هو حاصل تفاعل العاطفة الانسانية والتجربة المادية والخبرة الأدبية، مع اللغة وانتظام ألفاظها ضمن نمط أو بحر موسيقى معين تختاره فطرة الشاعر وتجربته وخبرته ليوافق تدفق عواطفه ونوع تجربته ويحتوي على هيئة متكاملة لفكرة أو معنى أو صورة يوصلان ما يريد الشاعر قوله كاملا واضحا ذا دلالة غير متعددة الاحتمالات، وهو مكون من شطرين يسمى أولهما بالصدر وتاليه بالعجز، متزنان متوازيان يتقاسمان ثقل البيت وتوازنه مثل كفي الميزان، يبدأ وينتهي بابتداء البحر الموسيقي وانتهاء موسيقاه، ونهاية البيت الشعري هي ما يسمى بالقافية والروي.
البيت الشعري انتقال الفكرة من رأس الشاعر وتجسيد لعاطفته على شكل كلمات ذات مدلول ومعنى وايقاع ووزن، وهو ابتداء التجربة الشعرية، وإن كان البيت الوحيد الواحد غير كاف ليحسب تجربة شعريةإ فإن مجموع الأبيات الشعرية وانتظامها وتناغمها على طريق التجربة الشعرية والقصيدة.
جمال التجربة الشعرية أو العمل الأدبي الشعري يبدأ بالبيت الشعري، فإذا تم فيه لفظه وصلحت أصوله وقواعده سليمة تامة، ووصل المعنى دون لبس، واتسقت كلماته وتناغمت ايقاعاته وصلح وزنه، فقد خطا خطوة ليقال إنه البيت الشعري التام، أما تمام الجمال فيه، فالفكرة الجديدة والصياغة الجديدة وروح الشاعر التي تلمسها بين كلماته، والاسلوب الذي ترك فيه صاحبه وتجربته، فما كل من قال شعرا ووضع كلمات في قالب موسيقى عروضي شاعر، إنما الشاعر من تميز وميز وجدد سواء بالفكرة والمعنى أم بالأسلوب أم بغير ذلك شرط أن يحافظ على القواعد والأصول.
كل بيت شعري يشكل لبنة في بناء القصيدة أو المقطع الشعري أو المقطوعة، أما القصيدة فناتج العمل الشعري، والمقطع جزء من القصيدة، وأما المقطوعة فمجموعة أبيات لا تزيد عن سبعة تحمل فكرة ولكنها لا تحتمل أن تكون قصيدة.
من الناحية النفسية يشكل البيت الشعري مع الأبيات الشعرية التالية خطا موسيقيا يتوالى مع الأبيات التالية، ذاك أن التجربة الشعرية اما عقلية أو عاطفية وفي عقلانيتها لا تخلو من العطفة أو من الأثر النفسي الذي يحكم توالي الأبيات الشعرية فيما بعد.
أمن من الناحية البلاغية، فاستيعاب الألفاظ المناسبة للبيت والمقام الذي يقال فيه الشعر للمعنى أو الفكرة المراد قولها من ضرورات تمام البيت الشعري، ويبتدأ هذا البيت بعد وضوح الفكرة وتمامها وتمام المعنى في ذهن الشاعر، أو على الأقل نضج تجربته، فالألفاظ الزائدة تسقط وتسقط البيت، وينتهي البيت الشعري بما يسمى بالقافية فالروي، ووجود القافية هو تكامل البيت من نواحيه الجمالية المختلفة، معنى وفكرة، ولغة، وبلغة، ووزنا، وموسيقى ظاهرة ، فلا يبقى بعد القافية ما يقال أو يجب أن يقال.