"7"
و لمّا طال الليل و عزّ النوم ، رميتُ الوسادة أرضاً فسمعتُ طقطقة عظام، و شفّ القماش عن عيون دامعة لكنها تفيض محبّة.
كنّ يرقبن أرقي بحنوٍّ .. فأدمعن عيني ، من أنجبتهن صرن أمهاتي آن ضعفي.
ليس في طبع ثرثراتي الشماتة التي قد تعتريني كأيّ كائن بشري خالطت باؤه الشرّ..
لأنهن ببساطة فطرة الحياة التي لا تسعى لمجد ولا تبتغي أجراً ولا تنافس لتعتلي عروش الأدب.
قصائدي كريمات الأصل مهذّبات نهلن من أصفى المشارب و رضعن لبان الحياة غير المغشوش .
لذلك أشفقن لحالي ولبثن منتظرات بالصبر موقنات بالفرج.. نادمات على هيجان حرضته إحداهن بنوبة انحباس قهريّ.
وأنا وقد اعتدلت في سريري و أوشك الفجر أن ينبلج ، تسلّل شبحي إلى الورق يبتغي التدوين كعادته طوال عمري، فنهرته و أجلسته قبالتي نضيّع الوقت بحوار وليد لحظته..
اصطنع الشبح دور المحاور الأديب المتأدب وراح يصيغ الأسئلة التي أشتهيها ولم يسألني إياها أحد.. و كنت أفيض أجوبة كساقية ضلّت هداها فقادها الضلال إلى أناها.
لا لم تكن أسئلة..
كانت رقصة تهتز لها الأرض و تتنزل السماوات..
كانت عناق غيوم..
كانت وِرداً صوفيّاً..
لم يكن في الحوار إلانا وقد غاب الأغيار فكأن المقصود منه أنا لا القارئ فغمرتني نشوة الخلق للحظة وغبت عن الوجود.. و رغبة وحيدة تتملكني :
لماذا لا يكون الجميع اشباحاً
الأشباح لا تخيف والظلال اكثر مصداقية و تحرراً.
الملامح و التفاصيل قيود و احتراف و صنعة.
أما الأشباح فهيولى وبرزخ بين المادة و الروح.. و طوبى لمن لاقى شبحه في بهرج الأضواء و الألوان.
يتبع....