الرد على عمود كتبه الزميل اديب ابو نوار

انهُ التدني في السلوك... حقاً

(إن أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل من اعدل دكتاتور)

(حق الرد على عمود الكاتب (أديب أبو نوار) الذي نشر في العدد 33 من جريدة البرلمان الغراء )

بقلم: محمد الأحمد

التدني في السلوك كان موضوعا جميلا قد كتبه زميل لي في جريدة هو يدير سكرتارية تحريرها، وله الحق أن يقول ما يريد قوله عندما لا يجد إلا ما تتسع أمامه الأعمدة للنشر، وكان ناجحا لو استطاع تحويل الخاص إلى عام، ولكان قد اظهر مهارة واقتدار لو عبر عن مخاوفه الأخلاقية منطلقا من معاناته اليومية، ولما وجده القارئ قد وقع (هو) قبل غيره، في مطبّ التدني من بعد أن أشار لي أمام جمع من الأدباء بأنه يقصدني كليا في عموده، وكان معه الحق لأنني قد دخلت (الفخ المخطط له سلفاً) عندما جاءني مدير تحرير جريدة (البرلمان) معلنا لي بان رئيس التحرير قد اختارني محررا للصفحة الأخيرة من بعد أن هاجر محررها السابق إلى خارج البلد، وقلت له بالحرف الواحد، (ينبغي عدم تكرار ما يجيء بالصحف.. بذلك تضمن زيادة في بيع الجريدة) وكان عمودي الذي كتبته لتلك الصفحة يحمل الكلام (بان اغلب الصحف العراقية والعربية متشابهة وتقليدية، وان أي تغير في شكلها الرتيب سوف يحقق زيادة في مبيعاتها)، فألفته قد خرج عن سياق ما يعرفه عني، بمثل الذي يُحمّل الشخصية أكثر مما تَحمِل، فالكاتب (أديب أبو نوار) اعرفه قبل أكثر من عشرين سنة خلت، اعرفه معرفة راحة اليد، قبل أن يكون كاتبا، منذ رايته ممثلا مسرحيا ، وقبل أن يُسَوِّقْ نفسه مهتما بالشعر وكتابته، ويومها أهداني نسخة من محاولته لكتابة قصيدة النثر، وكان من التزامي بأن اكتب عن أي كتاب يصدره أي كاتب من مدينتي (بعقوبة) الغراء، فكتبت عن جهده الصغير تقيما خالصا للشعر، ونشر أيامها في أكثر من منبر، حينها قال لي ما معناه (لم يفهم من كتابتي عنه شيئا) وفهمت بأنني لم ارض له نرجسيته، من بعد ظن انه قد فتح فتحا عظيما وأنا لم اقدره له، وبعد فترة وجيزة، أيامها، حدثت الطامة الكبرى التي لم استطع السكوت عنها أبدا، عندما وجدت مصادفة إحدى قصائده له منشورة في إحدى نشرات اتحاد الأدباء البعقوبيين، واكتشفت بأنها منحولة (منسوبة له وهي لغيره) أي مسروقة وليست له، وهو لم يقم بها أي جهد من جهوده الشعرية التي كان يدعي بها آنذاك، حيث كانت بالكامل منسوخة عن ترنيمة لكاهن ذكره (ول ديوارنت) في كتابه الشهير قصة (الحضارة)، فكتبت عن ذلك الموضوع عمودا فيه مقارنة دقيقة عن ما نحلهُ الناحل، ونشرته في جريدة اسمها (الاتحاد) وكانت تصدر عن اتحاد الصناعات، ومنذ يومها عرفت صاحبي بأنه ابتعد كل البعد عن الشعر، ولم يستطع أن يكتب سطرا شعريا واحدا، و قد هجر الشعر إلى غير رجعة، ولأنه ما عاد يُثقْ بما يقدمه للشعر، وقد أبحر صوب الصحافة  ووجد فيها ما لا يجده في غيرها، على الرغم من انه لم يحمل مؤهلا دراسيا في الإعلام، ففهم من مزاولة كتابة العمود بـالمهاجمة كما يبدو،لا أن يقرا الأعمدة التي يكتبها الأساتذة الكبار، فلم يتعلم منهم شيئا رغم أنهم بموضوعيتهم يميزون هذا المنشور عن ذلك، حيث مسَّ في الصميم جزءا حيويا من قضية جوهرية مفادها سؤالا متواصلا متى نرتقي بأخلاقنا المهنية عبر عموده (من ألوان الطيف) ويريد به الحضور ليس أكثر، فلم يجد موضوعا حقيقيا يسلط الضوء عليه، سوى هجومه على احد زملائه المقربين، فوا (أسفاً). فسمات العمود الجيد (كما درسنا) أن يحوي وفرة من المعلومات في مادة ما، ويجيد الكاتب تحريكها ليتبنى موقفا واضحا من قضية تشغل بال العامة، أكثر مما تشغل الخاصة، ولم تكن كتبت، لاستمالة شخص على حساب جمهور القراء، أو تهجو بقصد شخصا معينا، والنيل منه بكل صورة. فأي كتابة يكون غرضها النيل من شخص ما، تغرق في الخصوصية، وهي بالتأكيد لا تصلح كعمود منبري خاص يشتم به الكاتب من يريد شتمه، لان شتيمته ستكون باسم الجريدة وكل كادرها، واعذر الرجل لأنه لم يكن دارسا، ولو سبق أن مرت عليه أبجدياته الأول لعرف أن يشير، ولا أن يقع في فخ الفضيحة والتشهير(كما جاء في العمود)، وكم من موضوع نراه بأم أعيننا، ولا نكتبه إلا بعد أن نتأكد تمام التأكد حتى نأتي فنكتبه، كيف يمكننا أن نسمع في المقهى أو الطريق أو في السوق ونتبنى ما رأينا، ألا يجدر بنا أن نتحقق مما سمعناه عابرا، أن لا يكون لنا فيه رأيا مباشرا، فعلم الإعلام، يؤكد على استقلاليتنا كإعلاميين محايدين قبل أن نكشف عن وجهة النظر التي يريدها من نعمل لديه، أو من استخدمنا لأجل أن نقول القول الذي يريد، وليس القول الذي نريد، فما من جهة في عالم الإعلام إلا وتدعي البراءة، وتسجل باسم هذا القائل أو غيره قولا يفيد سياستها، أو الجهة التي تموّلها في حربها الباردة على تلك القضية أو غيرها. و بؤس الصحيفة أي كانت عندما يحرر المحرر فيها أكثر من صفحة (الصفحة الثقافية، وغيرها) ويكتب فيها أكثر من مقال، وينشر لنفسه أكثر من مادة، مستحوذا عليها مفترضا لا احد يستحقها غيره مع مدير التحرير، والأدهى المر بان (سكرتير التحرير) ينشر المادة في أكثر من جريدة غيرها، لاغيا خصوصية الجريدة التي يعمل بها، و من الجدير بالذكر بان هذا الزميل كاتب العمود قد انهار بانهيار النظام السابق، وبقي حبيس داره، رأسماله البكاء والنحيب على من رحلوا، ومن بعد أن طرد من كل مكان إعلامي أراد العمل فيه، وقد كنت أول من مدّ له يد العون لأجل أن يقف على رجليه كنت أول من ينشر له في جريدة (السفير) عندما كنت أحرر صفحتها الثقافية، وأضأت إليه الطريق بان يتواصل عبر البريد الإلكتروني، فعملت له بريدا خاصا به وأكثر من مرة، في الوقت الذي لا يحسن استعمال الحاسبة (ولم يزل)، وراسلت له كل من اعرف حتى يقف وينهض من كبوته التي طاحت به، وتدريجيا مع مساعدة الخيرين عاد إلى العمل بهمة ونشاط، ولكنه فاجئني (بخنجره المسموم) عندما كتب باني لا أحسن صياغة جملة واحدة ، وان نتاجي يصلح لبريد القراء ، فكل كلمة كتبها بتجاهل اسمي بغية أن يعزلني عن عمل لم أكن أريده أصلا (محرر أخيرة، أو رئاسة تحريرها)، لا اليوم، ولا غدا، ولا يفوتني أن اذكر بأنه ما من مرة ظهرت لي مقالة أو دراسة أو قصة إلا وحرص على إخباري بها يوميا، الم يكن بذلك اعترافا باسمي يناقض ما جاء بعموده أليس التجاهل دليلا على التدني متذكرا كيف كانت علاقة (ساليري) مع الموسيقار (موزارت).

وبالرغم من إني لم ولن أزاحم أحدا منهما أو غيرهم، ولكنهما (السكرتير والمدير ) افتعلا هذه القضية ليقولا (قد سلمناه الصفحة الأخيرة، ولم يكن كفئاً في عمله). وبذلك العمود (المتظاهر بالنبل) أرادا يكملا خطتهما، و قد ضمنا أنه سوف لن يزاحمهم من يستحق، فأقول ما قاله الشاعر (الماغوط) ذات مرة (إن أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل من اعدل دكتاتور ).





Monday, September 12, 2005

View alahmed's Full Portfolio
tags: