الإنسان عقل وروح وفكر ومعتقد /4



الإنسان عقل وروح وفكر ومعتقد  /4  ا





















الإنسان  عقل وروح وفكر  ومعتقد /4

تقول السيدة وفاء سلطان في مقالها ( أجيبوني قبل ان تشتموني )

والذي ترد فيه على رسالة كتبتها إليها

إذا كانت الرسائل التي تصل السيدة وفاء سلطان تخدش حيائها وتثير غثيانها

الم تتسأل عن سبب هذا الهجوم عليه

مع احترامي الكبير لحرية الرأي والفكر والتعبير

واشكر الله تعالى ان رسالتي كانت مؤدبة ولم تخدش حيائها

وإذا كانت ترى إني استهزئ بعقلها فحاشا لله ان افعل ذلك

ولكن لابد ان يتم توضيح كل شئ للقارئ والمطلع لان هناك أناس لا يعرفون هذه الخلافات والسيدة الكريمة صاحبة حجة قوية وقلم كبير وتستطيع ان تؤثر في البسطاء والذين لا يعرفون الكثير  عن الإسلام مسلمين كانوا أو غير مسلمين

إما مسالة الوقوع في أخطاء إملائية عند الكتابة أو الطباعة فهذا أمر وارد ويقع الكل فيه إنا لست في سوق عكاظ ولست في مهرجان لكتابة الشعر والسجع لأكتب على الوزن والقافية

سيدتي

في بلدي يعيش عدة أديان منها السماوية الإسلام والمسيحية وقلة من اليهودية حسب علمي يتواجدون في بغداد

وهناك غير السماوية مثل الصابئة المندائين والايزدية

المسلمون سنة وشيعة وطوائف أخرى

إنا لست ضد ان يعبد الإنسان ما يشاء بل أنني اعتز بصداقات مع بعض الايزدية واحترم خصوصية ديانتهم لذا من حق أي إنسان ان يقدس ويعبد ما يشاء وعلى الآخرين احترام الآخرين بالمقابل

ولا اختلف مع احد في هذا

ولكن المسالة مع كتاب الله القران الكريم تختلف إننا لا نخوض في كتاب وضعة فلان من العلماء أو المفكرين أنة  كتاب انزل على مدى أكثر من 20 سنة على رسول الله محمد (ص )

ان المؤلف هنا هو الله والمتلقي هم خلق الله

العرب في ذلك الوقت كانوا في أوج حضارتهم الأدبية واللغوية وقصائد المعلقات خير شاهد على ذلك ولم يكونوا محدودي القدرة على الفهم واللغة العربية الفصحى خير دليل

ولم يكن في لغتهم نقاط ولا حركات

لذا كتب القران بلا حركات أو نقاط (سأفصل ذلك لاحقا )

قال تعالى (( هو الذي انزل عليك الكتاب منة آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرى متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تاويلة إلا الله والراسخون في العلم يقولون أمنا بة كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) الآية 7 سورة إل عمران

القران الكريم كتاب مبارك أنزلة الله على رسوله (ص ) ليخرج الناس من الظلمات إلى النور فبين معالم التوحيد وإخلاص العبودية لله تعالى

وحكي قصة خلق الكون والإنسان وإخبار القرون الماضية بما فيه العبرة للناس وبين أصول العبادات والمعاملات للمجتمع المسلم

وأنبأ عن مستقبل البشرية وكيفية نهاية الحياة وكشف الستر عن حجب الغيب فاطلع البشرية على إخبار القيامة والبعث والحساب والجنة والنار ورمز إلى أمور أخرى ليست من مدركات العقل البشري استأثر الله بعلمها  وحجبها عنا في الحياة ومن هنا أحس العلماء إمام هذا الشمول ألقراني ان في  القران آيات لا يستطيع الإنسان تصور معناها بأكثر مما يدل علية ظاهر ألفاظها عرفت باسم الآيات المتشابه وسواها من سائر القران عرفت بالآيات المحكمة وقد استندوا إلى نص الآية أعلاه

وقد روي في سبب نزول هذة الاية والايات التي في اول سورة ال عمران ان وفد نصارى نجران قدم على الرسول (ص ) فخاصموة في طبيعة عيسى بن مريم (ع ) بان قالوا او لست نزعم ان عيسى روح الله وكلمتة وتاولوا في ذلك ما يقولون فية من الكفر فانزل الله سورة ال عمران الى بضع وثمانين اية منها ( الواقدي اسباب نزول القران / الطبري جامع البيان )

ومما لا شك فية ان نص الاية اعم من هذة المناسبة فهى تصور موقف الناس على اختلافهم من القران فالذين في قلوبهم زيغ وانحراف وظلال عن سوء الفطرة يتركون الأصول الواضحة الدقيقة التي تقوم عليها العقيدة والشريعة والمنهج العلمي للحياة الإسلامية ويجرون وراء المتشابه الذي يعول في تصديقه على الإيمان  بصدق مصدرة والتسليم بأنة هو الذي يعلم الحق كله بينما الإدراك البشري نسبي محدود المجال

وإما الراسخون في العلم الذين بلغ من علمهم ان يعرفوا مجال العقل وطبيعة التفكير البشري وحدود المجال الذي يملك العقل فيه بوسائله الممنوحة لة فهم يقولون (( أمنا بة كل من عند ربنا ) /سيد قطب / في ظلال القران ج3 ص 269

وعلى هذا النحو فهم علماء السلف الآية الكريمة فقال عبيدة بن عمرو السلماني ت 72 ه من أين يعلمون تاويلة وإنما انتهى علم الراسخين الى ان قالوا ( أمنا بة كل من عند ربنا )) الحارث ألمجلسي /فهم القران ص 229

وسال الإمام ملك عن قوة تعالى (( وما يعلم تاويلة إلا الله ))أيعلم تاويلة الراسخون في العلم ؟ قال لا وإنما معنى ذلك ان قال وما يعلم تاويلة إلا الله ثم اخبر فقال (( والراسخون في العلم يقولون أمنا بة كل من عند ربنا )9 وليس يعلمون تاويلة /نفس المصدر السابق ص 330

وقال الطبري المحكم من أي القران ما عرف العلماء تاويلة وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل ما استأثر الله بعلمه  دون خلقة والراسخون في العلم يقولون (( أمنا بة كل من عند ربنا )) لا يعلمون ذلك ولكن فصل علمهم في ذلك  على غيرهم العلم بان الله هو العالم بذلك دون سواة من خلقة

وسأكتفي بهذا القدر بخصوص المحكم والمتشابه

إما موضوع كثرة التفاسير

ان أي دين أو مذهب أو حتى نظرية فلسفية أو علمية أو أدبية لها إتباع ومخالفون

ولنأخذ الأديان السماوية المسيحية كم فرقة ومذهب هم ألان واليهودية كذلك والإسلام أيضا

المسلمون قطبتا متفقون على ان القران هو كتاب الله بلا شك ولا يختلف اثنان منهم على ذلك

متفقون على ان محمد ( ص ) هو رسول الله وعلى أمور أخرى هي من صلب العقيدة الإسلامية ولا خلاف حولها

هناك قول للخليفة الرابع علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهة ) وهو من تربى في بيت النبوة وتابع نزول الدين منذ نعومة أظافرة وتزوج بنت نبي الأمة

يوصي بة ابن عمة عبد الله بن عباس عندما ارسلة للخوارج ( لا تحاججهم بالقران فأنة قلاب ذوة وجوه ) هذا القول يبين لنا احد أهم أسباب كثرة التفاسير

لان هناك دائما مجال للعقل البشري ليستنبط الإحكام وفق متغيرات الزمن وتطور الحياة ولو كان القران جامدا وغير قابل للتفسير فكيف كانت ستحل الكثير من المعضلات والأمور التي تظهر في حياة الأمة الإسلامية

والمسلمون مختلفون في إحكام وتشريعات وما استجد من أمور الحياة بعد وفاة الرسول (ص ) والرعيل الأول من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين

وهذا الاختلاف في التفسير والتأويل جاء من كون كل طائفة وفرقة ترى أنها على حق وتفسير الآيات المتشابهات بالذات حسب ما ترى

السنة لهم تفاسيرهم التي توافق طائفتهم وحتى الفرق التي خرجت من مذهبهم لها تفاسيرها وتأويلها

والشيعة كذلك لديهم كتبهم وتفاسيرهم مع تعدد فرقهم

أسالك كم فرقة مسيحية يوجد أليس كلهم يؤمنون بالإنجيل إذن أين الخلاف بلا شك قي تفسيره تاويلة

لماذا تعيبين ذلك على الإسلام ولا تعيبه على المسيحية واليهودية

لناخذ اديان غير سماوية مثل الهندوسية  كل فرقة منهم تقدس طوطم مختلف عن الفرقة الأخرى اليس كذلك اجيبي

الرسول ( ص ) لم يكن ليعلم الا ما يعلمهو  الله تعالى بوسطه الملك جبريل

ليس بالضرورة ان يكون الرسول علم بكل شئ سال ( ص ) عن كثير من الامور كان يجب عن بعضها والبعض الاخر كان لا يجب عنها حتى ياتية الخبر من السماء وهناك امور تركت لم يجب عنها لان الله تعالى اراد ذلك

ان الاختلاف في الراي وفي الفقة هو رحمة من رب العباد للعباد

لدينا ادلة تثبت ان اقران الكريم كتب زمن النبوة

ان الكتابة اهم وسيلة لحفظ الافطكار ونقل المعرفة من جيل الى جيل اخر

ولكن الكتابة كانت قليلة في بلاد العرب حين ظهر الاسلام فكان الكتاب في مدن الجزيرة العربية انذاك افرا معدودين

يقو البلاذري ( دخل الاسلام وفي قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب وفي يثرب عدد يكتبون وذكر منهم احد عشر رجلا ) البلاذري / فتح البلدان ص 477

كانت وسائل الكتابة في بلاد العرب بسيطة فالاقلام اعواد القصب والصحائف اكتاف الابل وعسب النخيل والحجارة الرقيقة وقطع الاديم ولعل الرق والرورق كانا نادري الوجود في الجزيرة العربية

كان ( ص ) اميا لم يمارس القراءة والبكتابة ولكنة اهتم بعد نزول القران علية بتدوينة ولم تمنع قلة الكتاب ولا وسائل الكتابة الصعبة من تحقيق تلك الغاية لكنة ( ص ) لم يتجة الى تعلم الكتابة بل استعان بجماعة من اصحابة ممن يتقن الكتابة لتدوين ما يتنزل علية من القران

وما يحتاج الية من كتابات فاتخذ عدد ا من الكتاب اختص جماعة منهم بكتابة القران كانوا يسمون كتاب الوحي

وقد ذكر بعض المؤرخين ان عدد هم بلغ 43 رجلا ومن اشهرهم عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وابي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاوية بن ابي سفيان

نصر الهوريتي /المطالع النصرية ص 13

ابن حجر / فتح الباري ج 9 ص 22

وكان زيد بن ثابت الزم الصحابة لكتابة الوحي في حياة الرسول (ص) لا سيما انة كان جارا لبيت الرسول ( ص) في المدينة فقد روي ابن ابي داؤد عن خارجة بن زيد انة قال دخل نفر على زيد بن ثابت فقالوا حدثنا بعض حديث رسول الله (ص )

فقال (( ماذا احدثكم كنت جار رسول الله ( ص ) فكان اذا نزل الوحي ارسل الي فكتب الوحي وكان ( ص ) كثيرا ما يقول ادعه لي زيدا وليجئ باللوح والدواة فيكتب لة الوحي ))

ابن عبد البر / الاستعاب ج 1 ص 68

ولا ريب في لان كتابة القران في المدينة كانت ايسر منها في مكة فالمسلمون في مكة قبل الهجرة كانوا قلة وكانوا بعانون من عنت المشركين واذاهم ومع ذلك جاءت روايات تاريخية تؤكد ان القران كان يكتب في مكة قبل الهجرة بامر النبي ( ص ) فقد كان عبد الله بن ابي السرح اول من كتب لة من قريش وورد في قصة اسلام عمر بن الخطاب ( رض ) ان اوائل سورة طة مكتوبة في رقعة في بيت فاطمة بنت الخطاب أخت عمر ولم تكن هذة الصحيفة الا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولة بين المسلمين في مكة يقرؤون فيها القران

وكتابة القران في حياة الرسول (ص ) لم تكن مسالة متروكة للصدفة وإنما كانت مقصودة وخاضعة للتوجيه النبوي الحكيم فلو لا حرص الرسول (ص ) على كتابة القران لما كان هناك ذلك الاهتمام الكبير بكتابته خاصة وان وسائل الكتابة كانت صعبة لا تساعد على كتابة النصوص الطويلة

ابن سعد / الطبقات الكبرى

وابن هشام / السيرة النبوية

فكان (ص ) إذا نزل علية الشئ من القران دعا بعض من كان يكتب لة فيقول ضعوا هذه الآيات غي السورة التي يعينها لهم

كانت كتابة القران تخضع للمراجعة والتدقيق حتى لا يتطرق احتمال الخطأ او النقصان الى كتاب الله

فقد روي عن زيد بن ثابت أنة قال ( كنت اكتب الوحي عن رسول الله ( ص ) وهو يملي علي فإذا فرغت قال إقراء فإقراء ة فان كان فيه سقط إقامة ثم اخرج بة إلى الناس )

وعن زيد أيضا  روي أنة قال ( كنا حول رسول الله (ص ) نؤلف القران من الرقاع )

وكان ( ص ) قد نهى في أول عهد الإسلام عن كتابة شئ من كلامه غير القران خشية اختلاطه بالقران

وقال ( ً ص ) (( لا تكتبوا عني شيئا سوى القران فمن كتب علي غير القران فليمحه ))

وقال (ص ) (( لا تكتبوا القران إلا في شئ طاهر ))

ونهى ان يسافر بالقران إلى ارض العدو خشية ان ينالوا

الخطيب البغدادي / تقيد العلم ص 39

وقد ظل القران يكتب في حياة الرسول (ص ) على القطع المتفرقة دون ان يجمع ويكتب على الصورة التي نجدها للمصحف اليوم

روى الطبري في تفسيره ان محمد بن شهاب الزهري قال (( قبض النبي (ص ) ولم يكن القران جمع في شئ وانملا كان في الكرانيف والعسب ) جامع البيان

الكرابيف والعسب / هى أصول سعف النخيل

وقد نص ابن حجر والقسطلاني على ان القران كان كلة قد كتب في عهد الرسول ( ص ) في الصحف والألواح والعصب ولكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور وإنما لم يجمع القران في مصحف  منظم في حياة الرسول (ص ) لان القران كان ينزل مفرقا ولان السورة ربما نزل بعضها ثم تأخر نزول تتمتها فكان القران يكتب على القطع حتى توفى رسول الله (ص )

وترتيب الآيات في السور قال عنة السيوطي (0 الإجماع والنصوص المترادفة على ان ترتيب الآيات توقيفي ولا شبهة في ذلك وإنما الإجماع فنقلة غير واحد منهم الرزكشي في البرهان وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته وعبارته ( ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه (ص ) وإمرة من غير خلاف في هذا بين المسلمين )

اقتنعت ام لم تقتنع السيدة وفاء سلطان

بذلك فهي شئ متروك لها ولكن عندما نعلق على كتاباتها ونشرح الادلة فليس من اجل ان نقنع السيدة وفاء

ولكن من اجل القارئ والمطلع والمتابع لما ينشر

لان هناك الملايين لا يعرفون ذلك والسيدة الكاتبة وأقولها بصراحة صاحبة حجة قوية وقلم مقنع وتستطيع ان تؤثر بالبسطاء الذين لا يعرفون شئ عن الإسلام وحتى المسلمين الذين لا يعرفون الشئ الكثير عن دينهم

وللحديث بقية ان شاء الله

علي الطائي

14/10/2007
























View alihseen's Full Portfolio