من ذاكرة ايام البؤس والموت
سلف الجذي
منطقة نائية تقع وسط الطريق الرابط بين مدينتين
القصب والبردي وماء الهور منظر يبعث على الهدوء والسكينة اذا كان تواجدك فيهم برغبة اما اذا كان بالاكراة فيبعث على الاسى والكأبة
تقدم اللواء بافواجة الثلاث وعجلاتة المدرعة وسط تلك الارض القاحلة والتي تم تجفيف جزء منها حيث كانت تغمرها المياة
هدفة الوصول الى (سلف الجذي ) منطقة وسط الهور الشاسع فيها مقاتلون تمرسوا على العيش وسط تلك المناطق لا يهابون الموت لديهم هدف وقضية يقاتلون من اجلهما
الجنود خليط من مناطق مختلفة اجبروا على الالتحاق بالجيش للمشاركة في الحروب العبثية للنظام
لا معنويات لديهم كل ما يحكمهم هو الخوف من بطش النظام وقوانينة الصارمة
بعدما استقرت تلك الوحدات في مواقعها جاءت معدات هندسية (شفلات و بلدوزرات وسيارات نقل )الهدف هو عمل طريق وسط الهور ينتهي بحرف تي بالانكليزية لغرض قصف الهدف المراد اقتحامة
بعد ايام بدء الجنود يحسون بالملل والقرف من الوضع المزري الماء المالح ياخذ من الهور ليعد طعامهم وشرابهم منة
وسط الصيف الاهب اصبح النوم ليلا شبة مستحيل بوجود (البق ) الذي يعمل على محاربة الجنود ليلا في دورة لا تنتهي
بد العدو @ بالتلاعب بالقوات العسكرية حيث اخذ يبعث اشارات ضوئية ليلا ما اربك القوات ويجعلها توجة نيران مدافعها بشكل عشوائي باتجاة الهور الشاسع والمظلم بل وصل الامر حد المنادة على بعض الجنود بالاسم وحثهم على عدم القتال بواسطة مكبرات الصوت مما كان يسبب الارباك مع تقدم العمل الهندسي على الارض اخذ المتحصنين وسط الهور باستخدام الرصاص والنار لمنع العمل الى درجة انة اصبح من المستحيل ان تتقدم البلدوزرات ولو متر واحد
وفي احد الايام من شدة الهجوم اندفع البلدوزر المسرف من السدة الترابية ليغوص وسط مياة الهور اخذوا يطلقون مدافع 57 ضد الطائرات باتجاة المروحيات التي تقوم باستطلاع المنطقة
اكثر من اربعة اشهر انقضت والجنود تتمزق احشائهم من شرب ماء الهور المالح والحار واكل الصمون غير الناضج والذي لا يصل الا بعد يوم كامل ويكون يابسا
الى جانب الموت والرصاص الذي ينهمر باتجاههم باي لحظة من نين القصب والبردي ولا يعرف مصدرة
الخوف وحدة كان يدفع الجنود للعودة للوحدة بعد كل اجازة
الخوف من المجهول الغامض الذي ينتظر الهارب من الجيش قطع الاذن وحجب مفردات الحصة التمونية عنة وعن عائلتة والسجن الذي يعجز القلم عن وصفة في زمن الطغاة
رغم كل هذا كانوا صامتين ينتظرون الفرج من الله العلي القدير ولكن ما كان يثير فيهم الاسى محاولة البعض استغفالهم والضحك على الذقون
جاء امين سر الفرقة الحزبية للبعث
ليلتقي الجنود ويحثهم على القتال والصمود وينقل لهم تحيات وسلام القائد الضرورة
وليقلل من قوة المتحصنين وسط الهور وانهم على حد قولة (اربعة مخربطين )
علينا قتلهم وتطهير البلد من هؤلاء الخونة
كلام كلة حقد واستهزاء بالسامعين لانهم يعرفون انة يكذب عليهم ولكن كيف ومن يستطيع ان يقول لة ذلك اخذت الامراض وخصوصا التهاب الامعاء تنتشر بينهم وبسبب قلة الادوية المتوفرة كان يجب ارسالهم الى اقرب مستشفى عسكري وصل الامر لدرجة ان الامرين الضباط اخذوا يرفضون ارسال جنودهم الى المستشفى وذلك للحفاظ على القوة القتالية لوحداتهم
بعد ان تزايد اعداد غير الملتحقين من الاجازات وبدء يزداد اعداد الهاربين من ذلك الجحيم
تقرر ان لا تمنح الاجازات الا عند اكتمال التحاق المجازين وهذا نوع مبطن وغير معلن من وقف الاجازات يستعملة القادة عند ما يريدون منع الاجازات بشكل غير رسمي
مضى على البعض اكثر من ثلاثون يوم بدون اجازة مع قلة الماء وعدم الاستحمام في ذلك الصيف الاهب حيث رياح السموم التي تلفح الوجوة بحرارتها
في تلك الفترة كان الضباط كل عدة ايام ينزل واحد او اكثر منهم الى المدينة لغرض الاغتسال والراحة والعودة بعد يوم كما كان يجلب لهم ماء من المدينة لغرض الشرب واعداد طعامهم منة
تحت ضغط الرصاص المنهمر من وسط الهور متخفيا بين القصب والبردي وتردي المعنويات للجنود
وعدم امكانية اكمال عمل الهندسة العسكرية تقرر ان يتم الهجوم لدخول (سلف الجذي )
ولغرض ولمحاولة رفع المعنويات او الضحك على الذقون اخذ مسوؤلي الحزب يتوافدون على المنطقة لالقاء المحاضرات على الحنود والتقليل من قيمة العدو
وحثهم على القتال والصمود\ وان العدو ليس اكثر من مجموعة (مخربطين )
علينا قتالهم
هنا اخذ بعض الجنود يتندرون على ذلك بوصفهم ان العدو (اعرج واعور واخرس واطرش ) اذا كان هذا فعلهم ولواء مشاة الي كامل يتقدم لقتالهم فماذا لو كانوا اصحاء وليس مخربطين
في مرة تجرء احدهم وقال لمسوؤل الحزب انهم متحصنون بشكل جيد ولا نعرف من اين ينهمر علينا الرصاص وانهم اناس مستميتون كان ذلك بعد عصر احد الايام الملتهبة من ايام اب ولا يمكن ان يستسلموا الينا هنا سألة المسؤول
لماذا ذقنك غير حليق مع تلك النزظرة التي تقطر سماأ
اجابة الجندي انة مصاب بحساسية الوجة وقد منح اعفاء من حلاقة الذقن لمدة اسبوع من طبابة الوحدة
لم يكن الجندي كاذبا في قولة ذلك
ولكن الذي اعطى لة الاعفاء هو نفسة فهو مضمد الوحدة
لم يقول امرة شئ فقد ظل صامتا يستمع للحوار بين المسؤول والجندي الذي كان قد طفح الكيل بة من شدة الوضع المزري فقد مضى على عدم منحة اجازة اكثر من 45 يوما ولم يغتسل منذ وقد لا يعرفة وتقطعت امعائة من الماء المالح للهور
الهور كم جميل منظر الماء فية وهو يعكس اشعة الشمس ومنظر النباتات المائية الملونة والاسماك التي تعنبر الاكل الرئيسي والمفضل لسكنة المنطقة
تلك الاجواء الرائعة وانت تجدف بالمشحوف @ ويتهادى بك بين ممرات القصب والبردي واصوات الطيور يالة من منظر رومانسي ولكن في تلك الايام كان لة طعم العلقم في تلك الظروف من البؤس والشقاء والموت الذي ينتظر الواحد فيهم باي لحظة
غادر المسؤول المنطقة دون ان يقول شئ سالة الجندي كيف قالت ذلك امامة
قال لا اعرف كيف حدث ذلك كنت متعبا وقد ازعجنا بكذبة علينا كأننا بهائم لا تفهم او تعرف او ترى ونسمع ما يحدث هنا مضى علينا اشهر هنا وهو ياتي الينا لدقائق ويذهب الى مقرة حيث النظافة والتبريد والاكل النظيف والجيد ونحن هنا ياكلنا (الحرمس ) والوسخ والموت
في صبيحة اليوم التالي وعندما كان الجنود منتشرين على الساتر الترابي المقام على حافة الهور جاء ذلك المسؤول البعثي لزيارة المنطقة مرة اخري
كان هدفة هو ذلك الجندي ال1ذي حادثة امس
اخذ يتفقد الجنود والمكان حتى عثر علية بين رفاقة ممتشقا بندقيتة كباقي رفاقة التعساء
سألة كيف حالك اليوم
اجابة الجندي
انة بخير
قال لة مازالت على افكارك لم يجب بشئ بقى صامتا
عندما غادر المسؤول لم يكن من امرة سوى ان منحة اجازة قالا لة ( روح اكفيني شرك )
لم تكن الاجازة محبتا بالجندي بل خوفا من ان يتعرض للاذى بسببة
عندما عاد من اجازتة كان الوضع اكثر سؤءا
تم جلب زوار مع محركات جديدة لغرض القيام بالهجوم تحدد يوم التنفيذ تم تقدم مقر اللواء الى احد الافواج بينما تحرك مقر الفرقة الى مقر اللواء على الشارع العام
فجرا كان الجميع قد استعدوا يحملون صفوف الرصاص على صدورهم مع رمانات يدوية
واسلحتهم معلقة على الاكتاف وعلى رؤوسهم الخوذ
كان هناك نائب عريف امر احدى الحضائر كانت احدى الحروب العبثية قد اخذت اثنان من اخوتة الى الاخرة في ذلك اليوم كان من المفروض ان يمنح اجازة زواج فقد توقف الفرح عن الدخول الى عائلتة وارادوا ان تفرح بتزويج اخر ما تبقى لها من الابناء
كان عقد زواجة في جيب بدلتة الايمن يحلم ان تزف الية عروسة
طلب منة امرة ان بكون على راس احد الزوارق ليقود مجموعتة حاول ان يرفض ذلك بحجة انة سوف يمنح اجازة زواج ولا يريد ام يشارك بالمعركة
كان متشائما رفض امرة ذلك متذرعا بان وجودة سوف يرفع من معنويات مجموعتة
بدء الهجوم وانطلقت الزوارق تمخر عباب الماء مخترقا ممرات القصب والبردي مرت دقائق وبدء يسمع اصوات الرصاص وبعدها سمع اطلاق رشقات رصاص من الطائرات العمودية التي تسمى الغزال
ثم بدء يسمع عبر جهاز اللاسلكي التعليمات التي تصدر من الطائرة ومقر الفرقة شوهد ارتفاع عمود دخان من المنطقة المهاجمة سمع عبر موجات الجهاز ان الهدف اصيب بعدها تبين ان الدخان ناتج عن احتراق اكوام من التبن
اخذ الرصاص يسمع صوتة كأنة زخات مطر في ليالي شباط
شوهد من بعيد نقاط سوداء تتقدم باتجاة موقع القوات اخذ احد هم منظارا مكبراّ ليرى من القادم بصورة هستيرية هتف ان العوائل قادمة الينا لتسلم نفسها
كان احد الجنود بالقرب منة اخذ المنظار وتمعن بالقادم فأذا هم الجنود الذين تقدموا بالزوارق يعودون سباحتاّ بلا سلاح او زوارق ماذا حدث اصيب الاخرون بالصدمة لا احد يعرف كيف حدث هذا مع وصول الجنود وفيهم جرحى اخذت الصورة تتوضح فياهول وبشاعة
ذلككان العدو ولانة يعرف المنطقة بشكل جيد قد غير ممرات الماء
التي تستطيع الزوارق التقدم فيها مما جعل محركاتها تتوقف عن العمل
بسبب الحشائش المائية والقصب وعندما بدءات الزوارق تنفح على الماء باتجاة الهدف المراد الهجوم علية قام المدافعون عنة بتوجية نيرانهم الى الزوارق مما جعلها تغرق وضاعت الاسلحة والمعدات وقتل عدد كبير من الجنود واصيب عدد اخر ولو لا وجود النجادات والطوافات لقضى الكل غرقاّ احد امري الافواج وصل الى حافة (السلف ) ولكنة انسحب فلم يجد احداّ معة سوى من في زورقة وكاد يفقد حياتة عندما تم استدعائة الى العاصمة لتحقيق معة حول انسحابة من المعركة وبشكل تفصيلي ما حدث والعناية الالهة هى التي انمقذت راسة من الاعدام بتهمة التخاذل
بعد ساعات على فشل الهجوم صدرت الاوامر بالانسحاب انسحبت الوحدات تبكي رفاقها الذين ذهبوا ضحايا في لمح البصر لتعود الى مواقعها على اطراف المدينة
كان من بين الضحايا الذيتن فقدوا حياتهم في تلك اللحظات نائب العريف الذي كان يحلم ان تزف الية عروسة فاذا بة يزف اليها جثة هامدة قد كان محظوظا لان مجموعتة ابت العودة دون ان تعيد جثتة
فبعض الضحايا لم يتمكن احد من اخلائهم فاصبحوا طعاما دسماّ للاسماك هكذا انتهت معركة (سلف الجذي ) ليقرر الصنم اعتبار كل الاسلحة والمعدات خسائر حربية بعدما كلان احد القادة اراد ان يشكل مجالس تحقيقية بحق كل من فقد سلاحة او احدى المعدات
في وقتها تم صرف مبالغ نقدية للقتلى والجرحى فقد تعود الصنم على ان يدفع الاموال لاهالي الضحايا ولكن اتعيد الاموال الابن او الزوج او الاخ الذي فقد حياتة بسبب الفطرسة والعنجهية
او هل تعوض المعوق عن ما فقدة من جسدة
عاد الجنود الى مقراتهم الخلفية ينتظرون ما سوف يخبئة لهم من معارك القائد الضرورة العبثية
هوامش
@ العدو –هم الموجودون داخل سلف الجذي وذكرتها هكذا للسياق
@زوارق يستعملها سكان اهوار العراق
علي الطائي
3/9/2005
View alihseen's Full Portfolio