نسمات باردة تهيمن على كياني .. تلفني بصقيع محبب يجبرني على الإفاقة من سباتي إنه فجر يوم جديد , أتبسم وأعيد غمر نفسي بالغطاء جيداً , أغالب ,استيقاظي ولكن صياح الديك يصر على إعلاني أن الصباح قد حل , في العادة لا أميل للاستيقاظ باكرًاًّ ولكن ,, هنا في منزلنا الجبلي تتغير العادات . تتغير الأشياء , تصبح أكثر جمالاً , أكثر حيوية , أكثر معنى ,, أبقى مغمضة العينين ,, تمر أمام عيني طقوسي ومشاريعي الي سأمضي نهاري اليوم وفق مخططاتي التي وضعتها البارحة معه ,, نعم معه, ذلك الحب الحاني , ذلك الحنان العارم والدفء الغامر , والقلب الكبير .. الذي يحيطني وأنا معه أو ضمن محيطه بالأمان .. بالسلام بالاطمئنان أبتسم بفرحة تدثر كياني . لن أنهض من سريري وسابقي عينيٌّ مغمضتين , سأنتظره لكي يأتي هو يعلم أني أحب الاستيقاظ بين يديه .. وفي أحضانه خطواته تعلن عن قدومه.. يرقص قلبي فرحاً .. يجلس بجانبي .. ويبدأ الدفء بالتسلل لجسدي , لم أعد أشعر ببرودة الصبح . الأمان يسكن بجانبي الآن , يداعب رأسي بيديه الدافئتين , يطبع على جبيني ووجهي قبلات الصباح , يمسك جديلتي الذهبية ينزع عنها شرائطها الملونة ويفلها , يعرفني , لا أحب شعري مفروداً أفهم مقصده .. أصر بعناد وراثي الطبع .. ألا أستفيق .. يعلم أنني أعيش بتصرفاته الحانية أجمل لحظات عمري
ويعلم أني ما زلت مصرة على الاستزادة من كنز دفئه .. يقرأني هو .. أنا معه لا أتكلم لا أعبر , يعلم ما بي وما أريد من مجرد النظر في عينيٌّ فقط ,, أحبه أحب رائحته الممزوجة بالبخور وعطر الياسمين والتي حين أشمها تأخذني إلى ,, أزمنة أسطورية بعيدة . تحملني إلى عالم الخيال .. والحكايات أحس بجسده يتململ بجانبي , أنه يهم بالقيام , بالرحيل , أنقبضْْ !! لا أريده أن يذهب انتظرته أنا ,, لماذا يذهب دون أن أستيقظ .. ؟؟ لماذا..؟ .. هو يعلم أني أنتظر هذه اللحظات لا.. لا يجب أن يذهب , لم أكتفي منه , من حبه , من حنانه , من لمساته الحانية ,, تجتاحني غصة بكا
أحاول السيطرة عليها , تأبى الطاعة , وتخرج دموعي رغم إحكام إغلاق عينيٌ ,, وأتساءل ببكاء يكاد يقترب من .. النحيب !!..وتبدأ جيوش علامات الاستفهام والتساؤل بالحضور تباعا ألم يعد يحبني ..؟ هل أصبحت مصدراً مزعجاً له..؟ هل أغضبته جرعات الغنج التي أمارسها عليه..؟؟ هل إصراري على أن يقص علي حكاياته.. أضجره ..؟؟ هل جلوسي الدائم بأحضانه يزعجه ..؟؟ أم عبثي الدائم بزهور شجيرات ياسمينه يثيره ..؟؟ ..أبكي بحرقة ,, تنهمر دموعي بلا إرادة , أمسحها , كي لا تعلن ألمي وفجأة أشم رائحته من جديد ,, تعود لتملأ المكان ,, وأسمع وقع خطواته تقترب من سريري يا إلهي سيرى دمعي , سيحس أنيني , ماذا أفعل كي لا يراني..؟ ,, لا أريد أن أسبب له ضيقا ًوألماً ..لا يحب أن يراني باكية أو حزينة ,, إنه أكثر من يحزن لحزني ويفرح لفرحي : كان دائماً , يقول لي ,, إن كنت فعلاً تحبينني وتريدين إسعادي ,, دعيني أراك مبتسمة ,, فرحة ,, مشرقة . فبسعادتك فرحي وبحزنك شقائي . وبحركة سريعة أمسكت غطائي وغطيت به رأسي يجلس على طرف سريري ,, يمسك الغطاء ليكشف عن وجهي ,, أعاند بنزعه ,, ينتصر على عنادي يمسح وجهي بيديه الحنونتين , وبحركة طفولية ساذجة وبريئة , أزيد !!.. من إغماض عيني يقهقه كمن فهم ما يجري ,, يزرع وجهي بقبلاته .. عندها تصر دموعي على الخروج غير آبهة بتوسلات أعصابي لحظات قليلة وتصل لأنفي رائحة محببة لي , تقترب من وجهي تلفحني لمساتها وتغمرني بعبقها تمسح دمعي وباقي وجهي , وأشعر بيديه ترفع رأسي و تحاول الوصول إلى عنقي .. أساعده دون إرادتي , يرفعني إلى صدره يحضنني بحنان ويطوق عنقي بتلك الرائحة العطرة ويقول : أحببت أن تستيقظي على شيء محبب لديك فأحضرت طوق الياسمين وكمن صعقت .. أفتح عيني انظر إليه بعيون مليئة بحب لا يوصف وأسأله : لهذا تركتني وذهبت..؟؟ لتحضر لي طوق الياسمين ..؟؟ قال : أجل أحضرت طوق الياسمين .. لعاشقة الياسمين فصباح الياسمين .. يا عبق الياسمين وبحنان الكون كله .. وبحركة لا إرادية لففت ذراعي حول عنقه غمرته بالقبلات وقلت له :صباح الخير والحب والجمال والأمان صباح الياسمين وكل الحنان صباح الخير , , , يا جدي
عطر الروح
. لا بد أن الشتاء قاس ..على من لا يملكون ذكريات دافئة
|