ألوبُ في شوارعِ المدينةِ
المدينةُ التي لم يبقَ من معالمها إلا ال التعريف.. تجبرني على الاعتراف بأنّها مدينتي.
ألوبُ .. ألوب...
بحثاً عن قصيدةٍ ضاعت مني لحظةَ يقظتي..
قال لي القلب رؤيا الصالحين كشف..
وأنا صدّقت قوله لما استفتيته.. وصدّقت أني صالحة.
ألوبُ .. ألووووب
أسأل العابرين والواقفين عند أطلال منازل الأمس فلا يبرّد لهفتي جواب.
لكلّ امرئ شأن يعنيه و يغنيه .. كأنه يوم الحشر والحساب.
تجيب سؤالي بسؤال امرأة تقوّس ظهرها كمطيّة ركوب.. أضاعت طفلها البكر في حرب 67 ..
"هل رأيته.. يرتدي صدرية بلون كحلي وياقة بيضاء منشاة.. ذهب للمدرسة ولم يعد للآن..
تأخر الوقت و طفلي يرعبه الليل".
أجل يا خالة.. تعطّلت الحافلة في طريق العودة.. وسيعود بعد قليل.
يتهلل وجهها الحقيقي بأملي الكاذب.. و تجلس على رصيف الانتظار المكتظّ .. بينما أصلّي استغفاراً لادعائي الصلاح..
جيد اني أخرست سؤالي لها.. كم حرب شهدت بعد ضياع طفلك يا أماه.. أم الفاجعة مسحت كل التواريخ بعده.
يستوقفني عجوز عاجز..
"يا ابنتي.. ضيّعت بيتي فهلا دللتني عليه
فيه صحن دار وبحرة نافورتها أنس الروح
تعرّش فضاءه دالية.. وتظلل أرضه شجرة نارنج.. بينما يحجّ لياسمينه الجوار كمستراح من الهموم..
خذيني إليه.. فقد ضيعته في زحمة الفنادق والمطاعم وهذه الشواهق الإسمنتية".
أقبّل رأسه المشتعل بالزهايمر و أمسح بكمّي ما طفر من دموعي و أمضي.
ألوبُ .. ألوب....
تقودني خطاي لعشوائيات البؤس
كل من فيها ضيّع الأمل حتى نسي ما تعنيه هذه المفردة.
ال مدينة.. مدينتي
والأهل اهلي
أنا التي عدت غريبة لوكري بلا نوم ولا قصيدة.