إنفلات زمن

انفـلات زمن



1

في الليل يحدث الهوس ذاته.. يتفجر الجوع المؤرق. أحاول النوم فلا أستطيع، فأدّلج إلى ممرات مشوقة مغلقاً أرقي…



2

تابعتها من زقاق إلى آخر.. حتى دخلت أحد البيوتات الصغيرة في حي شبه مهجور... لم تضحك لي فتاة بمثل ضحكتها، فصرت ناعماً إلى هديل ضحكتها الحلوة مرتجياً هنائي، منتظراً لها كل ليلي …



3

   ألم توسط بطني كأن أمعائي يلفها محور يدور بسرعة بليغة، ويشدها بقوة غريبة.. جمر يسعر بنار تمور.

الظلام دامس جداً.. لا ضوء لأرى، أمدّ يدي باتجاه مفتاح الضوء.. يصدر صوتاً، ولا يأتي الضوء. الألم يشتد أكثر، بطني تكبر يخيفني هاجس انفجارها. ثمة جفاف في حلقي – حاجتي للماء تكبر. الألم يشتد والنار من الداخل تنفثْ لهيباً حاراً يخرج مع زفيري. أحاول الحركة فلا يستجيب لها جسدي .

يخجلني الموقف.. بطني متكورة، يعاودني الشك بأني تحولت إلى أمرأة.. مثلما تحول  "كري كوري " إلى صرصار.

يداي وحدهما حرة الحركة ألمس صدري، ولا أجد أثراً لشكي! الشيء في داخلي يتحرك هوجا. الألم الهائل يدفعني إلى صرخة أخرى.. يتصاعد من البعيد صوت صراخ طفل.

لو أستطيع الضحك.. أيّ لعنة، وأيّ ألم ؟.. لعله قادم من أحشائي؟ أيكون المتحرك جنيناً؟  من يكون والده، يا ترى؟ أو أكون مثل الآلهة " آتوم " أو مثل تلك؟..

فمن يصدقني بعد الفضــيحة يا ترى ؟

يا لوجعي ؟!.



4

تابعت الدروب المؤدية إليها. حاولت لقياها، فوجدت الدروب كلها تأخذني إليها، ولا ألقاها…



5

تساءلت مع نفسي من يكون هذا الزائر الغريب. أتذكر من ليلة البارحة بأني ما فتحت الباب لطارق.. حدقت في ملامحه وجهه.. تقاطيع وجهه تطابق تقاطيع وجهي. حاولت تلمس جسدي، كأني بقيت بلا جسد فوق سريري، وأفلت مني جسدي!. لا ادري.. أليس مرضاً نفسياً– انفصاما. لست أدري ؟..

قلت له:

- ( من أنت ؟)

كأنه لم يسمعني. حركت عيوني في الاتجاهات كلها، وحركها هو مثلي.. تحرك صوب الثلاجة فتح قنينة ماء، وشرب بعد أن شعرت أنا بالعطش .

من أين جاء، وماذا يريد ؟

رغبت في أزاحه ستارة النافذة ليتسلل الضوء، فتحرك تلقائياً إلى النافذة، وأزاح الستار. الحيرة تملؤني. جسدي سليم ولم يفارقني أبدا. اليدان ذاتهما، الساعة البلاستيكية في معصمي ما زالت تعمل بانتظام، القدمان بهما نفس الجوارب اللذان أخذتهما من حاجيات أبي.

يا للمفارقة، قسماتي ذاتها.. طولي، لون بشرتي حتى قميص النوم ذاته كأني أمام مرآة، وتمردت عليّ صورتي !!.

هل أنا في حلم؟ أم مرض ؟..

يا لوجعي …

6

وقفت عساني أن أستدل على مستقر..



7

تقلبت على جنبي حائراً، هل أنجبت  نظيري ؟

أحاول  النهوض و لا أستطيع .. ربما سيجيء أبي، ويراه في بيته.. سيفرح دون شك، بعد أن يطردني متخلصاً من متاعبي له!.

- يا لوجعي …



8

أراك كما الشهب المشتعلة في السماء المفتوحة، ومضاً على قلبي تأخذيني كالخطف مأسوراً بطلع شامخ بين لجّ الخيال، والمتاعب. خضم كلامٍ صامت.. أتحرق إلى جدية المعنى وعبثه.. نسغ إلى ورقتي  الذابلة ؟



9

علّي التخلص من وجوده !



10

أسيلة الوجه بقامتها الهيفاء. مدّت لي يدها قبل أن تدعني الدخول إلى غرفتها الكابية بضوء شحيح اخترقها من ستارة ملطخة ببقع صفر مقرفه، رائحة غريبة تطوف في فضاء الغرفة الفارغة إلا من بساط  إسفنجي بقع …

كانت عيناي تجول في عينها الحلوتين، شعرها مصفوف بلمعة اخترقت الألوان الضحلة، وانتشرت في سحرية. وددت لو أقبلها على صفحة شفتيها الطافحتين بالشبق الشهواني عند زاوية الغرفة في غمرة الضوء الشحيح، رميت قميصي فوق ثوبها، وسروالي .



11

خرجتُ ناكصاً بذلّ التشفي ..

12

من شيء إلى آخر.. من حلم إلى آخر وجدتني أغفو مستسلماً لنومة غير هانئة مقضضّة بالكوابيس، والأوهام؟!.

Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: