصوره ومن صور له هذه الحقائق المزورة، ألا يظن انه سيلقى ربا سيسأله عن كل حرف يكتبه؟.
لا يليق بنا ونحن نتكلم عن الشهداء الأبرار الذين يقدمون أرواحهم ويتركون أهلهم وأولادهم، ان نصورهم في هذا التصوير القبيح، فإنك وصفت الشهداء بأبشع الأوصاف، واتهمتهم بأسوأ الاتهامات، وانت بذلك أيضا، تتهم المقاومة الاسلامية في لبنان، التي قصفت شمال المناطق المحتلة وضربت ما يسمونه بالمدنيين وهم مجرمون محتلون.
ثم ياسيدي، كيف تفتي بأمور أكبر من أن يجرؤ المفتون الكبار على الافتاء بها.
لقد شتمت الشهداء الأبطال بقولك ان تفجير مطعم يعج بالمدنيين والأطفال إرهاب رخيص. فماذا تسمي إذن فرحك وسعادتك وأمنك وسلامتك وآلاف، بل ملايين من المدنيين يروعون كل يوم ألف مرة.
عيب حقا ان تصب جام غضبك على الشهداء، وتقول إن الشهيد يقتل الأطفال والنساء بتعمد وبرود أعصاب لا يتاح إلا لأقصى المجرمين الذين لا يملكون ذرة من ضمير إنساني أو شعور بشري.
ارحمنا يا سيدي، وقل خيرا أو فاصمت، أهكذا يكون الوفاء لدم الشهداء.. وهم الأحياء عند ربهم يرزقون بفتاوى جميع علماء الأرض، أم انك تريد ان تخرج علينا بفتوى جديدة؟
لقد آذيت مشاعر كثير من الناس بمقالتك الأخيرة، واعلم ان كل ما يقال ويعقب لن يغير من قناعاتك شيئا يسيرا، لكن سيأتي يوم يسأل الله تعالى كل إنسان عما قدم من فعل أو قول، وسوف يقاضيك كل الشهداء الأبطال.. وعنـدها ندامة لا ينفع معها اعتذار. ______________________________
رد نبيل الفضل بجريدة الوطن
بالكويتي الفصيح
سعدت جدا بأنني تمكنت من إضحاك د. طارق البكري حسبما كتب تعليقا على مقالنا ليوم أمس الأول. وانا متأكد من صدق مقولته بأنني آذيت مشاعر كثير من الناس بمقالتي الأخيرة، ولكنني أبشره بأن المتفقين معي في الرأي والمؤيدين لما كتبت يتفوق على ربعه أضعافا مضاعفة، حسب ردود الفعل والاتصالات التي تلقيتها مباشرة او عبر الجريدة.
وأود أن اتطرق اولا لما كتبه د.البكري -وهو شخص لم اسمع باسمه قبل يوم امس- عن حاجتي لمعايشة الواقع المؤلم. حيث يتمنى لي «ان يتصور نفسه وأهله وأولاده ويذوقون مرارات الموت كل يوم الف مرة».
فأقول للدكتور البكري بأنني قد مررت بتلك التجربة، ولا أدري ان كان البكري قد سمع بغزو واحتلال الكويت من قبل الاخوة العراقيين، ولكن الذي حدث هو انني قد عايشت تلك المحنة وذقت خلالها الالم ورأيت مرارات الموت مع اهلي واولادي. واذا اسعفتني الذاكرة -وهي كثيرا ما تسعفني- فان وضع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي أريح الف مرة من وضع الشعب الكويتي تحت الاحتلال العراقي العربي المسلم.
من جانب آخر اذكر جيدا اننا خلال تلك المحنة لم نسمع عن كاتب فلسطيني كتب مدافعا عن الكويت او متألما لشعبها ومشيدا بشهدائها كمايفعل د.البكري.
والكويت قدمت الشهداء الابطال الذين تصدوا لجيش الاحتلال وفجروا آلياته ومدافعه، ولكنهم لم يقوموا يوما بتفخيخ سوق للسمك في البصرة، ولا مطعم للباجا في بغداد ولو فعلوا لكانوا ارهابيين لا ابطال مقاومة ولا شهداء.
ولقد كنت اتمنى ممن يناقشني فيما اكتب ان يلتزم حدود العقل ودقة التعبير، اما ان يكتب البكري وهو يصف اطفال مطعم البيتزا بـ«ويأكلوا البيتزا المخلوطة بالدم العربي المباح» فهذه حذلقة وفذلكة نتمنى أن يحتفظ بها لنفسه ولصحبه. فأي بيتزا تلك المخلوطة بالدم؟! ام انه لا يفرق بين الدم والكاتشب.
وأما قوله بأن «كل يهودي موجود على أرض فلسطين هو محارب نذل ولا يشفع لهم وجود اطفال بينهم» فهو قول حماسي خاطيء. فبعض اليهود في فلسطين موجودون قبل دخول الاسلام والعرب الى فلسطين، ولا يزالون هناك، مما يعني ان جذورهم في تلك الارض عميقة. واما التعميم بأن كل يهودي محارب نذل فنترك الحكم عليه للقراء. اما ان وجود الاطفال بينهم لا يشفع لهم. فهذا ما يفرق بيني وبين أمثال الدكتور البكري.
ولا اعلم ما الذي يعنيه تساؤل البكري «كيف تفتي بأمور أكبر من ان يجرؤ المفتون الكبار على الافتاء بها». فان كان يعني تحديد الشهادة من الانتحار، فله الحق فقد اختلف الفقهاء حتى اليوم في تحديد هذا الاختلاف بالذات فيما يخص العمليات الانتحارية التي ينفذها بعض الفلسطينيين.
المشكلة هي ان البكري واشباهه يظنون اننا لانفهم الدين، وهم يتغاضون عن اعلاننا في كل مرة ان اختلافنا ليس مع الدين ولكن مع الفكر الديني.
ففي حين اننا نستطيع ان نسطر الأدلة من آيات واحاديث تحرم قتل النفس وتؤكد ان قاتل نفسه في النار، فاننا نندهش على اصرار البعض تزوير الحقائق وتحوير الفهم ليدخلوا قاتلي انفسهم تحت منظومة الشهداء في سبيل الله. والحقيقة فان هذه معادلة صعبة يحتاج فيها المرء لأكثر من شهادة دكتوراه ليستطيع اقناعنا بها.
يا دكتور طارق، الشهيد شهيد والانتحاري انتحاري والفرق بين الاثنين لا يحتاج عيونا متسعة بل عقلا منظما.
واذا كان الله سيسائلني عما كتبت كما يقول البكري فانني أؤكد أن الله سيسائله ايضا على ما كتب وعلى ما مزج من خيال بحقيقة.
اما الذي ضايقني فيما كتب البكري فهو قوله «اما ان يجلس الانسان على فراشه الوثير يأكل ما لذ وطاب ثم ينظّر على شباب وأطفال وشيوخ يقدمون دماءهم فداء، فذلك عار ما بعده عار». فأنا أرى ان العار الذي ما بعده عار ان يجلس امثال البكري على فراش وثير يأكلون ما لذ وطاب ويصفقون للآخـرين ليفجروا انفسهم ويقتلوا النساء والاطفـال في المطاعم وغيرها ثم يسبغون عليهم لقب الشهادة.
العار يا دكتور بكري ان تكتب وتنظر للشهادة والوفاء لدمائها، وانت جالس في الكويت ولو انك قد شددت رحالك الى فلسطين وفجرت نفسك كما تطلب منهم ان يفعلوا، لنلت الشهادة التي تدعيها ولكسبت بعض احترامنا لما تتشدق به.
سؤال اخير اود طرحه على البكري والقراء: لو اخذنا الانتفاضة الفلسطينية كما هي بشبابها واحجارها ومقاليعها و«نباطاتها» ووضعناها في اي بلد عربي مسلم، ترى كم من الوقت كانت ستستمر هذه الانتفاضة قبل ان تحرق عن بكرة ابيها؟! ثم لنقارن هذا بما يحدث للانتفاضة في فلسطين.
أعزاءنا
الأطفال بلا جنسية وبلا دين وبلا ايديولوجية. ودماء اطفال المسلمين حرام حرام مثل دماء اطفال البوذيين والنصارى واليهود. ومن لا يؤمن بهذا يحتاج الى علاج نفسي. الحمد لله اننا مصابون بالسكر فقط.