كيف يحيا الشاعر حرا:
الحرية أمل الناس، وكفاحهم لأجلها.
والحرية فردوس الشاعر.
حريته حرية يصنعها هو، ينطلق معها، ويطلق أحلامه وآماله وخيالاته لا تأخذه من الواقع ولا تعتقه من الخيال، يعيش بها سويا فيزيل بعض من قسوة الحياة مبرقة الأحلام، ويشفى من شوك الآلام بعذب الآمال، ولكنه بين هذا وذاك يحيا حياة بحث طويلا عن اسم لها فلم يجد واتفق الناس والحكماء فيما اتفقوا فسموها حياة الشاعر.
للشاعر حرية في المكان لا يحدها حدود سواء بواقعه أم بخياله وإن كان في خياله لا يدع فردوسا ولا جحيما إلا واجتلى أمره وعرفه، أما في واقعه فحريته التي يصنعها إنما يصنعها حرية له هو لا يفرضها على غيره، فهو يعلم أن الشعر رسالة إنسانية، ورسالته أن يغير بعضا من قوانين الحياة إنما بشكل لا يربك حياته ولا حياة غيره.
وعلى الرغم من أن الشاعر له خيال مجنح وآفاق لا تتراءى إلا للقليل من غيره، غير الشعراء، ‘إلا أنه في واقعه يسعى لأن يكون منهجا لنفسه ومثالا لغيره دون أن يسعى ليفرضه أو يقترحه، تاركا لغيره حرية الاختيار.
في الزمن حرية أيضا، تجده يوما في الزمن السحيق مع شياطين الشعر وأساطينه الأوائل وتارة تلقاه يحادث أملا سوف يصير حقيقة يوما ما، وما بين هذا وذاك هو سيد الزمن، لا يضيع جزءا منه إلا في حلم أو فكرة أو رحلة للماضي أو الآتي من الزمان والمكان.
والفكرة الشعرية كالشاعر لا تعرف إلا الحرية، حرية الزمان المطلقة فإن قتلت قتل الشعر، أما حرية المكان فيليها الأسر وتلهبها الحرية، فالأسر بأشكاله والحرية بألوانها نار الشعر الموقدة.