زمن الكليلة





زمن الكليلة



اللونُ الحادُ جَذبَه، وحلّقه مغتنما  لفرصة عزتَّ عليه أن لا يُضيّعها بعدما غفلت عنهُ، وهو يتقافز حولها تارة على يمينها، وأخرى على شمالها، مثلما لو كانت تراقبه بعينين حريصتين، (فربما يسرقوه..  مثلما سرقوا ابن  جارتها قبل أسابيع ثلاثة، ضغطوا عليها أكثر من مرة لأجل بيعه إليهم، أو إيجاره. لكنها رفضت ذلك بكل ما لدى الأم من قناعة، نحو ولدها الوحيد).. تتركه يلعب حولها مثل فراشة مزهوة يتنقل من هنا إلى هناك، دون أن تغفل عن صوته، ولا تتركه يذهب بعيداً، وهو يراقب الناس التي تضع قطعاً نقدية على عباءتها المفروشة أمامها. كانت تتحمل أشعة الشمس اللاهثة في النهار، و في الليل يقودها إلى مكمنها الذي تنام وإياه، و في لحظة افتقدته أناء غياب صوته عن مسمعها..أوشكت أن تصرخ بأعلى صوتها عليه، لكنه عاد سريعاً يغر غر فرحاً، ويمسك قلماً التقطهُ من مكان قريب، وراح يخط على الجدران المحيطة بمكان جلستها، كان جذلاً بالذي يرسمه على ورق علب السجائر، أشياء لم يكن يعرفها كأنها تخرج من بين أصابعه،وتبهره، عالم جديد يُشكله من خطوط بسيطة، و يقربه الى عينيه كأنه ينحشر في تلك العوالم المتداخلة.. ثلاثة خطوط، تتقاطع، اثنان منها مع  الاول، يتكون زورق، و الثاني أمتدَّ  مثل نهر ممدود إلى حدود غير منتهية. عالمٌ فيه براءة صافية أصفى مما يحيط به، دخل متوغلاً في جزيئاته المتداخلة، عازماً على عدم إدخال أي أحد ماعدا أمه إلى ذلك الكون البديع، وخصوصاً ذلك الوجه الكريه ذي الشاربين الحادين الذي يأتيها، و يغلق الباب، و لا  يتركها، إلا باكية تلعن حظها.










Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: