"6"
من كان يصدّق أن وسادتي ستستوعب كلّ هذا الاكتظاظ السكانيّ من كلّ عرق ولون.
أعراق نخبوية صافية وأخرى خلاسية هجينة.. ولا عرق بينها يباهي بأزرقه أو يلعن سواده.
ثم بدت لي بلحظة مثل USB .. أو كملف مضغوط اختزل داخله آلاف الصور و الحكايا.
وبلمحة خاطفة رأيتها مدارات و أفلاكاً.. ملائكة و شياطين.. ثم ثقباً هائلاً أسود يبتلع كغول كلّ هذه الأوهام من هبائها حتى مجرّاتها.
وشوشت الوسادة و قاطنيها :
أنا ربّكم الأعلى.. أقداركم و مصائركم بيدي.. إن شئت أنهيكم أو شئت أبعثكم خلقاً جديداً آخر.
لكن الذي حصل أن ربوبيتي ظلت قلقانة و ما زادتها السيادة إلا رقّا و عبودية. وصرت أحسد حشو الوسادة على سكينته مقابل زلزالي الليلي الذي لا تبدو له نهاية.
ثم كأن جفني غمض لبرهة فتجلّت لي قصيدة كالعروس كنت كتبتها في زمن مضى و انقضى ، و عاتبتني دامعة :
كيف طاوعك قلبك أن تتنكري لقديمك بما استجدّ.
حاولت أن أبرر تقلباتي وتغير رؤاي و آرائي و أن سنّة الكون التغيّر و أني لا أنكرها و إنما هي وحي مرحلة ولكل مرحلة ايحاءاتها.
فما كان إلا ان تلاشت كبخار، و انتفضت مذعورة من محاكمة غير عادلة لا أدري من فينا الظالم فيها ومن المظلوم.
يتبع ..