رؤيا الشاعر ورؤاه.
الشعر، ولا تعالي أو ترفع.
الشعر رتبة ملائكية تصل ما بين ملكوت المسبحين في آفاق السماء وبين الناس في عالم الأرض...
للملائك تسابيح وتراتيل...
والشاعر إذا قال شعرا، فقبل أن يقول يسبح، ويقول يا الله.
والشاعر عندما يطرب يقول يا الله.
والصفة اللازمة الملازمة للشاعر روحانيته الملائكية المتجسدة في بشؤيته الأرضية أشعلت له نار ونورا وفتحت له بصيرة لم تسم إلا بصيرة الشاعر، النار دليل وقبس يوقد همته... والنور منارة الهداية في الدرب الطويل.
يرى الشاعر ما لا يراه غيره... ولا فضل له في ذلك الأمر... إنما فضله إذا أدرك ما يراه واستطاع ايصاله إلى الناس بتواضع وسعة صدر.
البصيرة عند الشاعر، أبواب تفتح فتري الشاعر عوالما لا يعرفها غيره، وأفكارا لم تخطر لغيره على بال.
وربما سمعت شعرا أو حكمة في كلام شاعر، فتحفظها وتمر بها وتتوارد في خاطرك أثناء حدث ما، فتحدث نفسك بأن الشاعر إما أنه يعرفك أو أنه حدث عنك، فما في قوله يصف قلبك وروحك، والأحوال التي يحدث عنها أحوالك.
أما نبؤة الشاعر، فأحسبها نبؤة تختص به وحده، وإن حدث بشيء فهو في الأغلب يحدث نفسه مسبقا قبل حدوث الحدث...
فكم قيل قديما من قصائد نعى الشعراء فيها أنفسهم، أو حدثوا بأمور ثم حدثت مثيلاتها بعد حين.
فالأقربون للشاعر، والشاعر نفسه معنيون بالنبؤة الشعرية، أما الرؤيا الشعرية، فهي إدراك الشاعر للأمر من وجهة نظر الناس ثم إبصاره زاوية اخرى من الأمر لم يفكر الناس فيها.
ورؤى الشاعر وخيالاته وأمانيه نبؤات حينا، وأضغاث أحلام حينا، إن حدث عن الآتي حتى وإن تكلم بصيغة الماضي.
وصياغة الرؤيا الشعرية إذا صيغت شعرا فيها ظرف ولطف، وموسيقى رقيقة... وأحلام وأطياف متراقصة هائمة.
أما الأحلام الشعرية، فتختلف باختلاف الغرض، وصياغتها يحكمها الشاعر بفكره وتفرده واتقانه، إلا أن تدفقها واتقانها لا بد وأن يفيان الحلم حقه، وإلا صارالشعر ماقصا وأصبح الحلم ناقصا.