الرابح الوحيد

 

 

#الموت_هو_الرابح_الوحيد


عدتُ من الحربِ شبهَ إنسان، وسط شهقاتِ الحسدِ من رفاقي الشهداء:

"أنت على الأقل تستطيع تقبيل رأس أمك.. ومطالعة محيّا زوجتك وطفلك الذي كبر في سنين غيابك وظل موعودا بعودتك القريبة".

عدتُ كفزّاعة الحقل بساق واحدة وذراعين مبتورين.. واحدة من المعصم والأخرى من المرفق، كحرف مشبّه بالفعل مهما تطاول لا يكسب فاعلا بل اسم يلحق به هو العاجز.

تركت أطرافي هناك في حقل الألغام أشلاء بلا هوية.. وعدت لأعتلي منبر تسريحي من الخدمة مكرّما كبطل حرب.. لتستلم زوجتي عني وسام التكريم، فمنذ اللحظة صارت ذراعي وساقي.

في المنام .. ما زلت اراني كاملاً كيوم خلقت .. ألعب الكرة واعانق بحبّ. 

وفي اليقظة .. مازلت أردد كطفل التوحّد ما قاله لي صديقي يوم عادني في المشفى.. وهو يعدد قائمة طويلة من أسماء الراحلين والمفقودين:  "انتصرنا.. انتصرنا".. 

لكن الفراغ المكمّل لذراعي المبتورة يرفض ان يساير توحّدي ويرفع علامة النصر.



View thana-darwish's Full Portfolio