حول إعتقال عبدالكريم نبيل سليمان بسبب أرائه ....
حرية الرأي والتعبير في خطر
عبدالله عبداللطيف المحامي *
أحد أهم أزمات مجتمعنا العربي هي أزمة الحوار وقبول الآخر وحرية الرأي والتعبير ، وأقسي ما يعذب النفس الإنسانية أن يضار إنسان بسبب أرائه أو معتقداته أو فكره الذي يختاره .
ويأتي إعتقال الكاتب عبدالكريم نبيل سليمان بسبب أراء له نشرها في خضم هذه الأزمة التي يعانيها النظام الحاكم في مصر ، في الوقت الذي يترك فيه الحبل علي الغارب لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في بث دعاياتها الفجة المتسترة بستار الدين يقوم بإعتقال كاتب أعزل لا يمارس الإرهاب والعنف ولا يملك غير قلمه ورأيه وكلمته وفكره ، والمعروف أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر والرأي لا يفنده إلا رأي آخر ، أما أن يواجه الرأي بالعنف والقسوة هذا ما يخالف كل الأعراف والقوانين وقواعد العدل الطبيعي .
وإذا كانت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص علي أن " لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة " .. وهو ما أكدته المادة 19 أيضا من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أن لكل إنسان حق في حرية التعبير وهذا الحق يشمل حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلي الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء علي شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها .
وحرية الرأي والتعبير مسألة هامة إهتمت بها الإتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان منها الإتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1950 ، والإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1996 ، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان الصادر عام 1981 ، والميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عام 1994 .
وعلي الصعيد الداخلي فقد نص الدستور المصري في المادة رقم 47 علي أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير .
فإذا كان هذا هو الوضع القانوني علي الصعيدين الدولي والوطني ناهيك عن توقيع الحكومة المصرية علي المواثيق الدولية التي تؤكد إحترام حق الإنسان في حريته للتعبير عن أرائه وأفكاره ووفقا للمادة 151 من الدستور المصري تعامل هذه الأحكام متي تم التصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية كتشريع داخلي وتطبق شأنها شأن القانون الوطني بل وتعلو عليه وتنسخ أحكامها ما يخالفها من نصوص القوانين الوطنية الداخلية .
في ظل هذه الأوضاع يتم إعتقال كاتب بسبب أرائه دون تهمة محددة وبدون أمر قضائي بالقبض عليه ودون بيان التهمة الموجهه إليه ودون أن تمكنه من الإتصال بذويه أو محاميه ودون معرفة مكان إحتجازه كل هذه الإنتهاكات تحدث في مصر ضد كاتب بسبب أرائه وأفكاره .
ألا يكفي أصحاب الرأي الإنتهاكات التي يواجهونها من قبل أصحاب الخطاب الديني السلفي وجماعات الإسلام السياسي التي تمارس العنف والإرهاب الفكري والدموي ضد كل أصحاب الفكر والرأي والمبدعين الذين يختلفون معهم .
وتم إعتقال الكاتب عبدالكريم نبيل سليمان علي هدي من أحكام قانون الطواريء ، هذا القانون الذي أصبح يحكم مصر ويطبق وفق رغبات السلطات الحاكمة ، هذا القانون الذي شرع ليواجه حالة طارئه ، ولا ندري أي حالة طارئه تواجه مصر منذ ما يزيد علي العشرين عاما ، أن بقاء حالة الطواريء مخالف للدستور ولكل التعهدات الدولية للحكومة المصرية فهو يعطي للحكومة سلطة التشريع مخالفا لمبدأ الفصل بين السلطات وهو إعتداء علي السلطة القضائية حيث يعطي الحكومة سلطة إستثنائية في التشريع والعقاب والمبدأ المعروف لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص .
من هذا المنبر ننادي بضرورة إطلاق الحريات وإحترام التعهدات الدولية والدستور والقانون .
بإلغاء حالة الطواريء الدائمة !!!
بإطلاق سراح الكاتب عبدالكريم نبيل سليمان وكافة المعتقلين بسبب أرائهم أو معتقداتهم أو أفكارهم .
--------
* عضو المكتب التنفيذي ومجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان .