الدين .. والجنس .. والمرأة
بقلم : عبد الله عبد اللطيف المحامي *
دوما أكره التلفيق .. أحب الحقيقة واضحة وضوح الشمس ، لا أميل إلي الحلول البينيه ، وحين أتأمل فقه المرأة في روايات المشايخ وأهل التفاسير ينتابني ضيق شديد من هذا الأفق الضيق ، الذي يتعامل مع المرأة فقط كجسد مثير وحسب ، ويتعامل مع الرجل كمشتهي لهذا الجسد وحسب ، .
هكذا .. يختصر المشايخ نظرة الدين للإنسان – رجلا أو إمرأة – إلي منطقة الشهوة والغريزة ليس إلا ، متجاهلين عن عمد العقل والإحساس والمشاعر والفكر والثقافة لدي الإنسان .
فالنظرة إلي المرأة سهم من سهام الشيطان .. لا تنظر أيها الرجل إلي المرأة .. كيف ؟ إن نظرتك إليها نظرة شهوانية حيوانية غريزية جنسية وهي علي حد التعبير الفقهي سهم من سهام الشيطان !!! وإختلفوا حول تحديد النظرة .. فمنهم من أحل النظرة الأولي فقط وإن طالت ومنهم من حرمها إطلاقا .
وصوت المرأة عورة .. بل منهم من ذهب إلي القول بأن كل المرأة عورة .. وكأن المرأة مجرد متاع ينقل من مكان إلي مكان .. وليست شخصية إنسانية لها عقل وقلب ووجدان ورأي .... الخ فمجرد سماع صوتها حرام عليها وعليك أيها الرجل !!!
والخلوة مع المرأة .. حرام .. فالشيطان ثالثكما .. حتي لو كنت تعلمها القرآن .. إلي هذا الحد ينظرون إلي الإنسان ككائن حيواني لا يفكر إلا في غرائزه وشهواته ؟ هل نفيتم عنا البعد الإنساني ؟ هل ألغيتم عقولنا ؟ هل إستطاب لكم هذا النظر لنا كبشر نفكر ونعقل ونعرف كيف ومتي نعمل وكيف ومتي نمارس الجنس بحب مع من نحب وبشكل إنساني .. فلسنا حيوانات يا فقهاء الظلم .
والمرأة في نظرهم ناقصة عقل ودين .. ينبغي أن تبقي دوما تحت وصاية وقوامة الرجل أبا كان أو زوجا أو حتي إبنا أو مجرد قريب من العائلة ..
فالمرأة لا تسافر إلا مع محرم لها .. ولا تعيش بمفردها .. وليس من حقها أن تحقق نبوغا علميا أو إقتصاديا أو ثقافيا ، ويمتنع عليها أن تلعب دورا إنسانيا في مجال الخلق الإبداع الفني ، كيف تفعل ذلك وهي الناقصة عقلا ودينا ؟ كيف تبدع وهي المخلوقة من ضلع أعوج
أتذكر أني قرأـ مرة فتوي للشيخ الوهابي – بن باز – يحرم أكررها يحرم علي المرأة أن تلبس بقدمها حذاء بكعب عالي !!! وما تبرير هذا التحريم يا بن باز ، قال أن المرأة حين تلبس بقدمها حذاءا بكعب عالي وتسير في الطريق فإن خطواتها بالكعب العالي تحدث صوتا – نقرا – من شأنه أن يثير الفتنة عند الرجال لذلك يحرم عليها إنتعال النعل ذو الكعب العالي !!!
أي سفه هذا ؟ وأي تخلف ذلك ؟ هل تخشي علي الرجال أن يفتنوا أو تثيرهم صوت الكعب العالي ؟ إلي هذا الحد ليس لدينا ما يشغلنا بعلاقتنا بالمرأة إلا الجنس والغريزة وفقط .
وهكذا عليك ووفقا لهذا الفقه أن لا تنظر إلي المرأة ولا تسمعها ولا تنفرد بها ، وعلي المرأة أن لا تخرج من بيتها ولا تسافر بغير محرم وأن تلبس الحجاب والنقاب قبل أن يغطي جسدها عليها أن تغطي به عقلها ، فهي مخلوق ناقص عقلا ودينا ومخلوقة من ضلع أعوج ، ميراثها نصف الرجل وشهادتها نصف الرجل وهي مملوكة ليمين الرجل ..
هل مجتمع يعتمد هذا الفقه الملبوس بلباس الدين وقد أضفوا علي أنفسهم صفة القداسة ، يقدم لنا هذا النوذج الإنساني المشوه الناقص المليء بالعوار ، يقدم لنا إمرأة محجوبة عقلا وجسدا .. ناقصة عقلا ودينا .. مقيدة في نبوغها وحركتها .. ويقدم لنا رجلا يؤمن بهذه المفاهيم المتخلفة يختصر رجولته في قضيبه الذكري وشهوته الجنسية ، ويختصر المرأة كونها متاع وحسب .. هل تتصورون مجتمعا كهذا من حقه أن يطمح أن يكون له حضارة إنسانية أو مركز مرموقا بين الأمم .. إنه مجتمع يكره نفسه ، يحارب تقدمه ، يناضل في سبيل أن يبقي متخلفا ، مجتمع خرب وفارغ من الداخل ، يقاتلك إذا تحدثت عن قيمة حرية المرأة وفضيلة نشر الثقافة الجنسية في المجتمع ، ومن داخله يمارسون الجنس كالحيوانات .. حقا مجتمع مشوه .
----------
• عضو المكتب التنفيذي ومجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
• Elmohamy20@hotmail.com