النص الحديث علم العلوم ومنه يجتــاف العصر
بقلم
محمد الاحمد
1
يحكى انه قال العتابي فيما مضى:
(البلاغة إظهار ما غمض من الحق، وتصوير الباطل في صورة الحق)
وذكر لنا الجاحظ عن أعرابي انه قال: (من التوقي ترك الإفراط في التوقي!)
2
ما من أديب منا- إلا وقد غطته التراكيب المتواشجة بالأساطير، والخزعبلات وأقصته بعيدا عن المعالم الحضرية المتناثرة على وجوه الحقيقة المريعة..
كلما تصورنا ان نواجه الكلمات الأكثر سلطة من الصمت، الأكثر حيوية من النص، إلا وغرقنا في تفاصيل موقودة بالمحرم، بالممنوع..
لكم تصورنا ان عالم الكلمة اليوم وغدا سيكون من قاعدة ثابتة.. ضمن ما يكون التحديث العصري المواكب لانزياح المعلومة الغيبيّة بمعلومة ذات أصل، وكيان!
لكننا لم نـر سوى انكسار آخر ضمن المعنى. انكسار لم يعني الانحراف عن القصد، فحسب. قد يؤلف معنى جديدا/ يكتسب ثباتا آخر.
كيف تثبت تلك الحيثيات بين المعاني وتخرج صارخة بوجه المتلقي العارف/ العليم.. صماء اكثر عفوية وأوغل معنى…؟
ان ذلك الصدق المعنون، المسمى لا يكون إلا احترافا قدريا يكتبه المرء دون ان يستند على دوغماجية بالية أكلتها العثة.. دون ان يتحرر من الفراغات العفوية بين العهد القديم/ الجديد، والهفوات الجوفية غير المقنعة.. اقتدارا تكون الكلمات المستندة على معرفية عريضة، فمن أين يأتي بكل تلك الإرادة صانعها، وناحتها بأبشع الأزاميل الطاهرة…
نكون في لحظة عفوية قد امسكنا المعنى المفترض بين التلافيف، نكون قد صادرنا الاعتباطي الغيبي المجوف، واللا توجه فنقف حائرين ضائعين بين حدود النص في الذهن، وبين إدراك مغزاه على امتداد المقصود..
ما نكتبه الآن يصبح بعد حين، بعد جفاف الحبر شيئا باليا، رغبتنا بالتمزيق اكبر من رغبتنا بان يبقى، وان يقرا.. وما ان يقرأ بعد حين يكون ثاويا في مجد الذهن يطاردنا ككابوس متسلط متنفذ على آلية ما نكون به، ومازوشيا على حيوية ما نعرف…
ان الكتابة قد تطوف حروفا متناثرة بين جزئيات الكتاب، مؤثرين ان نجمع الدم، والموقف فلا نحيد عن عزمنا اللبيب إلا بالكتابة المتفجرة كالدم الخارج نزفا من جرح عميق..
3
الكتابة فن الهي متسلط يطمس منا مناوراتنا في العيش. يحاول ان يبوح، ولا يقدر ذلك الإنسان الذي يمتهن الكتابة في أعماقنا، أنه يمتهن غربة المعاني والاشتقاقات المتناصة اكثر من الذي يرغب بحرية عبثية الكتابة.. فما من شيء ألذ واطهر من النص الذي يطوف الدم به (داخل الجسد) وما من شيء اقهر منه عندما نجمع الظروف كلها في انتظار الهطول السريع والمرير على مساحة الوردة / تلك الورقة الفاضحة!!.
نسعى الى داخلها، بتمكن حريتنا المفترضة، نباغتها معلنين عن تمرد خاص يساوي كل التمردات الآنية لفعل الإبداع..
4
النص في تركيبه متحرر من التفيقه، ومن التفتيت لكنه مربوط إلى عمق رتابة لغة أخرى لا نفهم منها/ لا نحوي من مصطلحاتها- إلا حرية أخرى في قراءة جدية جديدة بكتب التراث %